من العبارات التي لقيت قبولا وإجماعا لدى مكونات الأمة الجزائرية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية والإديولوجية أن الصحة في الجزائر مريضة وبحاجة إلى علاج، لكن بقيت العبارة مطاطة وعامة وحمَّالة أوجه وقراءات فأي نوع من المرض هذا الذي تعاني منه الصحة، هل هو مزمن خطير يلازم صاحبه إلى أن يضعه في القبر أم يرجى البرء منه بعملية جراحية أو مضادات حيوية تكون كافية للقضاء على الجراثيم والفيروسات . الأكيد أن مرض قطاع الصحة خطير فقد أودى بحياة العشرات بسبب الاستهتار والإهمال والاستخفاف وأصاب المئات بعاهات مستديمة جراء أخطاء طبية أقرتها المحاكم إلا أن المرض يمكن علاجه إن توفرت الإرادة بوضع مخطط إصلاحي صارم يلتزم مستخدمو الصحة بمحاوره وآليات تنفيذه بعد رد الاعتبار لهم ومنحهم المكانة المهنية والاجتماعية التي تليق بهم كنخبة في المجتمع وتوفير الهياكل والمعدات والأمن والبيئة المناسبة لبذل أقصى الجهد في إنقاذ حياة الأشخاص وتطبيبهم، وبعد توفير هذه المطالب التي طال انتظارها تتم عملية رقابة ومحاسبة لصيقة على أدائهم وعلى مدى التزامهم بواجباتهم المهنية التي على رأسها أنسنة التعامل مع المرضى والنظر إليهم بعين الرحمة وليس مجرد حالة تُعامل كمعاملة السيارة المعطوبة من قبل الميكانيكي . ومن المضادات الحيوية التي يجب أن يستهلكها قطاع الصحة بجرعات منتظمة هي محاربة السمسرة داخل مرافقه العمومية لصالح العيادات الخاصة فهذه الظاهرة أضحت خطيرة للغاية حيث يتم حرمان المواطن من حقه في إجراء التحاليل والفحوصات بالأشعة بحجة عدم توفرها وإرشاده نحو مراكز تحليل خاصة يكون هناك اتفاق مسبق بين الجهتين على حساب جيب المواطن البسيط والأمر سيان بالنسبة للعمليات الجراحية فهناك أطباء بعضهم برتبة بروفيسور أصيبوا بشلل ضميري يرفضون إجراء العمليات في المستشفيات العمومية ويضربون موعدا للمريض داخل العيادات المتعاقدة معهم وفي هذه الحالة " ماذا يفعل الميت في يد غسَّاله " .