أمتع رباعي الفلامينكو لفرقة "كازا باتاس" الإسبانية، التي حلت بالمسرح الوطني محي الدين بشتارزي، الجمهور العاصمي الغفير جدا، في سهرة تندرج ضمن ليالي رمضان الكريم، وقدمت عرضها الموسوم "رايز دي كواترو" أو "جذع أربعة" نسبة إلى الفنانين الأربعة، والتي كانت عبارة عن لوحات فنية رائقة ورائعة بشهادة من حضر، مفعمة بالأحاسيس المرهفة والحماس الفياض، بل كانت رحلة حقيقية وإبحارا مأمون العواقب إلى شبه جزيرة إيبيريا على شراع فن الفلامينكو. نظم الحفل سفارة إسبانيا ومعهد سرفنتاس بالجزائر بالتعاون مع وزارة الثقافة، وجمع العرض العناصر الثلاث للفلامينكو، العزف على القيثار، الغناء والرقص. فعلى مدار تسعين دقيقة ارتحلت الأنغام الرائعة بالجمهور الذي حضر إلى عالم الفلامينكو الذي يفسح من خلاله عزف القيثار والأغاني والرقصات المجال للحظات مليئة بالمشاعر. كانت أنغام الموسيقى المنبعثة من قيثار "خوسيه ألمارشا" التي تبتدئ خافتة هادئة ثم تضطرد ويزداد نغمها قويا ومدويا، وتبعها صوت "فيليكس دو لولا" الذي زاد من تجاوب الحضور وساهم في تحريك حماسه بصوته الأجش الدافئ وبأدائه لأغاني "أسكواس" الجمر و"دو كامينو" الطريق، و"ريكويردو كارمن و"أتذكر كارمن" وأيضا "باسيو" النزهة، ولم يبخل الجمهور على المغني وعلى الفرقة عموما يتحياته وتصفيقاته المتكررة وفسح الركح المجال للراقصين "رافاييل بيرال" و"ماريسا آدام" اللذين أبهرا الجميع بما قدماه من حركات راقصة سريعة وأنيقة ومن ورائها العزف الرائع على آلة القيثار. وقدم الاثنان رقصات انفرادية وأخرى ثنائية تبين فيها مهارة الراقصين. كانت ماريسا حال رقصها تعبث بذيل فستانها الأنيق الطويل، تدفعه كل مرة إلى جنب بحركات مموجة ليتبعها حال سيرها بل رقصها، لتضرب الأرض بقدميها محاكية الإيقاع والموسيقى المنبعثة، لتستنطق الصدى، وتدور بمرونة معتبرة لتصنع تموجات كبيرة تتبعها تصفيقات الجمهور الذي من المؤكد أنه من متابعي الفلامينكو. وكررت مارسيا رقصاتها نزولا عند طلب وإلحاح الجمهور وإن كانت في الحقيقة قد قدمت رقصات مشابهة. في نهاية العرض كرم مدير المسرح الوطني الجزائري، رفقة السفير الإسباني مديرة معهد سرفنتاس الرباعي، الذي أنهى وهو يتسلم باقات الزهور برقصات أخرى هدية للجمهور. وقد صرح "فيليكس دو لولا " قبل الحفل بأن عرض "رايز دو كواترو" (أصل أربعة) هو يدل على الفنانين الأربعة الذين قدموا العرض على الركح قدم ما يطلق عليه "لوس بالوس" وهو لفظ إسباني يدل على الأنماط الأساسية للفلامنكو التقليدية والحديثة. وأعجبت الفرقة بحفاوة استقبال الجمهور وشكلت بالنسبة له مفاجأة حقيقية. تأسست مؤسسة كازا باتاس التي يوجد مقرها بمدريد عام 2000 بهدف أن تصبح مركزا يجمع كل النشاطات المتعلقة بالتعليم والبحث وترقية الكيتار وغناء ورقص الفلامنكو.