أكد الأستاذ ميلود طواهري أن ولد عبد الرحمان كاكي كان من المطالبين إلى إقامة الدراسات الأكاديمية العلمية في الميدان باعتبارها السبيل الوحيد لإبراز أعمال المبدعين ونشاطهم ومدى إلهامهم في بعث الحركة المسرحية والثقافية والفنية في الجزائر. أعاد الأستاذ ميلود طواهري خلال تنشيطه للعدد الثلاثين من منتدى المسرح والذي طرح خلاله موضوع النقاش”عبد القادر ولد عبد الرحمان كاكي.. نحو تأملية أكاديمية…”، إثارة الجدل الفني والمعرفي الذي صنعه أحد رواد الجيل الثاني من المسرح الجزائري وهو عبد الرحمان كاكي الذي كان يرفض حسبه أن يوصف بأنه مدرسة حيث كان يعرف جيدا المسرح وخباياه، وكان يكتب وفق رؤية إخراجية وأجاد إدارة الممثل، وقد أبدع في المسرح الملحمي وأعطى معنى مغايرا وخاصا للاقتباس حيث وظف المناهج الغربية، فتولدت لديه رؤية مدموغة ببصمته عبّر عنها بلغة متداولة يوميا استقاها من ثقافته الشعبية… إن الكتابة على الفن والفنان في زمن الجحود المبرمج، يقول عنها الأستاذ ميلود طواهري عملية صعبة لكنها مهمة عندما يكون الحديث عن فنان ملأ فترة غير قليلة من حياته في الممارسة التراثية والفنية، والتخطيط لفعل مسرحي تغذيه موهبة متوقدة، وإصرار إلى غاية نبيلة: تطوير المسرح الجزائري واستمراره. فكان ولد عبد الرحمان كاكي يقول المتحدث يرى في المسرح متعة جماعية، وحفل جماعي يتهيأ له الناس، وتطور المسرح الحقيقي يتمثل في النقاء، وأن المسرح الجزائري لا يمكن أن ينتهي لذا ينبغي له كسب رواد جدد وإعداد المسرح انطلاقا من الأكاديمية، وصولا إلى الممارسة الجديدة وثورة على الروتينية التي فقدت ضرورة وجودها وحادت عما أصّله لها أصحابها الأولون، وتطلع لانتقال نوعي من المسرحيين الجدد، وأفكار جديدة في قلب المسرح وقالبه. يريد عبد القادر ولد عبد الرحمان كاكي من مبادرته حسب الأستاذ طواهري أن يقوم الجامعيون والشبان وغيرهم بأن ينقلوا أكاديميا إحساسا جديدا للمسرح الجزائري، فتشتمل برامجهم على الممارسة الهواية أو الاحتراف والركح الخام والمدارسة والبحث العلمي والتكوين الأكاديمي والتعلم والنقد المتخصص (الرؤية الصحفية المتمكنة). إنّ المسرح حسب كاكي لا يعني فقط بحثا وتنقيبا وتمثيلا وكواليس ومهرجانات ارتجالية الإبداعية، إنما المسرح حسبه فهو دراية ودراسة متجددة وكتب وملتقيات وتحصيل علمي بالحصول على الشهادات العليا وامتلاكها، فالمسرح يراه كاكي علم والعلم مكانه المعاهد والجماعات والغوص في حقيقة الفن الرابع عن قرب وبتجارب واقعية حية من المسرح التطبيقي ومن المسرح التجريبي معا، فالفراغ الأكاديمي المسرحي بمفهومه البحثي الاستكشافي التطوري يقضي على مبادرات علمية وعملية، لذالك اعتبر كاكي هذا الفراغ الأكاديمي القاتل شارك في الوضع القاتم للساحة الثقافية المسرحية، فتولد مسرح ينتج بروتوكولية لا تحمل بذور الثقافة المسرحية ولا المعرفة التجريبية أو الجمالية مع تكريس مفاهيم مسرحية أكاديمية جافة، ويقول كاكي أيضا وتبقى الدراسات الأكاديمية العلمية في الميدان هي السبيل الوحيد لإبراز أعمال المبدعين ونشاطهم ومدى إلهامهم في بعث الحركة المسرحية والثقافية والفنية في البلاد. من جهة أخرى قال الأستاذ طواهري إن تصنع النشاط الثقافي الارتجالي الذي ينظم ويقام هنا وهناك كحياة ثقافية لا يعبر بتاتا عن الحقيقة اليومية الثقافية التي كثيرا ما تفرغ من محتواها الحقيقي، إلا أنّ المهرجانات والملتقيات المدروسة و المقامة بصفة علمية والمخطط لها إبداعا وإتقانا قد تكون حلا مناسبا وواقعيا وقد يكون ضروريا للإثراء بتبادل التجارب والآراء وتطوير المضامين والمواهب والمكتسبات والإنتاج وبخاصة إذا تخلت هذه التظاهرات عن تصنع نشاطاتها وارتجالية تنظيمها، وتعتبر هذه الأخيرة فرصة يتعين استغلالها لتثمين تجربة الاحتكاك والتقارب كما تعد بديلا حقيقيا عن التكوين المسرحي الغائب. ويضيف في ذات السياق بأن الحركة المسرحية لا تصنعها ولا تتجذر دعائمها، وتنميها مناسبات مسرحية عابرة هنا وهناك بل مسارح قائمة دائمة تواظب على العمل والتجارب والإنتاج وهنا يكمن دور المسرحي والمسؤول الحقيقي، وعمل كاكي مؤشر حقيقي لبداية مسرح حقيقي، انطلاقا من أكاديمية تعنى بمسرح شعبي يستخدم الإبداع الشعبي منهاجا يلتزم بقواعده الباحث المسرحي وهي قواعد لا تختلف عن قواعد البحث ولا تبتعد كثيرا عن البحث العلمي الموضوعي، إذ تعتبر الغوص في تجارب المسرح والبحث فيها أقرب ما يكون إلى التجرد التام للعلم، وتقوي من رأي الباحث وحرية الرأي، وتفعِّل المصادر وترفع من قدسيتها وتثري التوثيق والمتن المسرحي نفسه. كان كاكي يقول الأستاذ من الذين أسسوا لأكاديمية المسرح، وقام بتدريس المسرح في مختلف التجمعات الطلابية أو ما يعرف بالجامعات الصيفية إلى جانب المسرحي الكبير مصطفى كاتب ودعا من خلال الأكاديمية في المسرح، الشعبي منه بالذات إلى العناية الفائقة بشكل ومضمون المسرحية. وأن لا يكون التنظير على حساب العملية المسرحية تفاديا السقوط في إعلاء شأن الشهادة الأكاديمية على الخبرة المسرحية. فالأكاديمية حسب كاكي يقول الأستاذ هي جهد وثمار التغيير الايجابي، وأن الثقافة المسرحية تبنى انطلاقا من الفلسفة الإنسانية العريقة التي تدعو إلى العيش في اللحظة من خلال اكتشاف أسرار القوى الذاتية وتطويرها، وتفعيلها، ومن أهدافها إيجاد بيئة إيجابية لجميع أنماط المسرح، تنشيط التفاعل بين طلبة جامعة المسرح وشباب فرق المسرح بغية إحداث تأثير إيجابي في مجتمعاتهم.