في ظل رغبة تسريع مسار التطبيع بقلم: أ. د. محسن محمد صالح إنَّ الآليات البديلة للسيطرة والتحكُّم التي حاول الاحتلال فرضها في قطاع غزة، مثل آلية إيصال المساعدات عن طريق مؤسسة أمريكية "مؤسسة غزة.."، أو تشجيع العصابات والمافيات (ياسر أبو شباب..) وحمايتها وتوفير الغطاء لها للحلول مكان حماس.. كلها فشلت فشلا ذريعا، وأثبتت عدم جدواها. فقد استخدمت آلية المساعدات في "هندسة التجويع" وكآلية لإذلال الناس، وتحولت إلى مصائد قتل وموت؛ حيث استشهد على مداخلها في أقل من شهر أكثر من 510 شهداء وجرح نحو 3,800 آخرين. وَوُوجهت هذه الآلية برفض وإدانة عالمية، كما فشلت عصابة أبو شباب وغيرها، وانحسرت ولم تجد لها حاضنة سوى الغطاء الإسرائيلي المبتذل. أما تصاعد أداء المقاومة وعملياتها النوعية في الآونة الأخيرة، وكان من أبرزها عملية خان يونس التي اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل سبعة من جنوده وجرح 16 آخرين فيها، فقد أعطى مؤشرا قويا على صلابة المقاومة بعد أكثر من 620 يوما على العدوان على القطاع. وقد ترافق هذا مع التقارير العديدة التي تشير إلى حالة الإنهاك التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي، وتوصية الكثير من القادة العسكريين بمن فيهم رؤساء أركان سابقين مثل غادي أيزنكوت، وهيرتسي هاليفي، وإيهود باراك بوقف الحرب. السلوك الإسرائيلي: ربما تدفع هذه المعطيات نتنياهو إلى خفض سقف توقعاته من غزة، ومحاولة تفعيل دينامية أكثر انسجاما مع الرغبات الأمريكية ومع حلفائه الغربيين. وربما يتم السعي لتفعيل صيغة معدلة لمقترح ويتكوف، مع محاولة تحسين الشروط الإسرائيلية مقارنة باتفاق الهدنة السابق. وستبقى "العُقَد" المرتبطة بإنهاء الحرب، والانسحاب الكامل من القطاع، ونزع أسلحة المقاومة، وإخراج حماس من المشهد السياسي الفلسطيني، عناصر ضغط ومساومة وابتزاز حتى اللحظة الأخيرة، وحتى استنفاد الجانب الإسرائيلي أسهمه وسهامه. سلوك المقاومة: في المقابل، ليس لدى المقاومة، بعد كل هذه التضحيات، وبعد أن أصبحت تمثل آمال الشعب الفلسطيني وحالة إلهام عالمية، من بدائل سوى الاستمرار في الصمود والمقاومة، ولا يمكنها توقيع اتفاقٍ يكون مكافأة نتنياهو على جرائمه، ولكنها ستلجأ للضغط باتجاه إنزاله عن الشجرة؛ ولذلك من المتوقع أن تسعى حماس وقوى المقاومة إلى: – تصعيد المقاومة وزيادة تكاليف الاحتلال وتحويله إلى عملية فاشلة تتصاعد خسائرها مع الزمن، وتيئيس الاحتلال من تحقيق أهدافه. – إفشال الحلول البديلة مثل عصابات أبو شباب وغيرها، وتقوية التماسك المجتمعي. – إفشال "هندسة التجويع" وآلية الإذلال المفروضة في نظام المساعدات. – التصلُّب في الثوابت والمرونة فيما دون ذلك، مع جعل إنهاء الحرب وخروج الاحتلال من القطاع، وتوفير احتياجات الشعب الفلسطيني، وجعل اليوم التالي في قطاع غزة شأنا فلسطينيا داخليا، معالم يتم الاسترشاد بها في أي صفقة قادمة. * * *