رئيس الجمهورية يعزي عائلة ضحايا حادث انزلاق للتربة بوهران    الجمباز الفني/كأس العالم (مرحلة القاهرة): تتويج الجزائرية كايليا نمور بذهبية اختصاصي جهاز مختلف الارتفاعات    الطبعة الرابعة للصالون الدولي "عنابة سياحة" من 8 إلى 10 مايو المقبل    القمة الإفريقية لتكنولوجيات الإعلام والاتصال : تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر لعام 2025    مؤسسات صغيرة ومتوسطة : "المالية الجزائرية للمساهمة" تعتزم بيع مساهماتها في البورصة هذه السنة    اسبانيا: تنظيم وقفة تضامنية مع المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية بجزر الكناري    بوغالي يؤكد أهمية ترسيخ الوعي بحقوق الشعوب في أذهان الناشئة    مزيان يدعو وسائل الاعلام العربية للعمل على تحقيق المزيد من التقارب العربي    كرة القدم/البطولة الافريقية للمحليين: مجيد بوقرة يستدعي 26 لاعبا للمواجهة المزدوجة أمام غامبيا    الاتحادية الجزائرية لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة و اتحادية تنس الطاولة تبرمان اتفاقية تعاون    جيجل: وصول باخرة محملة بأزيد من 10 آلاف رأس غنم قادمة من رومانيا بميناء جن جن    حادث انزلاق التربة بوهران: تنقل الوفد الوزاري جاء بأمر من رئيس الجمهورية لإيجاد الحلول للمتضررين    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    وهران: هلاك 4 أشخاص وإصابة 13 آخرين بجروح في حادث انزلاق تربة بحي الصنوبر    حادث انزلاق التربة بوهران: وفد وزاري يطلع على ظروف التكفل بالضحايا    الجزائر/زيمبابوي: فرص عديدة للتعاون بين البلدين    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 52243 شهيدا و 117639 جريحا    الجزائر العاصمة:عرض الفيلم الوثائقي " زينات, الجزائر والسعادة" للمخرج محمد لطرش    فلسطين : عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون باحات المسجد الأقصى المبارك    أمطار رعدية ورياح قوية في 15 ولاية    توقف صاحب الفيديو المتعلق ب "نفوق 3 أضاحٍ مستوردة"    الفلاح ملزم بالإنخراط في مسعى تحقيق "الإكتفاء الذاتي"    وزارة التربية تمكنت من "رقمنة ما يزيد عن 60 وثيقة رسمية    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    إطلاق جائزة أحسن بحث في القانون الانتخابي الجزائري    بدء عملية الحجز الالكتروني بفنادق مكة المكرمة    الجالية سد منيع في وجه المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر    الرئيس تونسي قيس سعيد يزور جناح الجزائر    عطاف ينوّه بالإرث الإنساني الذي تركه البابا فرنسيس    لا فائز في التنافس السلبي ضمن الحرب التجارية الراهنة    سكان قطاع غزّة يواجهون مجاعة فعلية    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    إطلاق جائزة لأحسن بحث في القانون الانتخابي    3 بواخر محملة بالخرفان المستوردة    ملتقى دولي حول مجازر8 ماي 1945    10 ملايير لتهيئة الطريق الرئيسي بديدوش مراد بولاية قسنطينة    "الشفافية لتحقيق الأمن الغذائي" في ملتقى جهوي بقسنطينة    الجزائر أمام فرصة صناعة قصة نجاح طاقوية    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    لا حديث للاعبي "السياسي" إلا الفوز    مولودية وهران تفوز ومأمورية اتحاد بسكرة تتعقد    التنسيق لمكافحة التقليد والممارسات غير الشرعية    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    عدسة توّثق جمال تراث جانت بشقيه المادي وغير المادي    تلمسان في الموعد    عطاف يوقع على سجل التعازي إثر وفاة البابا    صيدال يوقع مذكرة تفاهم مع مجموعة شنقيط فارما    أفضل لاعب بعد «المنقذ»..    "زمالة الأمير عبد القادر"...موقع تاريخي يبرز حنكة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة    حج 2025 : إطلاق برنامج تكويني لفائدة أعضاء الأفواج التنظيمية للبعثة الجزائرية    وزير الاتصال يشرف على افتتاح اللقاء الجهوي للصحفيين بورقلة    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل أَخْلَقَة التّنافس

لو تمتّع النّظام الصّحيّ في العالم بالتّأهيل الماديّ والتقنيّ والبشريّ واللّوجيستيّ الكامل، لَمَا أمكن لجائحة كورونا أن تأتيَ على البشريّة بوخيم العَقَابيل.
نعم، كان يمكن لضرباتها أن تكون موجعة، وأن تُخلّف من الخسائر ما خلَّفَتْه جوائح أخرى سابقة، مثل أنفلوانزا الخنازير أو إيبولا أو حتّى الإيدز، ولكن كان يسع مثل ذلك النّظام الصحّيّ المؤهَّل أن يستوعب ضربَتَها، بسرعة، وأن يُحْرِز نجاحات في السّيطرة عليها إنْ لم يَقْوَ على علاجها الفوريّ. لكنّ النّظام ذاك بَدَا، من أسفٍ شديد، متهالكًا بحيث عجز عن استيعاب الضّغط الكثيف على مراكزه الاستشفائيّة، إلى الدّرجة التي أُجبِر فيها – أمام ارتفاع أعداد المصابين – على أن يسلك خيار الأولويّات والانتقاء من بينهم بما يتناسب وإمكانيّاته المحدودة !.
وغنيّ عن البيان أنّه دفع في ذلك ثمن سياسات رسميّة أهملتْه وانصرفت إلى غيره من ميادين ذاتِ ربحيّة وجزيلة العوائد: بالمعنى الماديّ – غير الإنسانيّ – الصّرف. ولقد يقال، هنا، إنّ الثّمن هذا موضوعيّ إن فكّرنا فيه في نطاق النّظام المجتمعيّ: الاقتصاديّ والإنتاجيّ الذي أنتجه التّطوّر وقادت إليه الرّأسماليّة. ولقد يقال، استطرادًا، إنّ المبدأ الحاكم لذلك النّظام هو المصلحة التي لا تُسْتَأتى إلاّ من طريق حريّة التملّك والمبادرة، ومن طريق المنافسة الحُرّة. والقولُ صحيحٌ، من غير مِرَاء، وينطوي على اعترافٍ بأنّ مقدّمات النّظام المجتمعيّ هذا هي التي تأخذه إلى مثل تلك النتائج المأساويّة التي منها إخفاق النّظُم الصحّيّة القائمة في كفّ أذى أوبئة فتّاكة من قبيل وباء كورونا؛ لا يتوقّف أذاها عند حدود الأبدان المفتوك بها، بل يتعدّى ذلك إلى الفتك بالاقتصاد والإنتاج والمبادلات.
ما ليس صحيحًا هو أن يُرى إلى آليات النّظام تلك وكأنّها عمياء، وإلى مفاعليه وكأنّها حتميّة لا مهْرب منها ولا مندوحة عن تلقّيها في صُورها المأساويّة. آيُ ذلك أنّ النّظام هذا أصاب نجاحًا، في مراحل من تاريخه، في أن يصحّح فيه ما كان يعتَوِرُهُ من خلَلٍ وسوءِ مسار. ومن ذلك، مثلاً، ما أجراهُ من تقويم لأدائه في لحظته الكينزيّة التي أثمرت نموذج دولة الرّعاية الاجتماعيّة في الغرب الرّأسماليّ؛ الدّولة التي استدخلت في جملة سياساتها برنامج الإنفاق على القطاعات الاجتماعيّة الحيويّة؛ مثل الصّحّة والتّعليم والسّكن والتّأمين الاجتماعيّ، قبل أن تتراجع عنها وتنتكس، فتتركها مرعًى ومرتعًا للتّنافس بين ذوي المصالح الخاصّة ممّن يبحثون عن منافذ الرّبح وفرصه، حتى وإن كان ذلك على حساب الحقوق الاجتماعيّة للنّاس، وعلى حساب مبدإ المصلحة العامّة؛ المبدأ الذي عليه كان مبْنى شرعيّة الدّولة الوطنيّة الحديثة.
لا يفوتُنا، طبعًا، إدراكُ أنّ مبدأ المنافسة هو، على الحقيقة، المبدأ الذي لا يمكن النّظامَ المجتمعيَّ الحديث أن يَزْوَرَّ عنه ازورارًا أو يَحيد من دون أن يتداعى صَرْحُه؛ وأنّه المبدأ الذي عليه مبْنى العلاقات بين الدُّول، في عالم اليوم، المتدافعةِ بالمناكب لتحصيل المصالح وجَلْب المنافع. ولكن، أليس للتّنافُس سوى وجه واحد لا غير؛ أليس له من الميادين والمجالات والفرص إلاّ ما تتردّدُ صورُهُ أمام عيوننا، وأخبارُهُ على مسامعنا اليوم؟ أليس يجوز التّنافُس إلاّ في ميادين الرّبح السّريع؛ في اقتصاد الحرب، واقتصاد الاستهلاك، واقتصاد الدّعة والرّضا، وإغراق الأسواق بما يفيض عن حاجة الطّلب على الجنون والغرائز والمَلَذّات؟ أليس الاستثمار في الصّحّة، مثلاً، استثمارًا في الحياة عظيمَ الفوائد على البشريّة جمعاء؟ ومَجْلَبَةً للسّلامة والاستقرار ومَزيد إنتاج؟.
بعد هذه الجائحة؛ بعد الاتِّعاظ بدروسها الكثيرة، سيكون على البشريّة أن تفتح ورشةً جديدةً للتّفكير وللعمل؛ للتّفكير في النّموذج التّنمويّ السّائد الذي أشبع حاجات، وتَنَكّب عن إجابة غيرها، والتّفكير في موَاطن العَطب فيه وما عساها تكون البدائل الناجعةُ عنه؛ وللعمل من أجل إرساء عقيدةٍ إنتاجيّةٍ جديدةٍ تنصرف إلى بناء نموذج للتّنميّة الاجتماعيّة (لا الاقتصاديّة فحسب) بَديلٍ ونافع تدور أولويّاته على أقدس حقوق الإنسان جميعًا: الحقّ في الحياة. لن يكون كبش الفداء، في هذه الورشة من البحث عن النّموذج التنمويّ البديل، هو مبدأ التّنافس. سيظلّ التنافس قائمًا ومستمرًّا مثلما كان – داخل المجتمع الواحد وبين الأمم والدّول – ولكن سيكون عليه أن يصبح شريفًا ونظيفًا أكثر، وأن يتحلّى بمضمونٍ إنسانيّ. أَخْلَقةُ التّنافس وحدها، غدًا، مفتاح إعادة البناء بعد كلّ هذا الخراب العظيم الذي قادنا إليه منوالٌ داروينيّ ومتوحّش من "التّنميّة" و"التّقدّم".
سكاي نيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.