في كل مرة يسلّم فيها الاحتلال الصهيوني جثامين الفلسطينيين إلا وتكشفت جرائم مروّعة في حق هؤلاء الأسرى الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات على يد الجلاّد الصهيوني دون أن يشكل ذلك حافزا لتحرك المجموعة الدولية والمنظمات الحقوقية والإنسانية التي تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يتعلق الأمر بالإسرائيليين. فقد استلمت أمس، وزارة الصحة في غزّة جثامين 15 أسيرا فلسطينيا ممن اعتقلهم الاحتلال في خضم عدوانه الجائر على القطاع في إطار تنفيذ صفقة التبادل المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النّار، الذي بدأ سريانه في العاشر أكتوبر الماضي. وتم الإفراج عن جثامين هؤلاء الأسرى مقابل تسليم المقاومة أول أمس، جثمان الضابط الصهيوني هدار غولد، الذي قتل في غزّة عام 2014، ليرتفع بذلك عدد جثامين الأسرى الذين سلمهم الاحتلال للطرف الفلسطيني إلى 315 شهيد القاسم المشترك بينهم تعرضهم للتعذيب والتنكيل حتى الموت. وهو ما أكدته المقررة الأممية المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلّة، فرانشيسكا ألبانيزي، التي قالت إن الأدلة تظهر تعذيب أسرى فلسطينيين من غزّة معتقلين لدى الاحتلال الاسرائيلي منذ فيفري 2024. وأكدت المقررة الأممية، في تصريح صحفي أمس، أن الاحتلال الصهيوني يبقى بمنأى عن المساءلة تجاه هذه الجرائم التي يقف العالم أجمع عليها في كل مرة يسلم فيها الكيان الصهيوني جثامين الأسرى خاصة المعتقلين من قطاع غزّة. وكانت تقارير إعلامية قد كشفت عن اعتقال الكيان الصهيوني لعشرات الفلسطينيين من غزّة في سجن تحت الأرض يحرمون من ضوء الشمس والطعام الكافي وأي تواصل مع عائلاتهم أو العالم الخارجي، كما تؤكد التقارير أن كثيرا من الأسرى مدنيون بالكامل ومحاكم الكيان الصهيوني تمدد اعتقالهم في جلسات فيديو قصيرة دون حضور محامين وتبرر ذلك بعبارة واحدة وهي "حتى نهاية الحرب". وتفجرت قضية الأسرى الفلسطينيين مع بدء الاحتلال تسليم أولى دفعات الجثامين التي وجد عليها آثار تعذيب مروّعة صعبت من عمل الأطباء في التعرّف على هوياتهم، إلى درجة أن وزارة الصحة في قطاع غزّة أعلنت أمس، قرارا بدفن 38 شهيدا كانت جثامينهم محتجزة لدى قوات الاحتلال، وذلك بعدما تعذّر التعرّف عليهم، وكانت نفس الوزارة كشفت سابقا أنها دفنت 144 جثمان مجهولي الهوية في مقابر جماعية. وبينما تواصل عيديد العائلات الفلسطينية البحث عن ذويها بين الجثامين، دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، إلى لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات المروّعة والجرائم البشعة التي يقترها الاحتلال في حق الأسرى الذين لا يسلمون من التعذيب حتى وهم أموات. والسؤال المطروح لماذا لم تتحرك المجموعة الدولية، ومعها منظماتها وهيئاتها الحقوقية والإنسانية التي تدافع بشراسة عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالإنسان الغربي أو الاسرائيلي وتغضّ الطرف عندما يكون الضحية فلسطينيا أو مسلما. ثم ألم تقف هذه المنظمات وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تقوم بدور الوسيط في عملية التبادل على هذه الجرائم المروّعة بحق الأسرى الفلسطينيين أحياء كانوا أم أمواتا، ثم أليست هذه اللجنة نفسها التي سلمت الأسرى الاسرائيليين الذين كانوا في قبضة المقاومة وهم في كامل صحتهم وعافيتهم من دون أن يتعرضوا لأي أذى، بل الأسرى المفرج عنهم أكدوا في شهادتهم حصولهم على معاملة جيّدة من قبل عناصر المقاومة الذين ضحوا بأرواحهم لحماية حياتهم. يذكر أن نادي الأسير الفلسطيني، أشار إلى أن أكثر من 9100 فلسطيني لا يزالون رهن الاعتقال في سجون الاحتلال، إضافة إلى مئات المحتجزين في معسكرات تابعة لجيش الاحتلال الصهيوني. في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية في غزة "حماس" تطالب الوسطاء بالضغط على الاحتلال الصهيوني دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، الوسطاء والضامنين والدول والمنظمات الدولية إلى مواصلة العمل للضغط على الاحتلال الصهيوني وإلزامه بوقف تجاوزاته وخروقاته المتكررة، التي تهدف إلى نسف اتفاق وقف إطلاق النار وتقويض الجهود الرامية إلى تثبيته واستدامته. جاءت دعوة الحركة بعد مرور شهر كامل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة في العاشر أكتوبر الماضي، والذي يتعرض منذ ذلك الحين لانتهاكات وخروقات صهيونية خطيرة بهدف إفشاله رغم إيفاء المقاومة بواجباتها المنصوص عليها في الاتفاق. وبينما ذكرت "حماس" الوسطاء وكل المجموعة الدولية بالتزامها التام بتنفيذ بنود المرحلة الأولى من الاتفاق بتسليمها 20 أسيرا إسرائيليا حيا في مدة 72 ساعة وواصلت أيضا عمليات البحث عن جثث باقي الأسرى وتسليمها فور العثور عليها، عددت الخروقات التي طالت الاتفاق على يد آلة التقتيل الصهيونية التي لم تتوقف عن عمليات القصف وقتل العزل من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة ولو بوتيرة منخفضة. ورغم هذه الخروقات فقدت جددت الحركة الالتزام الدقيق ببنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عليه في شرم الشيخ والتأكيد على استمراره ومنع أي خرق له، مطالبة الوسطاء والضامنين بالضغط على الاحتلال من أجل الوقف الفوري للقتل والمجازر والانتهاكات بحق الفلسطينيين في غزة، والانسحاب وفق الخط المؤقت المتفق عليه في المرحلة الأولى ومنع أي تجاوز ميداني أو سيطرة نارية إضافية. كما طالبت بالالتزام بإدخال بالكميات المتفق عليها من المساعدات والوقود وفق ما نصّ عليه الاتفاق، ومنع تقليصها أو عرقلتها والسماح الفوري لوكالة "الأونروا" بالعمل بحرية كاملة داخل قطاع غزة، وتمكينها من إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية باعتبارها الجهة الأكثر خبرة وقدرة على ذلك، وفتح رفح في الاتجاهين لسفر وعودة المواطنين ورفع القيود المفروضة عليه فورًا. وأيضا فتح معبر "زيكيم" لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية عبر المملكة الأردنية الهاشمية دون قيود أو تعطيل، والسماح العاجل بإدخال 300 ألف خيمة للإيواء الفوري لتمكين المواطنين من الاحتماء من برد الشتاء القارس، وإدخال المعدات والآليات اللازمة لإعادة تأهيل البنية التحتية، والالتزام بالبروتوكول الإنساني المتفق عليها والتوقف الفوري عن نسف وتدمير المنازل والمنشآت المدنية في المناطق التي ما زال الاحتلال يسيطر عليها. وأيضا السماح بإدخال المعدات اللازمة لتشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة وإدخال كميات السولار اللازمة لها والكشف الكامل والفوري عن مصير وبيانات جميع المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة والسماح بدخول البعثات الطبية والإنسانية والإعلامية وفرق الدفاع المدني لتقديم خدماتها الإنسانية والإغاثية بحُرية. من جانبه، أكد المرصد "الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان أنه، وبعد مرور شهر على إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يزال الكيان الصهيوني يواصل تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين بأساليب متعددة. ووثق خلال الأسابيع الأربعة الماضية، استمرار جرائم القتل العمد التي ينفذها جيش الاحتلال ضد المدنيين، حيث يقتل ما معدله ثمانية فلسطينيين يوميا، مؤكدا أن "هذه الأفعال تعكس نهجا منظما لتدمير مقومات الحياة في القطاع وحرمان سكانه من أبسط حقوقهم في انتهاك جسيم لأحكام القانون الدولي". واستدل المرصد بقتل الاحتلال، منذ وقف إطلاق النار، 242 فلسطيني من بينهم 85 طفلا بمعدل يزيد على ثمانية شهداء يوميا وأصاب حوالي 619 آخرين، أي أكثر من 20 إصابة يوميا في مؤشر واضح على أن الاحتلال لم يتوقف عن نهجه القائم على قتل الفلسطينيين واستهدافهم المنهجي. ونبّه إلى أنه مع غياب أي آلية رقابة دولية فعالة لوقف إطلاق النار، تواصل دولة الاحتلال انتهاكاتها على أرض الواقع، بما في ذلك من خلال إخراج المناطق التي تسيطر عليها، والتي تزيد مساحتها عن 50% من مساحة القطاع من معادلة وقف الأعمال الحربية. وطالب "الأورو متوسطي" في الاخير "المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عملية وفورية لفرض حماية حقيقية للمدنيين، وضمان الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع والإنهاء الفوري والشامل للحصار غير القانوني". وهي الدعوة التي رفعتها امس منظمة الصحة العالمية التي طالبت بإعادة فتح معبر رفح وجميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة بشكل عاجل ومستدام، مشيرة إلى أنه "تم نقل نحو 4000 مريض عبر رفح لتلقي العلاج في الخارج فيما لا يزال 16ا ألف و500 مريض قيد الانتظار". تقرير لنقابة الصحفيين الفلسطينيين استشهاد 44 صحفيا داخل خيام النزوح منذ بدء العدوان على غزة أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن جيش الاحتلال الصهيوني قتل 44 صحفيا داخل خيام النزوح في قطاع غزة من بين 254 شهيد من العاملين في الحقل الإعلامي الفلسطيني، الذين ارتقوا منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023 حتى نهاية أكتوبر 2025. واستعرضت لجنة الحريات التابعة للنقابة، في تقرير لها مساء أول أمس، وقائع ودلالات استهداف واستشهاد 44 صحفيا فلسطينيا داخل خيام النزوح خلال العدوان الصهيوني على القطاع، ويأتي استنادا إلى البيانات الموثقة والأحداث المحدّدة التي شملت قصف خيام الصحفيين في محيط المستشفيات ومراكز الإيواء التابعة لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" إضافة إلى عمليات القنص المباشر داخل مناطق النزوح. وأشار التقرير إلى أن الوسط الإعلامي الفلسطيني تعرض لسلسلة هجمات ممنهجة استهدفت البنية الإعلامية بشكل منظم بدءا من تدمير المكاتب والمؤسّسات الإعلامية مرورا بملاحقة الصحفيين إلى منازلهم وغرف نومهم وصولا إلى تصفية الصحفيين داخل خيامهم المؤقتة التي اضطروا للجوء إليها بعد نزوحهم القسري، والتي نصبت في محيط المستشفيات والمدارس واعتبرت آخر ملاذ آمن بالنسبة للصحفيين. وأكد أن استهداف الصحفيين المدنيين يعد جريمة حرب بموجب المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، كما أن استهداف خيام النازحين في المستشفيات والمدارس يعتبر انتهاكا فادحا لحماية المناطق الإنسانية، مضيفا أنه لم يثبت وجود نشاط عسكري داخل الخيام المستهدفة مما ينفي أي ذريعة للادعاء ب"الخطأ" في الاستهداف. وشدّد التقرير على أن الدقة العالية للأسلحة المستخدمة ووقوع الاستهداف داخل أماكن مكتظة بالصحفيين والنازحين، تؤكد عنصر التعمد وأن الهدف يتجاوز قتل الأفراد إلى قتل الشاهد وتدمير القدرة على التوثيق. وأشار إلى الآثار الإنسانية والاجتماعية المترتبة على استهداف الصحفيين من أبرزها حرمانهم من أدنى درجات الحماية الإنسانية وتعميق مأساة النزوح وفقدان الأمان وظهور موجات إصابات دائمة وبتر أطراف بين الصحفيين نتيجة القصف المباشر على الخيام. وأوصى التقرير بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في الاستهداف المتعمد للصحفيين وتفعيل آليات المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب ضدهم وحماية الصحفيين داخليا عبر إنشاء ممرات آمنة وأماكن نزوح محمية ومخاطبة المؤسسات الدولية على غرار "اليونسكو" والاتحاد الدولي للصحفيين لتوفير دعم وحماية عاجلة وتوثيق شامل لكل الحالات من خلال قاعدة بيانات قانونية يمكن الرجوع إليها قضائيا.