أمام مرأى من الجهات الوصية تتواصل معاناة أزيد من 30 عائلة قاطنة بأقبية عمارات حي "زوج عيون" ببلدية القصبة بالعاصمة، متواصلة مع وضعيتها السكنية المتردية، بعدما ضاقت بها السبل، ووضعتها ظروف حياة الاجتماعية بين خيارين حلوهما مر إما قبول التشرد أو النشر وراء جدران شبيهة بالسجن الانفرادي في ظل غياب أدنى متطلبات الحياة الكريمة، في حين لم تحرك السلطات المحلية أو أي جهة مسؤولة ساكنا لانتشال الأسر من ظروف القهر والمعاناة التي يعيشونها، رغم الملفات العديدة التي أودعت بالبلدية والشكاوي المتهاطلة على المسؤولين الذين تأخروا كثيرا حسبهم في الفصل في قرار ترحيلهم، الذي من شأنه أن يحد المعاناة والحرمان الذي تعيشه تلك العائلات بأقبية عتيقة منذ ما يزيد عن 30 سنة، تجرعوا خلالها مرارة الحياة، التي تزداد سوءا يوما بعد يوم خاصة بعد أن أصبح شبح انهيار تلك الأقبية يهددهم في أي لحظة. وفي سياق ذي صلة، تحدث بعض سكان تلك الأقبية للجزائر الجديدة خلال الزيارة الميدانية التي قامت بها عن الوضع المزري الذي آلت إليه ظروف معيشتهم اليومية، والذي بات لا يحتمل وجعل صبرهم ينفذ وحدة غضبهم تصل الذروة لعدم قدرتهم على تحمل المزيد من المعاناة في ظل انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من قنوات الصرف الصحي والمجاري الخارجية، كما أن الغرف ضيقة جدا تفتقر لأدنى متطلبات التهيئة الداخلية على غرار الماء، خطوط الكهرباء والغاز، فضلا عن تصدع وتشقق الأسقف وهذا لكونها أساسا لم تصمم ليقطنها البشر، مضيفين اضطرارهم للاعتماد على وسائل بديلة كقارورات الغاز وجلب الماء من الخارج لتلبية حاجاتهم، من ناحية أخرى أكد بعضهم أن الوضع يزداد تأزما خلال فصل الشتاء، حيث تتسرب مياه الأمطار داخل البيوت المتآكلة التي عرفت درجة جد متقدمة من التدهور والاهتراء، الأمر الذي أثر سلبا على صحتهم وتسبب في إصابة أغلبهم بالحساسية والربو، وغيرها من الأمراض المزمنة على غرار الروماتيزم الذي أصاب حتى صغار السن، نفس المعاناة يعيشها القاطنون خلال فصل الصيف، الذي ما إن يحل حتى تعرف سكناتهم انتشارا واسعا للحشرات الضارة، فضلا عن تحوّل تلك البيوت إلى أفران جراء ارتفاع درجة الحرارة المتأتية من صفائح الزنك التي يستعينون بها لتغطية السقف، وانتقد السكان صمت وتأخر السلطات المحلية لانتشالهم من الواقع المعيشي المر، مشيرين في سياق حديثهم أنهم أودعوا ملفات طلب السكن طيلة السنوات الماضية لدى مصالح البلدية للاستفادة من سكنات اجتماعية، مضيفين أنهم كلما توجهوا إلى مقر البلدية من أجل الاستفسار تؤكد لهم هذه الأخيرة أن وضعيتهم قيد الدراسة، وهناك مشروع لترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، غير أنهم استاءوا من المماطلة في موعد الترحيل، على الرغم من أحقيتهم في الظفر بسكن يقيهم من المشاكل، ويجنب أطفالهم البؤس والحرمان الذي عاشه أولياؤهم، والذي وصفوه بتجاهل المسؤولين عن قطاع السكن لوضعيتهم مقارنة بالاهتمام البالغ الذي يحظى به سكان البنايات الفوضوية، حيث استفاد غالبيتهم من سكنات، بالرغم من كون العديد من هذه العائلات استقرت خلال العشرية السوداء في مختلف بلديات العاصمة، الوضع الذي أثار مخاوفهم من إمكانية إقصاءهم من المشروع السكني الجديد، لذا يناشد قاطنو أقبية عمارات حي "زوج عيون" بالقصبة السلطات المحلية التدخل العاجل لانتشالهم عن المعاناة التي يكابدونها بهذه الأماكن منذ سنوات طويلة، وضرورة النظر بجدية في انشغالاتهم التي رفعوها في أكثر من مناسبة لترحيلهم إلى سكنات اجتماعية تضمن لهم العيش الكريم.
