انتقدت هيئات حقوقية في المغرب, استمرار المخزن في انتهاج مقاربته الأمنية القائمة على حملات التضييق والمتابعات القضائية الجائرة في حق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين ومناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني, داعية بوقف تجريم حرية التعبير وسياسة التشهير الممنهجة. وفي هذا الإطار, سجلت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (همم), في تقريرها السنوي حول الانتهاكات الحقوقية المرتبطة بحرية التعبير والتظاهر السلمي, "استمرار تنفيذ مقتضيات القانون الجنائي في متابعة الصحفيين وكتاب الرأي والمدونين بمن فيهم مناهضو التطبيع, واستمرار التضييق على المنتقدين, حتى بات المغرب في صدارة الدول التي تضيق على النشطاء". واعتبر ذات التقرير أن تصاعد وتيرة المتابعات والاعتقالات "يشي بضيق صدر السلطات عن تقبل الانتقاد لسياساتها العمومية المتبعة وخاصة تلك التي لها ارتباط بقضايا الحريات وحقوق الإنسان", منتقدا ما وصفه ب"توظيف القضاء في تصفية الحسابات مع كل الأصوات الممانعة والمعارضة لهذه السياسات, وهو ما يؤكد وجود إرادة ممنهجة لإسكات كل صوت حر يعبر عن مواقف قد تزعج بعض المسؤولين والجهات". وتوقفت الوثيقة على جملة من المتابعات التي تطال الصحفيين وعلى رأسهم حميد المهداوي "الذي يتعرض لحملة واسعة من التضييق, ورصدت حالات أخرى للمشاركين في الاحتجاجات السلمية, كما هو الحال لنشطاء زلزال الحوز, وحراك الريف الذين لا يزالون خلف القضبان". إلى ذلك, سجلت الهيئة الحقوقية استمرار المتابعة القضائية لمناهضي التطبيع أو ما بات يعرف "بملف النشطاء ال13", على خلفية الاحتجاج بمدينة سلا, إضافة إلى المحاكمات والاعتقالات التي طالت نشطاء داعمين لفلسطين, مشيرا إلى أن منتقدي السلطات العمومية "لم يسلموا أيضا بدورهم من المحاكمات والإدانات نتيجة لمواقفهم الجريئة و آرائهم الحرة". وفي نفس السياق, أعرب مركز عدالة لحقوق الإنسان عن استنكاره لتحريك ثلاث متابعات قضائية متزامنة أمام المحكمة الابتدائية بمدينة تيفلت ضد رئيسه, حسن اليوسفي. واعتبر أن هذه المتابعات "تستغل كأداة سياسية في سياق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بهدف التضييق على حرية التعبير والعمل الحقوقي وإسكات صوت ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية, وهو ما يتنافى مع المبادئ الدستورية وحقوق الإنسان". وقد سبق للمركز أن حذر من "مغبة استهداف رئيسه الحقوقي في هذه الفترة الحساسة", منددا ب"مظاهر التضييق الممنهج على الحقوقي اليوسفي من قبل جهات سياسية نافذة", كما حذر من "مغبة استغلال مراكز السلطة للنيل من الحقوقي مما يشكل تهديدا خطيرا لحرية التعبير والعمل الحقوقي". بدوره, انتقد مركز أمريكا الشمالية لحقوق الإنسان الحكم الصادر في حق مديرة نشر صحيفة الحياة اليومية ,الإعلامية لبنى الفلاح, والقاضي بإدانتها على خلفية قضية تتعلق بالصحافة والنشر, معتبرا هذا الحكم يأتي "ضمن سياق متأزم سمته الأساسية الهجوم على ما تبقى من الصحافة المستقلة والجادة في المغرب". وطالبت ذات الهيئة بوقف الملاحقات القضائية في حق الصحفيين والمنتقدين وصناع الرأي وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين دون قيد أو شرط.