في كل عام من شهر رمضان المبارك تُثار مسألة يعتبرها الرياضيون المسلمون من مختلف أنحاء العالم أمرًا ذا حساسية بالغة ألا وهو الاختيار ما بين خوض المنافسات الكبرى أو الصيام وأثره على الأداء في مختلف الرياضات وتحديدًا كرة القدم. ومع ارتفاع عداد اللاعبين المسلمين المشاركين في مختلف المنافسات الأوروبية والدولية خلال هذا الشهر الفضيل, ترتفع وتيرة التساؤلات عما إذا كان للصيام أثر إيجابي على أداء اللاعبين مع الاحتفاظ في أغلب الأحوال بقرار الصيام للاعب نفسه. وقد لا يواجه اللاعبون في منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية مشكلة في ذلك إذ غالبًا ما يقوم المدربون بتعديل جدول التدريب بما يناسب ساعات رمضان. ولكن في الدول الغربية قد يجد المدربون صعوبة في تغيير جدول الفريق بأكمله من أجل لاعب أو لاعبين. وهذا ما يجعل اللاعبين في وضع أكثر صعوبة مما ينعكس على أدائهم. الانخفاض في الأداء.. إعياء وهمي أم حقيقة ؟ وتشير أحدث الأبحاث حول الصيام والأداء الرياضي التي أجراها «سبيتار» وهو مستشفى جراحة العظام والطب الرياضي بالدوحة (قطر) أن لصيام رمضان تأثير على أداء لاعبي كرة القدمي فحينما تتحدث الأرقام يشهد اللاعب المحترف انخفاضًا في معدلات الأداء فالمسافة التي يركضها لاعب كرة القدم مثلا خلال مباراة واحدة تصبح أقل مقارنة مع غير الصائمين. ولكن هذا لا يعني أن السبب الرئيسي لتراجع الأداء هو تأثير الصيام. بل يرجح الباحثون في «سبيتار» أن سبب هذا التراجع قد يعود لظاهرة تُعرف باسم «الإعياء الوهمي» وهو ما يجعل اللاعب يشعر بأن الصيام يخفض مجهوده فمن يعتقد أن الصيام في شهر رمضان يسوده التعب والإرهاق سينعكس عليه ذلك والعكس صحيح. وتؤكد العديد من الأبحاث المنشورة على فوائد الصيام بشكل عام لصحة البدن والذهني وتحديدًا الصيام المتقطع أما آثاره فتختلف من منطقة لأخرى وترتبط بعدة عوامل أولها الموقع وقرب البلد من خط الاستواء وتغير الطقس خلال العام. فعلى سبيل المثال اللاعب في دولة قطر يصوم مدة 15 ساعة يوميًا أما إذا كان اللاعب يعيش بعيداً عن خط الاستواء على سبيل المثال في شمال أوروبا فإن مدة الصيام تميل إلى أن تكون قصيرة جداً في الشتاء وطويلة جداً في الصيف (يمكن أن تصل إلى 20 أو 21 ساعة) ولا شك أن ذلك يمثل تحدياً كبيراً لهم مع اختلال نظامهم الغذائي وساعات النوم. وخلال شهر رمضان يحدث تغير كبير في النظام الغذائي لدى الأفراد نتيجة لتعديل روتين تناول الطعام وقد يصحبها العديد من الاضطرابات في الجهاز الهضمي التي تؤثر على الصائم ويفيد خبراء «سبيتار» أنه ومن خلال التغذية المتوازنة يمكن للرياضيين تحقيق الاستفادة المثلى من الصيام شريطة الحفاظ أيضًا على فترات نوم متوازنة وفي أماكن مظلمة. وبالنسبة للتدريبات الجماعية يمكن للفرق المكونة من الأغلبية المسلمة التدرب في الليل بعد الإفطار وفي حال أراد الفريق أن يتدرب مرتين في اليوم فيمكن إجراء جلسة تدريبية خفيفة قبل الإفطار ويمكن للاعبين بعدها أن يفطروا. وبعد مرور ثلاث ساعات على الإفطار يمكن للفريق أن يقوم بالتدريبات التي تتطلب مجهوداً أكبر وأما الفرق التي تحتوي على أقلية مسلمة فتكون معظم جلسات تدريباتهم في الصباح أو فترة الظهر مما يصعب على اللاعبين مهمة الصيام وقد يسبب ضغط أكثر على أدائهم. توصيات للمحافظة على أداء مرتفع خلال رمضان ومن أبرز التوصيات التي من شأنها أن تساعد الرياضي الصائم على تقديم مردود عالي, هي توقيت وشدة التمرين, حيث يمكن أن يتطلب تعديلاً لتحسين الاستجابة للتمرين التدريب قبل أو بعد غروب الشمس له أفضلية. كما يجب أن يكون المدرب على دراية بتأثير الساعة البيولوجية في الأداء والآثار المترتبة على التغير في هذه العادات عند التخطيط للتمرين, كما يجب على الرياضيين تجنب الغفوة في أوقات غير مناسبة لأوقات طويلة لأنها ستسبب صعوبة في النوم لاحقاً وستؤثر على الساعة البيولوجية. وعند التدرب في وقت متأخر من اليوم يجب على الرياضيين الانتباه إلى مستوى «الجلايكوجين» والتعرق بمراقبة نشاطهم وتعرضهم للأجواء الحارة خلال اليوم. ومن الضروري ايضا مراعاة كمية الطعام الذي يتناولونه خلال الإفطار والسحور لضمان أقصى استفادة من الغذاء للتدرب والمنافسات. كما يجب على الرياضيين الحصول على سوائل كافية والأملاح (بخاصة الصوديوم) بعد غروب الشمس وقبل الشروق لضمان تعويض كامل للتعرق ومنع الجفاف ، فضلا عن المراقبة الفردية للتدرب واستهلاك الطعام والسوائل وعادات النوم.