- وهران بحاجة إلى غلاف مالي ضخم لترميم المعالم المهملة - « قصبة وهران» الأكثر تضررا بسبب التخريب والهدم و البناء العشوائي بن يوب إسماعيل ابن حي الدرب بوهران، باحث في تاريخ وهران ومرشد سياحي محلي، عضو في المخبر العلمي مخبر فلسفة علوم و تنمية بالجزائر بجامعة وهران 2 بالسانيا، كما أنه ناشط في مواقع التواصل الاجتماعي ، ..ساهم بحيويته وطموحه في التعريف بمختلف المواقع الأثرية التي تزخر بها عاصمة الغرب الجزائري وخصص جل وقته في إبراز الأهمية التاريخية للمعالم التي تحتاج أغلبها للعناية والاهتمام، خصوصا أن وهران تتأهب لاحتضان ألعاب البحر المتوسط وهو ما يتطلب نفض الغبار عنها وتحضيرها لليوم الموعود. ونحن نحتفي باليوم العالمي للسياحة، حدثنا عن أبرز المعالم الأثرية والمواقع السياحية بوهران؟ يسرني كباحث ومرشد سياحي التعريف بمعالم مدينة وهران العريقة خاصة بمناسبة اليوم العالمي للسياحة، فهناك مواقع ذات قيمة تاريخية كبيرة مثل « قصبة وهران» الأندلسية التي تعتبر نواة المدينة الإسلامية التي تأسست من قبل عرب الأندلس سنة 902م ، وهناك أيضا موقع « بطيوة « الأثري الذي تأسس من قبل الفينيقيين، فالقرن السادس قبل الميلاد حسب الباحث الشيخ المهدي البوعبدلي في كتابه « تاريخ المدن»، نقلا عن المؤرخ الفرنسي عالم الآثار «ستيفان كزال « والذي أصبح يعرف في الفترة الرومانية بمدينة « بورتيس ماغنيس» ، هذه المدينة الكبيرة التي تتربع على مساحة 40 هكتارا لازالت تحمل آثار الديار والحمامات و المعبد و المغسلة الرومانية التي لازالت في حالة جيدة. ومن حيث القيمة السياحية فأشهر معلم هو « برج الجبل» المعروف عند عامة الناس بحصن سانطا كروز الإسباني الذي تم بناؤه بين سنة 1577 إلى غاية 1604م ، دون أن ننسى حلبة مصارعة الثيران الأولى في إفريقيا ، وقد تم بناؤها في أواخر القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى متحف زبانة الوطني الذي يعتبر مرجعا هاما للباحث والمهتم والسائح ويحمل هذا المتحف قطعا أثرية جد هامة داخل عدة أجنحة للحقب التاريخية المؤرخ لها بوهران ابتداء من فترة ما قبل التاريخ وفترة التاريخ القديم، إلى الفترة الإسلامية ثم الفترة الاستعمارية الإسبانية و الاستنجاد العثماني وأخيرا المستعمر الفرنسي ، إضافة إلى الأسواق الشعبية المعروفة بوهران كسوق المدينة الجديدة الذي يستقطب عددا كبيرا من الزبائن و السياح خاصة من خارج الولاية و سوق حي « لاباستي» الشهير بخدماته المتعددة حتى في ساعات متأخرة من الليل . ما هي أهم المشاكل التي يعانيها القطاع السياحي بولاية وهران؟ المشكل في نظري يكمن في عدم وجود إعلام حقيقي سواء كان سمعيا بصريا أم مكتوبا يُروّجُ فعلا وبشكل دقيق لما تزخر به الجزائر عامة و وهران بشكل خاص من معالم ومواقع أثرية ثقافية وسياحية ، وأظن أن المادة الخام موجودة وبكثرة ، وعلينا فقط العناية بها والاستثمار فيها، خاصة أن وهران لم تستفد لحد الساعة من غلاف مالي ضخم يساعد في ترميم معالمها التي عانت الإهمال منذ سنوات. ما هي أبرز النشاطات التي قمتم بها في مجال السياحة ؟ شهدت وتيرة نشاطنا ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات ال5 الأخيرة، حيث قمنا بالتعريف والبحث و التنقيب على عدة مواضيع هامة وقيمة تتعلق بتاريخ وهران و معالمه الأثرية ، ففي الجانب التاريخي كانت لنا عدة أبحاث أهمها اكتشاف ضريح و تسليط الضوء على شخصية الحفيد الخامس لرسول الله «سيدي محمد بن سليمان» دفين جبل وهران (مرجاجو) ، فقبر هذا الشريف من شأنه أن يصبح مزارا ويدخل ضمن مسار ديني جد هام، تنتج عنه سياحة وإقبال كبيرين ، خاصة و أن الاكتشاف لقي تجاوبا كبيرا من قبل عدة بلدان مجاورة وعربية أخرى . بالإضافة إلى تنشيط ندوات علمية خاصة بفتح وهران و أخرى حول تاريخ الثورة بوهران من خلال إبرازنا لأشهر المعارك كمعركة «الغوالم» و«مداغ»، و مقاومة «الزمالة» بطفراوي ، مرفوقة بخرجات ميدانية لزيارة ومعاينة أماكن المقاومة والتعريف بمقابر الشهداء، خاصة المنسية منها ، على غرار مقابر شهداء معركة « المقطع» ببلدية مرسى الحجاج أقصى شرق وهران، و تصحيح المغالطات بشأن أحداث ديسمبر 1960 التي بدأت رسميا يوم التاسع و العاشر بعين تموشنت ووهران، إضافة إلى التعريف الحقيقي بموقع بطيوة « بورتيس ماغنيس « و جذوره البونيقية بعد أن كان محسوبا فقط على الفترة الرومانية، و مؤخرا قمنا بأكبر حملة تنظيف لقصبة وهران الأندلسية يوم 5 فبراير الماضي ،حيث شارك في الحملة أعداد غفيرة ومن مختلف فئات الأعمار، وكان الغرض من الحملة تنظيفها والتعريف بها أكثر ، و المطالبة بتصنيفها و ترميمها ، و قد تمكنا بفضل الله ومساعدة الوطنيين أن نُعرّف بقصبة وهران حتى خارج البلد ، و قد وصل صداها حتى إلى المشرق العربي عبر عدة مقالات صحفية. العديد من المعالم الأثرية تعرضت للتخريب على يد بعض السكان، و أخرى تعاني الإهمال من قبل السلطات المعنية؟ ما تعليقك ؟ مسؤوليتي تجاه مدينتي الحبيبة وهران جعلتني أضاعف مجهوداتي لخدمتها على أجمل وجه ، أولا كمرشد سياحي بالديوان الوطني قمنا خلال شهر سبتمبر الجاري برسم مسارات سياحية متعلقة بالمواقع الأثرية المتواجدة بقلب المدينة العرقية حي «سيدي الهواري» من مساجد عثمانية و أبواب وهران ، حيث وفرنا من خلالها المتعة والتجوال و المعلومة الدقيقة للسائح ، كما سنسعى لاحقا لتطوير الخدمة السياحية بديواننا الوطني . أما عن نشاطي الجمعوي فلدي برامج مدروسة بجدّ، نسعى لتجسيدها في قادم الاستحقاقات بالتنسيق مع مدير الشباب وعدة جمعيات ثقافية وسياحية ، حتى مع الولايات المجاورة ، زيادة على ذلك نسعى لاسترجاع خرجاتنا الميدانية التي طالما عرّفنا من خلالها للمتابع الكريم عدة معالم و مواقع هامة في المجال السياحي والثقافي . وماذا عن قصبة وهران ؟ أبرز معلم تعرض للتخريب البشري قبل الطبيعي هو « قصبة وهران «، فهذا الصرح الأثري الذي يتربع على مساحة 6 هكتارات عرف لجوء العشرات من العائلات داخله والسكن به ، ما جعله يصبح عرضة للتخريب والهدم و البناء العشوائي بداخله، وهذا كان بتواطؤ مع بعض المسؤولين السابقين الذينلم تكن لهم نية في خدمة السياحة و الثقافة ، سواء كان عن جهل أو عن قصد ، ولهذا كان تركيزنا كله مؤخرا على قصبة وهران ، فهي الوجه الرئيسي و العلامة المسجلة التي يجب أن ترتبط بوهران وتاريخها المجيد ، فكيف تحتفل مدينة وهران بسنة 902م والمعلم الذي يرمز لهذه السنة متواجد بتلك الحالة الكارثية ، رغم أن الوقت لازال في صالحنا لاستدراك الوضع و ترميم ما يمكن ترميمه من هذا المعلم المعروف وطنيا . ما هي تحضيراتكم بخصوص الألعاب المتوسطية التي ستحتضنها عاصمة الغرب سنة 2022 ؟ استعدادا للألعاب المتوسطية نسعى إلى رسم مسارات متنوعة ودقيقة توفر للسائح خدمات متعددة ، فمدينة وهران يتواجد بها عدد كبير جدا من المواقع الطبيعية منها والأثرية ، كما سنسعى إلى التعريف بهذه المواقع باللغة الإنجليزية المتعامل بها دوليا ، و هذا ما سيسمح بالترويج الحقيقي لمدينة وهران التي طالما ما كانت مدينة عالمية تملك علاقات تجارية وتبادل علمي فكري مع أشهر العواصم .