لم تجد تحذيرات الأئمة ودعواتهم المتكررة للمصلين لعدم اصطحاب أبنائهم الصغار الذين يصعب السيطرة عليهم لبيوت الله، حتى لا يحدثون فوضى عارمة ويزعجون مرتادي المساجد فيخرجوهم من الأجواء الروحانية ليشغلوهم ببكائهم وصراخهم والقفز على ظهورهم. نواة تمور، بقايا طعام ولبن مسكوب على زرابي الصلاة هو جزء بسيط من الفوضى التي يخلفها الأطفال يوميا فوق سجّادات المساجد، ناهيك عن الركض المستمر ولعبهم في الأماكن المخصصة للصلاة ما يتسبب في أذية المصلين ويضطرهم لإعادة الصلاة أو الدخول في مشادات مع أهالي الأطفال، لكن الظاهرة تتكرر كل عام وبشكل أوسع. وإن كانت الفوضى في الأعوام الماضية مقتصرة على صلاة التراويح حيث تعوّد الآباء والأمهات على اصطحاب أبنائهم الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات، للعب خلال تفرغهم للصلاة وهو ما استدعى تدخل الأئمة بقوة بعد تلقيهم شكاوى من المصلين وذلك من خلال الدروس وتوجيه الملاحظات لكن العائلات لم تستجب للتعليمات. ليفاجأ المصلون بتطوّر الأمر هذه السنة، فبعد التراويح جاء الدور هذه المرة على صلاة المغرب، فالأطفال يذهبون للمسجد مصحوبين بذويهم أو فرادى، وخلال توزيع صدقات المحسنين على المصلين ليفطروا عليها، يحدثون جلبة كبيرة من خلال تهافتهم على التمر والماء وتركهم لبقايا الطعام وقارورات المياه المعدنية البلاستيكية ملقاة على سجادة الصلاة. يحكي لنا أحد المصلين بانزعاج شديد عن سلوك الأطفال الصغار داخل بيوت الله وقلة وعيهم وتصرفاتهم التي لا تليق بحرمة وقدسية المسجد يقول: "لا أستطيع فهم هؤلاء الأولياء كيف يسمحون لأنفسهم بجلب أطفال أعمارهم مابين 3 و5 سنوات للمساجد، والأدهى من هذا يأمرونهم باللعب ولا ينهرونهم"، ليضيف مثلا: أمس ذهبت للمسجد كي أصلي صلاة المغرب فقام أحد الأطفال بسكب قارورة اللبن المخصصة لإفطار الصائمين على السجادة ولم يتدخل والده لتنظيفها وغادر بعد الصلاة. وفي السياق، اعترف إمام مسجد براقي الشيخ عبد الحكيم جبالي، باصطحاب بعض الأولياء لأطفالهم الصغار بالحفاظات لبيوت الله أثناء الصلاة، وهناك فئة أخرى يأتون للمسجد بمفردهم للعب وهذا لا يليق ببيوت الله. ليضيف بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين"، فمن خلال الحديث يتضح أن سن الإدراك لدى الطفل هو سبع سنين وفي هذا العمر يبدأ بالصلاة ويستطيع التمييز بين المكان والانصياع لأمر والديه أو الإمام. وكشف الشيخ عن حرصهم وتذكيرهم في كل مرة للمصلين بعدم اصطحاب أبنائهم الصغار الأقل من سبع سنوات لكن من دون فائدة فهم لا يستجيبون.