« أمارس حرفة صناعة الجلود منذ سنة 1976 والتحقت رسميا بممارسة الحرفة سنة 1978 ، و الفضل في ذلك يعود إلى والدتي التي كانت تمارس الخياطة على ماكينة قديمة ، فاستغليت الفرصة وتعلمت منها تقنيات خياطة الجلود ، لذلك فأنا أعتبر نفسي فنانا عصاميا مائة بالمائة ، ورغم أن بدايات كانت في عالم النجارة إلا أنني لم أرغب في مواصلة ممارسة هذه المهنة وتحولت إلى صناعة الجلود ، ففتحت محلا ببيتنا العائلي بحي البدر بوهران ، واستعنت بأحد المغاربة الذي علمني قليلا حرفة الرسم على الجلود و صنع تشكيلات الحقائب التقليدية، ما جعلني أدرك صعوبة هذه الحرفة التي تتطلب الكثير من الجهد والوقت والصبر ، غير أنني صممت على مواصلة العمل رغم العراقيل التي واجهتني، خاصة بعد رحيل المغربي الذي كان سندي في تلك الفترة، ثم جاءتني بعدها عروض عمل في العديد من المؤسسات العمومية أواخر السبعينيات ، غير أنني عدت إلى حرفتي وطورتها بنفسي بدعم من عائلتي خاصة جدي رحمه الله الذي سمح لي بممارسة هوايتي في البيت العائلي، حيث كنت اشتغل بمفردي ، لأكوّن بعدها 9 عمال من أجل مساعدتي ، لقد اجتهدت وكافحت حتى تمكنت من فتح ورشة لصناعة الجلود والتخصص في ميدان " الكوير "، وأصبح لدي زبائن من مختلف ولايات الوطن وحتى من الخارج، فكنت أول من سطع في هذه الحرفة التقليدية بعاصمة الغرب الجزائري بفضل التنويع في التشكيلات، وليس هذا فحسب بل استطعت أن أصنع وسائل خاصة بتخزين رصاص البندقيات الخاصة بالصيد عن طريق استعمال الجلود الأصلية، ناهيك عن مختلف التشكيلات من حقائب وأحذية و أشكال تقليدية مختلفة. وفيما يخصّ المشاكل فهي تمس بالدرجة الأولى نقص المادة الأولية و أيضا اليد العاملة التي تواجه أزمة كبيرة في ظل العزوف المسجل من قبل شباب اليوم الذين باتوا يبحثون عن الربح السريع ، وهذا يؤدي لا محالة إلى زوال الحرفة و اندثارها ، ناهيك عن نقص الإمكانيات و التحفيز المنعدم من قبل الوجهات الوصية والتنظيم العشوائي للصالونات وأساليب تسويق المنتوجات التقليدية التي تتطلب منهجية وحنكة وأساليب عصرية، وعن طموحاتي فأنا أسعى إلى توريث هذه الحرفة إلى الأجيال الصاعدة، لأن التحف الفنية لا تقارن بالكنوز ولابد من استغلالها ، ولعل أبرز طموحاتي إنشاء معهد خاص لتكوين الشباب ، حيث سبق وأن علمت الحرفة لابني البكر " عبد الوحيد " الذي كان يتقنها رغم انشغاله بدراسته، لكنه الآن يزاول وظيفته في تخصصه الجامعي، ويقصد غرفة الصناعة التقليدية لمساعدتي في بعض التصليحات والترقيعات لمختلف التشكيلات الجلدية، وعليه فأنا أرى أن إنشاء معهد لتعليم الحرف التقليدية بمختلف أنواعها خطوة هامة جدا من شأنها أن تحمي هذه الصناعات من الزوال .