أكد البروفيسور إدريس عطية، المختص في القضايا الجيو-سياسية، أن انتخاب الجزائر لعضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي خلال الدورة غير العادية ال24 للمجلس التنفيذي للاتحاد، المنعقدة يوم الثلاثاء بأديس أبابا، يُعدّ "خبراً جيداً وخطوة طبيعية وضرورية"، بالنظر إلى أن الجزائر تُعد من الدول المؤسسة لهذه الهيئة، ولها تاريخ رمزي عميق ومؤثر في القارة الإفريقية. وفي تصريح له ضمن برنامج "ضيف الصباح" على القناة الإذاعية الأولى، أوضح عطية أن هذا الاستحقاق الاستراتيجي يأتي في وقت حساس تمر به القارة الإفريقية، ويعكس التزام الجزائر الثابت بالدفاع عن قضايا القارة، مشيراً إلى أن حصولها على 34 صوتًا (أي ثلثي الأصوات المطلوبة) يؤكد ثقلها الدبلوماسي وثقة الدول الإفريقية في دورها القيادي. وأضاف أن "انتخاب الجزائر هو انتصار لمقاربة أفرقة الحلول التي تنادي بها الجزائر منذ سنوات، والتي تعتبر التنمية ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار"، مشدداً على أن الجزائر في طليعة الدول الداعية إلى حلول إفريقية خالصة لقضايا القارة، بعيداً عن التدخلات الأجنبية. وفي هذا السياق، أشار عطية إلى وجود قناعة واسعة لدى الدول الإفريقية بأن عضوية الجزائر ستُسهم في تعزيز أمن واستقرار القارة، خاصة في ظل التحديات المتزايدة من نزاعات مسلحة، وانتشار التطرف والإرهاب، والجريمة المنظمة، مؤكداً أن الجزائر تمتلك سجلاً حافلاً في الوساطة وحل النزاعات، مما يجعلها مؤهلة للعب دور محوري في إطفاء بؤر التوتر. وتطرق البروفيسور عطية إلى تنامي ظاهرة الانقلابات العسكرية في القارة، والتي وصفها بأنها "تستغل من قبل قوى خارجية لتحقيق مصالحها"، محذراً من أن بعض الدول الإفريقية الوظيفية تسهّل عودة النفوذ الاستعماري عبر تهيئة الأرضية لهذه الانقلابات. وانتقد الشعارات التي ترفعها الأنظمة الانقلابية، معتبراً أنها تبرر التبعية والتدخلات الأجنبية باسم السيادة، مما يدفع القارة إلى سباق تسلح مقلق، ويزج بها في صراعات لا تخدم مصالح شعوبها. وفي هذا السياق، شدد عطية على أهمية التنسيق بين الجزائر ودول مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا للتصدي لهذه الظواهر، داعياً إلى الوقاية منها عبر تمكين الشباب والمجتمع المدني، وتعزيز الدبلوماسية الوقائية بدل الاكتفاء بإدارة الأزمات بعد وقوعها. كما انتقد عطية العقوبات الاقتصادية، مؤكداً أنها غالباً ما تُلحق الضرر بالشعوب أكثر من الأنظمة الحاكمة، مستشهداً بموقف الجزائر الرافض للعقوبات التي فُرضت على النيجر بعد الانقلاب العسكري، مؤكداً على ضرورة تعزيز الحوار والثقة بين الدول الإفريقية لتجاوز الخلافات وتحقيق التنمية المستدامة.