نشاط "سيدار" لن يتأثّر بحادث وحدة تحضير المواد والتّلبيد    احتضنته جامعة محمد الصديق بن يحي بجيجل: ملتقى وطني حول دور الرقمنة في مكافحة الفساد والوقاية منه    الجزائر تنجح في تحقيق تأييد دولي "ساحق" لأم القضايا    فوكة في تيبازة: افتتاح مركز تحضير النخب الوطنية بمعايير عالمية    عطاف يلتقي غوتيريش    اصطياف 2024..فرصة إبراز وجهة الجزائر السّياحية    خلق أزيد من 3000 منصب عمل دائم في المرحلة الأولى من العملية: تسليم قرارات تغيير النشاط وتعديل الشكل القانوني لفائدة المستثمرين بقسنطينة    لعقاب يقرر إنهاء مهام المدير العام لجريدة "الجمهورية"    الأئمّة بالمرصاد لكل المؤامرات التي تحاك ضد البلاد    إيران وسياسة الدفاع الإقليمي في الشرق الأوسط    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمّم    أتلانتا يقصي ليفربول من الدوري الأوروبي    هلاك 5 أشخاص وإصابة 175 آخر بجروح    رقمنة السّكن الاجتماعي.. وإطلاق "عدل 3" قريبا    اتّساع حظيرة المركبات يفرض استعمال تقنية الخرسانة الإسمنتية    ارتفاع جنوني في أسعار الخضر بعد رمضان    وزارة الثقافة تقدّم ملف الزّليج لدى اليونيسكو    36 مؤسسة إعلامية أجنبية ممثّلة في الجزائر    لا بديل عن رفع مستوى التّكفّل بمرضى القلب والشّرايين    نعمل على تقليل ساعات انتظار الحجاج بالمطارات ال 12 المبرمجة    حزب التجمع الجزائري يعقد اجتماعا لمكتبه الوطني تحضيرا للانتخابات الرئاسية    الأندية الجزائرية..للتّألّق وتحقيق أفضل نتيجة    حفل افتتاح بهيج بألوان سطع بريقها بوهران    الإدارة تقرّر الإبقاء على المدرّب دي روسي    "الهولوغرام" في افتتاح مهرجان تقطير الزهر والورد بقسنطينة    في إطار دعم الاستثمار: ترحيل استثنائي لعائلين بأولاد رحمون بقسنطينة لتوسعة مصنع    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم ملتقى حول التنمية البيئية    فايد يشارك في أشغال الاجتماعات الرّبيعيّة ل "الأفامي"    ألعاب القوى/مونديال-2024 / 20 كلم مشي: الجزائر حاضرة بستة رياضيين في موعد أنطاليا (تركيا)    ادعاءات المغرب حول الصحراء الغربية لن تغير من طبيعة القضية بأنها قضية تصفية استعمار    العاصمة.. تهيئة شاملة للشواطئ وللحظيرة الفندقية    هؤلاء سيستفيدون من بطاقة الشّفاء الافتراضية    حصيلة شهداء غزة تتجاوز 34 ألف ومناشدات لتوثيق المفقودين    قطاع المجاهدين "حريص على استكمال تحيين مختلف نصوصه القانونية والتنظيمية"    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    "صديق الشمس والقمر " تفتكّ جائزة أحسن نصّ درامي    الملتقى الدولي "عبد الكريم دالي " الخميس المقبل..    المجمّع الجزائري للّغة العربية يحيي يوم العلم    حركة البناء الوطني تنظم ندوة لشرح خطتها الإعلامية الرقمية تحسبا للانتخابات الرئاسية    باتنة.. إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    وهران.. تعزيز روح المبادرة لدى طلبة العلوم الإنسانية    انخفاض عبور سفن الحاويات في البحر الأحمر بأكثر من 50 بالمئة خلال الثلاثي الأول من 2024    إندونيسيا: إعلان حالة التأهب تحسبا لمزيد من الثورات البركانية    ليفربول يرفض انتقال المصري محمد صلاح للبطولة السعودية    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وْليداتْ وَهْرَنْ..من حكايات مثقفي ما قبل الحراك.!
نشر في الجمهورية يوم 29 - 04 - 2019

قطرة ماء واحدة، كان البحر في البدء، ثم أخرى، ثم أخرى..ثم ولدت به موجة ثم تلتها أخرى. حدث هذا في العام 1985، قبل أحداث الخامس من أكتوبر بسنوات، كنا نتلمس خطى أكتوبر على سكة الثقافة والأدب، لكن مع الأسف فالتاريخ الثقافي الجزائري المعاصر ظل مهملا، إذ لم يُكتب عنه أي شيء يذكر إن مسار ثقافتنا و أدبنا بدون ذاكرة، لم تخلد تاريخه لا السينما، ولا الدراسات، ولا المقاربات السوسيولوجية، ولا حتى سير المثقفين الصادقة، هؤلاء المثقفين الذين شكلوا حجر الصبر على ما عانته الثقافة و الأدب من منع و رقابة و مسخ، و جراء ذلك وعلى إثره ما عانى منه كثير من المثقفين من ملاحقات و تهميش و مضايقات و سجن. حدث هذا عام 1985 إذ كانت وهران بيتنا الجميل، وتحت قبة سمائها كنا نحلم ببناء جزائر كبيرة، متعددة، عامرة بالثقافة التنويرية، وبالفن الراقي، وبالأسئلة الجارحة. كنا على اختلافنا نشكل أسرة ثقافية متعاضدة، تحمل فوق أكتاف أبنائها و بناتها وفي قلوبهم إصرار التغيير، وشغف الذهاب نحو الحداثة و المعاصرة، على الرغم من إدراكنا للسيل القوي الجارف والعاصف من جهة الذي كانت تشكله القوى الدينية ، والتلويح بعصا النظام من جهة ثانية. كنا بين المطرقة و السندان. من ناحيته، النظام الذي يشدد الحصار و يراقب كل صغيرة و كبيرة، ومن ناحيتهم، جحافل الإسلاميين السياسيين الذين تغلغلوا في مفاصل الجامعة، و في الحياة الاجتماعية، وتعالى صوتهم أمام تقهقر السلطة المركزية.
ولأننا كنا نحلم واقفين، نصنع حلمنا بأيدينا لا على الوسائد، فقد قررنا تأسيس جمعية ثقافية، قد يبدو الأمر اليوم هينا، بسيطا، هامشيا، بل و مضحكا ، لكن الوضع كان على خلاف ذلك في بداية الثمانينات، كل شيء مقيد و مراقب، والاجتماعات تخيف السلطة، و خاصة إذا كانت هذه الاجتماعات لمن يطلقون عيهم ب« مثيري الشغب»وهم ليسوا سوى الكتاب و المسرحيين و الصحفيين .
اجتمعنا في «المكتبة البلدية» أي «الكاتدرائية» ولهذه المؤسسة حكايتها أيضا، سأرويها لاحقا، فقد حاول الإسلاميون وضع اليد عليها، وتحويلها إلى مسجد، إلا أن موقف النخب الثقافية، وأيضا تجاوب وزير الثقافة آنذاك «الدكتور عبد المجيد مزيان»، هو الذي عجل بتحويلها إلى مكتبة و مركز إشعاع ثقافي مهم، قادته في البداية السيدة «جميلة بنكيران» بيد فنانة، فأصبحت المؤسسة محورا أساسيا في المدينة، و هي الآن تسمى باسم «بختي بن عودة» أحد شهداء العشرية الدموية. في هذه المكتبة اجتمعنا. ثلة من «مثيري الشغب». على الرغم من اختلافاتنا، إلا أن هدفنا كان واضحا وهو التأسيس لصوت ثقافي خارج إطار ثقافة النظام الجامدة. اجتمعنا و قد جئنا من آفاق و حساسيات فكرية و جمالية مختلفة، هذا القادم من علم الاجتماع كما كان عمار بلحسن و عمار يزلي، و ذاك القادم من المسرح كما هو عبد القادر علولة و محمد أدار، و هذا القادم من الصحافة الأدبية كما هو بلقاسم بن عبد الله و عزالدين بلكدروسي، و هذا القادم من الأدب كما هو أمين الزاوي و أم سهام وربيعة جلطي (صاحبة هذا المقال.) اجتمعنا في جلسة تأسيسية، و قد اخترنا اسم «إبداع» لجمعيتنا الجديدة، وأذكر أنه كان من اقتراح عبد القادر علولة، ثم رسمنا خطة عمل ثقافي شاملة، في الملتقيات و العروض المسرحية و التشكيلية و القراءات. لكن.. ما أن انفض الاجتماع و قد كلِّف كل واحد بمهمة تنظيمية في الإعلام، و البرمجة، والإشراف على نشرية وغير ذلك،ومرت ثلاثة أيام، فإذا بالشرطة تسد تعينا واحدا واحدا، وكأننا جماعة أشرار، وأول عقاب كان سحب جواز سفر لكل من تم التحقيق معه. و في جلسة التحقيق مع رجل الأمن الذي بدا مترددا في أسئلته، كان التركيز على - كم «عدد» المشتركين، ومَن هو صاحب الفكرة، وهل هناك أجانب في الجمعية، ومَن سمح بالاجتماع..؟ و على الرغم من هذا التضييق كله و سحب الجوازات، و توقيف الترخيص للجمعية، إلا أنه و بمجيء 5 أكتوبر، عاودنا الاجتماع، و هذه المرة كان بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين فرع وهران، و تقريبا بنفس العناصر، و قد التحق بنا محمد طيبي (فيما أذكر و جمال زعيتر و جمال سي العربي) و في هذه المرة فكرنا في إنشاء «الاتحاد الكتاب الديمقراطيين الجزائريين.) وأنا أفكر في هذا كله تأكدت أن حراك اليوم ليس وليد الصدفة، و لم يسقط من السماء، بل هو عبارة عن تراكمات نضالية في كل شبر من البلاد، شكلت هذا الصوت الهادر من المواطنين البسطاء، والشباب، والمثقفين، والإعلاميين، والفنانين، والجامعيين. - نعم.. إن البحر بدأ بقطرة، ثم أخرى حتى خرجت منه الأمواج العاتية، وستعلو أكثر.!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.