في إحدى توجيهاته لمسؤولي الدولة دعاهم السيد رئيس الجمهورية إلى إحاطة أنفسهم بالكفاءات لا بالولاءات , و افتخر سيادته في حديثه لقناة روسيا اليوم بتخرج 200 ألف إطار سنويا من الجامعة الجزائرية , و هي ثروة أثمن من كل الثورات إن أحسن استثمارها . بل إن السلطات الجزائرية الجديدة أصبحت مجبرة على البحث عن كل الوسائل المتاحة لإدماج الشباب عموما و الشباب المتخرج من الجامعات و المعاهد العليا في سوق العمل , و إلا فإن هذه الثروة الهامة ستبقى فريسة سهلة تتنافس على استدراجها و استغلالها الدول العظمى بأبخس الأثمان , حيث تسعى معظم الدول الغربية إلى تبني مبدأ "الهجرة الانتقائية" لإفراغ دول الجنوب من كفاءاتها ,وبالتالي بقاء هذه الدول سجينة التبعية للغرب أحقابا قادمة زيادة على أحقاب مضت. إن الأخطار المحدقة بالكفاءات الوطنية الشابة , سواء تلك التي تنتظر فرصة الحصول على منصب عمل أو تلك التي حالفها الحظ في الاندماج في سوق العمل و لاسيما على مستوى الإدارة العمومية , جراء ما يتجاذبها من إغراءات الهجرة إلى الخارج "بريطانيا شرعت أبوابها لاستقبال حاملي شهادة الدكتوراه" ,و ما توفره من الإمكانات المعتبرة لتطوير مهاراتهم ضمن إطار مهني جذاب و محفز تضعه تحت تصرفهم الدول الأجنبية المضيفة , و الأخطار المحدقة بهذه الكفاءات أيضا جراء عدم استغلالها الاستغلال الأمثل في المهام المنوطة بها بوطنها بحكم تقاليد بيروقراطية روتينية جعلت رأي المسؤول يسقط خبرة التقني من جهة , و بحكم إحاطة المسؤولين أنفسهم بالولاءات بدلا من الكفاءات . إن مثل هذه المعاملات هي المسؤولة عن تهميش الكثير من الكفاءات المغمورة بين دواليب الإدارة العمومية , و التي من طول ما عانته من إقصاء , ومن عدم أخذ آرائها بعين الاعتبار فقدت الثقة بالنفس بل , أصبحت تبادل التهميش باللامبالاة و استعجال الإحالة على المعاش حتى قبل أوانه , مما انعكس سلبا على قدراتها و إمكانياتها , لشعورها بعدم الجدوى في تطوير كفاءاتها و خبراتها , ما دام مستخدمها لا يشعر بالحاجة إليها إلا نادرا؟ و بالتالي فإن التفاتة السيد رئيس الجمهورية إلى هذه الكفاءات من حين لآخر , كفيلة ليس فقط بإعادة الاعتبار للإطارات المهمشة , و إنما أيضا في تفادي أخطاء تدفع ثمنها و تيرة وكلفة التنمية , أموالا طائلة و وقتا كثيرا يذهب من أجل إصلاح ما أفسدته آراء المتطفلين غير المختصين. و توجيهات السيد الرئيس لصالح الكفاءات في المجال هي للتنفيذ لا للاستئناس .