انتشرت في السنوات الأخيرة، ولاسيما مع حلول شهر رمضان، ظاهرة سلبية في مجتمعنا، تتمثل في انتهاك حرمة وقدسية بيوت الرحمان، حيث يقوم بعض المصلين، بتصرفات وسلوكات مخالفة لتعاليم ديننا الحنيف، مخالفين بذلك الأخلاق والشمائل التي كان يحرص نبينا المصطفى عليه أزكى الصلاة والتسليم على تعليمها وتلقينها للصحابة رضوان الله عليهم، حيث باتت هذه الأيام العديد من المساجد بوهران وحتى باقي ولايات القطر الوطني، عرضة لبعض الظواهر السلبية التي يجب محاربتها وعدم التهاون معها مستقبلا. من بين هذه الظواهر التي انتشرت في مساجدنا، النوم والاستلقاء في بيوت الرحمان، قبل الصلوات المفروضة أو حتى بعدها، مبررين ذلك بالتعب والإرهاق والحرارة الشديدة، وهي مبررات واهية، تؤكد فهمهم الخاطئ وغير الصحيح للصيام، الذي يستدعي البذل والعطاء وتحمل مشاق الصيام، وبالرغم من الحملات التحسيسية للدعاة والأئمة، الذين ما فتئوا يشددون على ضرورة عدم الخلود إلى النوم أو القيلولة في بيوت الله المقدسة، إلا أن ذلك لم يشفع لهم لمنع هذه الظاهرة السلبية والمشينة، دون أن ننسى ظاهرة السرقات في بعض المساجد، حيث باتت هذه الأماكن الطاهرة، غير آمنة وكثيرا ما اشتكى المصلون من سرقة أحذيتهم وأغراضهم وأموالهم، حيث أظهرت العديد من الكاميرات المنصوبة داخل المساجد وبيوت الوضوء، عمليات سرقة يقوم بها بعض الشباب وحتى الكهول، مباشرة بعد إقامة الصلاة، وهي الظاهرة التي أضحت تشوه كثيرا صورة ديننا الحنيف وتطعن في جماليته ورسالته العالمية الصافية. فضلا عن الثرثرة والحديث في الشؤون الدنيوية، لما يكون الأئمة يلقون دروسهم فوق المنابر أو في حلقات الذكر والعلم، وهي الظاهرة التي كثيرا ما تحدث عنها المشايخ الأكارم في مختلف الندوات والدروس والملتقيات، إذ أنها تشوّش على المصلين وتمنعهم من السماع للخطب والأدعية والأذكار، كما أنها تنتهك قدسية بيوت الله وترفع عنها تلك الهالة والمكانة السامقة، كأماكن يرفع فيها ذكر الله وتقام فيها الصلوات. جلب الأطفال والتواصل بالفايسبوك كما نشير هنا إلى مسألة أخرى وهي ظاهرة قيام بعض النسوة وحتى بعض الآباء، بجلب أبنائهم وبناتهم في المساجد، حيث عادة ما ترافق ويصاحب ذلك، بكاء الأطفال وصراخهم في المساجد، واللعب والركض داخل باحة الجامع، وهي السلوكات التي ينبغي القضاء عليها، وعدم تكرارها مستقبلا، لأن المسجد أسس خصيصا لتقام فيه الصلاة، وليس للعب واللهو والترف، كما انتشرت ظاهرة أخرى، ترافقت والتطور التكنولوجي والرقمي الذي تشهده مجتمعاتنا، على غرار التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كالفايسبوك والانستغرام والمحادثة عبر المسنجر، مع الأصدقاء، حيث وفي آخر المسجد وأثناء صلاة التراويح، يعمد الكثير من الشباب إلى فتح حسابات «فايسبوك» والحديث مع أصدقائهم، ما ولد حالة من الغضب لدى الكثير من المصلين، ووصل الأمر إلى حدوث شجارات استدعت تدخل الأئمة، وهو الأمر نفسه الذي تعمد إليه الفتيات في الجناح المخصص للمصليات، وعادة ما يكون الحديث عن الفطور والسهرة الرمضانية هو السمة الغالبة لمعظم النسوة، فمعظمهن يهربن من غسل الأواني وبعض التزامات البيت، وأخريات يجدن في التوجه إلى المسجد فسحة لاستقصاء الأخبار، رغم الملاحظات الكثيرة التي يطلقها الأئمة في كل يوم، التي تتمحور حول ضرورة التزام هؤلاء النسوة بيوتهن للتكفل بأبنائهن الرضع والصغار تبعا لمسؤولية التربية التي تقع على كاهلهن. وما زاد الطين بلة هو مرافقة الأطفال لهن، ما أدى إلى حدوث فوضى، حيث تحولت ساحات المساجد إلى مكان للركض واللعب بعد التقاء الأطفال فيما بينهم، لتنشغل الأمهات بعدها بالقيل والقال دون ممارستهن أدنى رقابة على ما يفعله الأبناء. علف التمر تحت الزرابي من جهة أخرى، وفي الكثير من مساجد وهران، انتقد الكثير من الأئمة أثناء دروسهم التي يلقونها قبل التراويح عدم حرص المصلين على نظافة المسجد خلال تناول الوجبة الخفيفة للفطور التي تسبق صلاة المغرب، فعادة ما يجد المنظفون بقايا التمر تحت الزرابي وعند مدخل المسجد، ومن المصلين من يسكب الحليب في الزرابي ما ينتج عنه انبعاث روائح كريهة فيما بعد، لهذا استحدثت بعض المساجد طاولات أمام الباب توضع عليها أكواب اللبن والتمر تفاديا لهذه التجاوزات. هذا ويؤكد العديد من الأئمة أن الحرص على نظافة المسجد وآدابه يوازي المحافظة على صلاة الجماعة، لأن المسجد هو بيت الله والمحافظة عليه ومراعاة نظافته واجب الجميع، بما فيها الهدوء والسكينة وعدم رفع الأصوات داخله، فيما استنكر الأئمة الكثير من السلوكات المشينة التي عادة ما تطفو إلى السطح في شهر رمضان الكريم من تلاسن بين المصلين وشجارات وغيرها، ودعا إلى توجيه النفس إلى قراءة القرآن والذكر في كل وقت من الأوقات، مع ضرورة تعليم الأطفال آداب المسجد ومرافقتهم لحفظ وقراءة القرآن رفقة والديهم في الصلوات.