وضع المشرع الجزائري ترسانة من القوانين وأنشأ مجموعة من المؤسسات التي بإمكانها التصدي للجرائم الإلكترونية التي أصبحت تؤرق الجميع ولم تسلم منها حتى الدول، حيث يقدم لنا الأستاذ والخبير القانوني حميدش غسان من مجلس قضاء ميلة هذه الظاهرة من المنظور القانوني في هذا الحوار: ^ هل بإمكاننا اعتبار ظاهرة جرائم الكمبيوتر والانترنت ، أو الجريمة الإلكترونية ، من الظواهر الاجرامية المستجدة؟ نعم يمكننا اعتبار ذلك لاسيما انكشاف معاناة المجتمعات في العالم من انتهاك للحقوق والخصوصيات الإلكترونية وهذا في ظل انتشار الجريمة الإلكترونية. ^ كيف ظهرت هذه الجرائم؟ جاء ظهور هذا النوع من الجرائم بالتزامن مع التطورات التي تطرأ على التقنيات والتكنولوجيا التي سرعت سبل التواصل وتبادل المعلومات بين مختلف الشعوب والحضارات. وقد تزامن مع ذلك ظهور نوعين من البشر الاول من يستعمل هذه التقنية بصفة مشروعة أما الثاني وهو من يستعملها في الشر والاجرام والذي يوصف كمجرم يسعى لتحقيق أغراض غير مشروعة كالسرقة والسطو والابتزاز والتشهير وغيرها من الأفعال والسلوكيات المجرمة قانونا. ^ كيف عالج المشرع الجزائري هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعاتنا المحافظة؟ بالنسبة للتشريع الجزائري فقد احدث قسما في قانون العقوبات ضمن القسم السابع مكرر من الفصل الثالث الخاص بجرائم الجنايات و الجنح ضد الاموال تحت عنوان المساس بأنظمة المعالجة الألية للمعطيات ضمن (القانون رقم04-05 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 ). ^ وماهي العقوبات المسلطة على المتورطين في هذا النوع من الجرائم؟ حسب القانون سالف الذكر نجد أن المادة 394 مكرر تنص على أنه «يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر الى سنة و بغرامة من خمسين ألف الى مائة ألف دينار كل من يدخل أو يبقى عن طريق الغش في كل أو جزء من المنظومة للمعالجة الالية للمعطيات أو يحاول ذلك . ^ وفي حالة المساس بالمعطيات أو تخريب المنظومة؟ في هذه الحالة تضاعف العقوبة فاذا ترتب عن ذلك حذف أو تغيير لمعطيات المنظومة، أو إذا ترتب على الأفعال المذكورة أعلاه تخريب نظام أشغالها تكون العقوبة الحبس من 06 اشهر الى سنتين و غرامة من خمسين ألف الى مائة و خمسون ألف ديناربينما « المادة 394 مكرر1 فتعاقب بالحبس من 06 اشهر الى 03 سنوات و بغرامة من 500 ألف دج الى 2 مليون دج كل من ادخل بطريقة الغش معطيات في نظام أو أزال او عدل بطريقة الغش المعطيات التي يتضمنها « . ^ وفي حالة تسريب هذه المعطيات أو المتاجرة بها؟ في هذه الحالة فإن المادة 394 مكرر 2 تعاقب بالحبس من شهرين الى 03 سنوات و بغرامة من واحد(1) مليون دج الى خمس (5) ملايين دج كل من يقوم عمدا و عن طريق الغش بتصميم أو بحث او تجميع أو توفير أو نشر أو الاتجار في معطيات مخزنة أو معالجة أو مراسلة عن طريق منظومة معلوماتية يمكن ترتكب بها الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم ، ويعاقب أيضا على حيازة أو إفشاء أو نشر أو استعمال لأي غرض كان من المعطيات المتحصل عليها من إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم . ^ وإذا تعلق الأمر بالمساس بالأمن القومي؟ هذا الأمر تطرق له المشرع من خلال المادة 394 مكرر 3 التي تضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذا القسم اذا استهدفت الجريمة الدفاع الوطني أو الهيئات و المؤسسات الخاضعة للقانون العام دون الاخلال بتطبيق عقوبات اشد، فحسب المادة 394 مكرر 4 « يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم بغرامة تعادل خمس مرات الحد الاقصى المقرر للشخص الطبيعي وتعاقب المادة 394 مكرر 5 « كل من شارك في مجموعة أو في اتفاق تألف بغرض الاعداد لجريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم و كان هذا التحضير مجسد أو عدة أفعال مادية يعاقب بالعقوبات المقررة للجريمة ذاتها ^ ماذا عن الأجهزة المستخدمة في هذا الإطار؟ في هذه الحالة جاء في المادة 394 مكرر6 أنه « مع الاحتفاظ بحقوق الغير وحسن النية فإنه يحكم بمصادرة الأجهزة و البرامج و الوسائل المستخدمة مع اغلاق المواقع التي تكون محلا لجريمة من الجرائم المعاقب عليها وفقا لهذا القسم على اغلاق المحل أو مكان الاستغلال إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم مالكها . المادة 394 مكرر 7» يعاقب على الشروع في ارتكاب الجنحة المنصوص عليها في هذا القسم بالعقوبات المقررة على الجنحة ذاتها . ^ وماهي الهياكل التي وضعتها الدولة للتصدي لهذه الظاهرة؟ عملت الدولة الجزائرية على محاربة الظاهرة من خلال مجموعة من الهياكل الخاصة التي وضعتها لهذا الغرض تهدف من خلال إلى التصدي لهذه الجرائم الإلكترونية اقليميا ودوليا. ^ ماهي الهيئة المخولة قانونا للتصدي لجرائم التعدي على مؤسسات الدولة أو المساس بالمصالح الإستراتيجية الوطنية؟ هذه المهمة أوكلتها الدولة للهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال وقد أنشئت بموجب القانون رقم04-09 المؤرخ في 5 أوت 2009 الخاص بالوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال ومكافحتها، التي من مهاما تفعيل التعاون القضائي والأمني الدولي وإدارة وتنسيق عمليات الوقاية، والمساعدة التقنية للجهات القضائية والأمنية عن طريق الخبرة القضائية وغيرها في حالة الاعتداءات على منظومة معلوماتية وفي حالة تهديد مؤسسات الدولة أو الدفاع الوطني أو المصالح الإستراتيجية الاقتصاد الوطني. ^ وهل وضعت الدولة في هذا الشأن أقطابا جزائية متخصصة تنظر في هذا النوع من الجرائم؟ أكيد أن المشرع لم ينس هذا الأمر ووضع هيئات قضائية جزائية متخصصة أنشئت بموجب القانون 04/14المؤرخ في 10/11/2004 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية التي تختص بالجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات طبقا للمواد37،329،و40 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري (ق.إ.ج.ج) التي تتمتع باختصاص إقليمي موسع طبقا للمرسوم التنفيدي رقم 06/348 المؤرخ في 05/01/2006، بحيث تنظر في القضايا التي لها علاقة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال المرتكبة في الخارج ولو كان مرتكبها أجنبيا وإذا كانت تستهدف مؤسسات الدولة أو الدفاع الوطني حسب المادة 15 من القانون رقم 04/09. ^ وما هي الآليات التي تمكن الدولة من التحقيق في هذا النوع من الجرائم التي معروف عنها أنها لا تترك أثرا لشدة ذكاء مرتكبيها؟ هذه المهمة تقع على عاتق المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الجرائم الذي يتكون من احدى عشرة دائرة متخصصة في مجالات مختلفة، جميعها تضمن إنجاز الخبرة ، التكوين والتعليم و تقديم المساعدات التقنية، و دائرة الإعلام الآلي والالكتروني مكلفة بمعالجة وتحليل وتقديم كل دليل رقمي يساعد للعدالة، كما تقدم مساعدة تقنية للمحققين في المعاينات. ^ وهل تكفي هذه الترسانة القانونية في نظركم للتصدي للجرائم الإلكترونية ومحاربة التلصص على حياة الغير؟ أكيد أن هذا غير كاف لذلك فإن المديرية العامة للأمن الوطني تتصدى المديرية للجريمة الإلكترونية من عدة جوانب اهمها الجانب التوعوي والوقائي وهذا حول خطورة الجرائم الالكترونية، الذي تركز عليه كثيرا للتخفيف من الظاهرة، كما أنه ونظرا للبعد الدولي لهذا النوع من الجرائم فقد أكدت هذه المديرية عضويتها في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية INTERPOLلأن هذه الأخيرة تتيح مجالات للتبادل المعلوماتي الدولي وتسهل الإجراءات القضائية المتعلقة بتسليم المجرمين ، وكذا مباشرة الانابات القضائية الدولية ونشر أوامر القبض للمبحوث عنهم دوليا.