عاد بنا المجاهد ابن منطقة بني سنوس البربرية مختار بن شراط الذي يرأس حاليا جمعية كبار المعطوبين بولاية عين تموشنت المجاورة لتلمسان إلى الوراء لسرد أحداث الثورة بجبال عصفور التي تطل على وجدة المغربية و الزوية الحدودية ببلدية بني بوسعيد خاصة و أن هذا المكان كان موقعا إستراتيجيا بالنسبة للجزائر لإدخال المؤونة و السلاح من المغرب الشقيق و الذي أقامت فيه فرنسا معسكرها بالجبل وبناء ثكنة لمراقبة تحركات جيش الجبهة عن قرب ومحاصرته ما أدى بضباط الثورة في الخمسينيات إلى تنظيم اجتماع طارئ بناحية "سويال" أول جهة احتضنت سرية الحرب و لا تزال شجرة الدردار شاهدة على أخذ مشعل النضال نحو البلد المجاور بدءا من خيمة الشهيد "سابق محند حامد "الذي اعتمد عليه كبار الضباط في الاتصال إلى غاية الأخضرية و موزاية ومكّنه من نسج خيوط كثيرة لجلب الأسلحة التي اشترط فيها التلاقي بالإمام و العالم الجليل "السي ميمون " ليكون شاهدا على التعهد الشرعي لآخر قطرة من دمه أو العيش في حرية ومن بين الزعماء اللذين كانوا يعقدون لقاءاتهم بذات الخيمة السي كعو و السي جابرو عبد القادر و العقيد فراج و لطفي و السي زبير التيارتي و الرائد بوسيف من قالمة و السي صادق من الأخضرية الذي نعته "السابق" بالشيخ السنوسي بطلب منه.و غيرهم من الفرق الثورية التي كانت تابعة لناحية عصفور تتحسس الوضع لاستلام العتاد الحربي من المجاهدين مثل علي خياري - عاشور الدواوي- و بن زيان و- السي عفان و بما أن المنطقة كانت ساخنة والأمر كان يحتم جلب الآلاف من قطع السلاح على يد" قائد عرش بني بوسعيد السابق محند حامد " الذي تحمل مسؤولية صناديق الإشتراكات لدعم جبهة التحرير الوطني حتى أن مفتاحها ظل شهادة تاريخية مادية حية احتفظت بها زوجته وبقي معها في سرية إلى حين الاستقلال . أضاف عمي المختار أن هذا الشهيد الذي وضعت فيه الجبهة الثقة واصل عملية إدخال السلاح من الحدود الجزائرية المغربية على مسافة 42 كلم عبر بني بوسعيد إلى غاية العابد منطقة "تزرارين و تقبل هذه المهمة الصعبة رغم تموقع الثكنة الفرنسية بقمة عصفور و أعلن المستعمر حربه الشرسة بإقامة الخطوط"" الشائكة لموريس"" غرسها البوليس مع الألغام بمساحات شاسعة لمنع المجاهدين الجزائريين من التحرك نحو المغرب و قد قال السي جابر المنحذر من بني سنوس أنه لايمكن لمجاهدين أن يكونوا منافقين بوجهين وجه للجزائر و آخر لفرنسا ففهموا جميعا الدرس و تآزروا لمجابهة الخطر بجبل عصفور الذي شيّدت به السلطات الفرنسية " برج "مرصّع بالأضواء الكاشفة حتى أن شعاعها وصل إلى دشرة سيدي بوبكر المغربية التي تعد المدخل الرئيسي لوجدة و توجه إليها 90 بالمائة من المهاجرين فمحاصرة الجزائريين بهذه الطريقة كان دافعا قويا لمطالبة المسؤولين و القياديين في جيش التحرير الوطني اللذين استوطنوا بوجدة الدخول لمحاربة فرنسا من الحدود الجزائرية وهذا بأمر من طرف ضباط في الثورة و أعلموهم بأن قضية توزيع السلاح لن تنجح إلا إذا التحق من يتواجد بضفة المغرب بإخوانهم المحاصرين بالأسلاك الشائكة بناحية عصفور غير أن تسليم الأسلحة تجسد من خلال عناصر المخابرات التي وضعتهم الجبهة بين الحدودين لتتبع خطوات أزيد من 16 دابة على متنها المئات من الربّاعيات و نجح التخطيط الذي تم دراسته "بغار روبان" ببني بوسعيد. فمنطقة عصفور و حسب المجاهد عاشت الأحزان بحيث نصب الجزائريون المهاجرين.خيم بمحاذاة الناحية و عذبوا بالكهرباء و تشردوا و جاعوا ومع هذا حافظوا على سمعة الثوار المختصين في نقل الأسلحة إلا من جاء أجله بالشهادة فهذا هو تاريخ عصفور غير أن مسيرة الشهيد السابق تأخرت عن التفوه بها رغم ثقله كعقل مدبّر سيّر شؤون النضال بصفوف" العربي بن مهيدي" و تعامل من قبل مع مصالي الحاج و لم يتذكره أحد و لو بتسمية مؤسسات الدولة عليه بتلمسان أو ولايات جزائرية أخرى سيما و أن الولاية الخامسة تتكون من 14 منطقة إدارية ينبغي إطلاق تسميتها على زعماء غرب الوطن أمثال عبد العزيز القسنطيني الزوبير اليمني السي ميمون السي زهراوي و السي كعو و عليه لايمكن نسيانهم مادامت الشهادات الحية تؤكد نضالهم و جهادهم الباسل و استوجب على المسؤولين بالناحية تأسيس ثلاثة منظمات الأولى "بوشكارة" و الثانية "الجيش السري" و الثالثة اليد الحمراء و الهدف منها تخويف من كلفوا بجلب السلاح في حالة رفضهم العودة من المغرب وجلب السلاح كان يخول لأشخاص مخلصين كالسابق بصحبة السي الزوبير الذي خلف الشهيد السي جابر و بعث برسالة للبوليس الفرنسي جاء في مضمونها "مهما حرصت يا فرنسا على مراقبة الحدود فقد دخلت للمغرب بعد عودتي من واد الشولي و سنحصل على سلاحك لضربك" و لتحقيق هدف النصر"" قال (المجاهد بن شراط ) قمنا بفتح فجوات من الأسلاك بطول 100متر دخل عبرها 500 مجاهد مدرب و أنقذهم الكولونال عثمان من الصعقات الكهربائية فجلهم تركوا ملابسهم معلقة بالسلك ونفذوا بجلدهم وهم عراة ومن الرجال المساهمين مع السابق في نقل و تمرير السلاح السي بوسيف و حنصالي و السي اليمني الذي قتل برصاص المعمر وهو في طريقه إلى المغرب مع العديد من المسبلين بتهمة أنهم من أتباع زبانا النشطين في صفه بعصفور الذي بلغ فيه ما يزيد عن 1271 شهيد من بني بوسعيد للعريشة لواد مويلح الرابط مغنية بالمغرب لحدّ أولاد الميمون ومن كان" بعصفور" يعرف ذلك و أردف عمي مختار وهو يلوّح بغصن شجرة البلوط " قضية توزيع السلاح من عصفور عرفت دورا إيجابيا بفعل شهامة الثوار و ضمائرهم الحية التي دفعتهم لتقديم أنفسهم و التخلي عن أموالهم و أولادهم كما هو الشأن لقائد عرش بني بوسعيد الذي استشهد بالمغرب و قد تساءل عنه الكثير من المجاهدين و كان على شيوخ "الزوية " الإدلاء "بإعترافاتهم اتجاه الرجل ليسجل التاريخ نضاله بأحرف من ذهب كأقرانه من مليون و نصف مليون شهيد جزائري وهبوا حياتهم ليحيا الوطن حرا مستقلا.