صدر أول أمس، للكاتب والروائي الجزائري محمد بولسهول والمعروف في الساحة الأدبية باسم "ياسمينة خضرا"، رواية الجديدة تحمل عنوان"ملح كل المنسيات"، عن منشورات دار القصبة، والتي يأخذ من خلالها القارئ في رحلة بحث عن الإنسان لتضميد جروح الروح والقلب وإعادة بناء الذات بتجاوز المحن. يروي هذا العمل الجديد الذي يقع في 287 صفحة جزء من حياة "آدم نايت قاسم" معلم يعيش حياة هادئة بدون مشاكل في إحدى قرى منطقة البليدة في بداية الستينات من القرن الماضي، وفجأة ينهار كل شيء أمامه لتتحول حياته إلى جحيم بعد آن قررت زوجته مغادرته، يقرر آدم ترك بيته و تلاميذه والانعزال عن المجتمع و تقليص التواصل مع الناس قبل أن يتخلى عن كل شيء ويروح تائها في الأرض دون هدف. يهوم هذا البطل السلبي الكئيب في متاهات الحياة بحثا عن سبب مقنع لذهاب زوجته، وقد حاول في البداية النسيان بالانغماس في شرب الكحول متنقلا بين حانات البليدة في محاولة يائسة لطي أحزانه، لكن الظروف جعلته يتعود هذا النمط الذي يشبه التشرد و ذلك رغم كل الأيادي التي امتدت لمساعدته من كل جانب، إلا انه رفضها حفاظا على عزة نفسه. وبعد ذلك وجد آدم نايت قاسم نفسه في مصحة للأمراض العقلية بعد أن أصبح فريسة الأحزان والمواجع، وهناك يلتقي بشخص يدعى عيد يعاني من مرض الامنيزيا ( فقدان الذاكرة) ومن الانطواء والكآبة، و يدرك آدم بعد ذلك أن مثل هذه الأشباح التي تدور في حلقة مفرغة هي التي تعكس الصورة الحقيقية للعالم والوجه الحقيقي لإنسانية قاسية وغير عادلة . وبعد خروجه من المستشفى يجد المعلم الذي مازال يرفض البوح بقصته حتى للأطباء هبة من التضامن و الكرم من قبل كل الذين التقى بهم صدفة على غرار البقال الذي عرفه في منطقة نائية و قام بإيوائه وأيضا صاحب العربة الذي كان يقوم بنقله عند الطلب. ومن بين هؤلاء أيضا نجد ميكا الذي كان يعيش في عزلة بالغابة وكان بالنسبة له الملاك الحارس، وخلال هذه الأسفار والتنقلات اطلع بطل القصة عن كثب على تلك الجروح والمعاناة التي بقيت شاهدة على عمق الأضرار التي خلفتها حرب التحرير، كما تعرف أيضا على المآسي الشخصية للذين قاموا بمساعدته رغم تعنته في الرفض . ويجد القارئ صعوبة في إدراك الزمن والمكان الذي تجري فيه احدث هذه الرواية التي تركز أساسا على العلاقات الإنسانية العفوية مهما كانت طبيعتها . للإشارة، ولد الروائي الكبير ياسمينة خضرا و اسمه الحقيقي محمد بولسهول بالقنادسة ببشار في 1955 و بدأ مشواره الأدبي في الثمانينات حيث نشر مجموعة قصص منها " امين " و"حورية" (1984) واشتهر لاحقا بثلاثية عن سنوات الإرهاب وهي " موريتوري" (1997) و" les agneaux du seigneur " (1998) و"بما تحلم الذئاب" (1999) . وقد تميز المسار الادبي للكاتب ياسمينة خضرا بغزارة الانتاج حيث تقدر اعماله بأكثر من 30 رواية ترجمت الى العديد من اللغات . كما اقتبس بعضها للسينما منها "موريتوري " و"الاعتداء" و "فضل الليل على النهار" كما حولت روايته "سنونو كابول "الى فيلم تحريكي.