لاتزال الحمامات التركية بوهران على حالها، صامدة كغيرها من المعالم التاريخية، التي تزخر بها عاصمة الغرب الجزائري، و التي نفض عنها الغبار منذ سنوات عدة، بعدما طالها التهميش سنين طوال، و ها هي اليوم تستقطب السياح من داخل و خارج الوطن، يعود تشييد هذا المعلم الأثري إلى سنة 1708 ، من قبل الباي بوشلاغم و مصطفى بن علي، الذي حرر مدينة وهران من الإسبان، و قد بادرت جمعية "صحة سيدي الهواري" سنة 1991، إلى تنظيف هذا المعلم، الذي كانت تقبره النفايات، حيث أزال المتطوعون 900 طن من الأوساخ، حتى يبقى هذا الشاهد التاريخي ، شامخا بحي سيدي الهواري العتيد، حيث تحول إلى فضاء ثقافي و سياحي، يحتضن مختلف التظاهرات الفنية، وحتى القعدات العائلية، و كل نشاطات أبناء حي سيدي الهواري، هذا ما كشفه المكلف بالشؤون الثقافية بجمعية صحة سيدي الهواري حواس بلمعلوفي، باعتباره من بين الأعضاء الفاعلين، الذين ساهموا في رد الاعتبار للحمامات التركية بوهران، إذ تعد من بين المعالم القليلة، التي قاومت الزلزال الذي ضرب وهران في أكتوبر سنة 1790، و أتى على ثلاثة أرباع من المدينة ، حيث قدرت قوته ب 8,9 على سلم ريشتر. وأكد المتحدث أن الحمامات التركية هذه، تخضع إلى عملية الصيانة بصفة دائمة، و هي تتألف من ثلاثة أجزاء، منها "السقيفة" التي تم غلق بابها الرئيسي، التي تؤدي إلى قاعة دائري الشكل، التي كانت تستخدم لتغيير الملابس، ثم الممر المؤدي إلى قاعة الإستحمام ، أو ما يعرف ب "السخون"، بدرجة حرارة متوسطة أو معتدلة، وفقا للمنطق السائد بمختلف الحمامات الأصيلة، التي يتم التنقل فيها من القاعة الباردة إلى أخرى دافئة قبل الولوج إلى القاعة الساخنة، وهذا تفاديا للإصابة بالأمراض يقول المتحدث، مضيفا أن الفرنسيين عندما دخلوا هذا المكان سنة 1831، حولوا القاعة الساخنة للحمام كجناح للغسيل تابع للمستشفى، كما قاموا ببعض التعديلات و التغييرات الخاصة بالمداخل و الأبواب، مشوهين بذلك هذا المعلم، حيث لا تزال آلات الغسيل التي تآكلها الصدأ موجودة بهذه القاعة، التي تتوفر أيضا على أربع حجرات صغيرة معزولة بدرجة حرارة مرتفعة جدا، أو ما يعرف حاليا ب "السونا"، و كلها تتوفر على قانتين للماء البارد و الساخن، فيما استغل المستعمر سطح الحمام لنشر غسيل المستشفى، وفي الناحية الخلفية للحمام، نجد حجرة أخرى مخصصة للسخان، الذي كان يعمل على تسخين الماء و أيضا أرضية "السخون"، كما أن كل القاعات بها ثقوب في السقف، لتوفير الإضاءة الطبيعية، و هو ما يعكس التطور العمراني، الذي شهده ذلك العصر الغابر، و الذي لا يزال ساريا لحد الساعة، فقط الوسائل وحدها التي تغيرت، أما الطريقة فهي نفسها التي لاتزال تشتغل بها الحمامات إلى يومنا هذا.