تضمنت زيارة عميد جامع الجزائر الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسنيّ إلى قطر، أنشطة ولقاءات علميّة وثقافيّة، في إطار مشاركته في الدّورة السّادسة والعشرين لمجمع الفقه الإسلاميّ الدّوليّ بالدوحة. فقد أجرى عميد جامع الجزائر، سلسلة زيارات ميدانيّة لعدد من المؤسّسات العلميّة والثقافيّة الرائدة في العاصمة القطريةالدوحة، واستهلّ نشاطاته بزيارة إلى مكتبة قطر الوطنيّة، رفقة سفير الجزائر لدى دولة قطر، صالح عطية، حيث كان في استقبالهما الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، رئيس المكتبة. واطّلع الشيخ القاسميّ خلال جولته على ثراء الرصيد المعرفيّ للمكتبة، وأشاد بمبادراتها في دعم البحث العلميّ وصون التراث الثقافيّ الإسلامي. كما جرى بحث آفاق التعاون بين مكتبة جامع الجزائر ومكتبة قطر الوطنية، خاصّة في مجالات تطوير الخدمات المكتبيّة وتبادل الخبرات وتسهيل وصول الباحثين إلى المصادر المتخصّصة. كما قام العميد بزيارة لكلّيّة الشريعة بجامعة قطر، حيث تم بحث سبل التعاون بين الكلية ومؤسّسات جامع الجزائر، وعلى رأسها "دار القرآن"، ومركز البحث في العلوم الدينية وحوار الحضارات، والمركز الثقافي، والمكتبة وقد شكّل اللّقاء فرصة لتبادل الرؤى حول القضايا الفكرية الراهنة. وفي سياق تعزيز البعد الحضاريّ للحوار الدينيّ، التقى العميد برئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدوليّ لحوار الأديان، الأستاذ الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي، بمبنى وزارة التربية والتعليم العالي، بحضور السفير الجزائري وتركّزت المحادثات على سبل التنسيق المشترك في الأنشطة الحواريّة بين المركز ومؤسسات جامع الجزائر ذات الصلة. وأبرز العميد خلال اللقاء رسالة الجامع في إرساخ الوسطية، ونشر ثقافة الحوار والتعايش؛ من جهته، جدد الدكتور النعيميّ تقديره لرسالة الجامع، موجهاً دعوة للشيخ القاسمي للمشاركة في الملتقى الدوليّ المقبل للمركز. وتندرج هذه اللقاءات ضمن توجّه جامع الجزائر إلى توسيع شبكة علاقاته العلمية والثقافية، وتعزيز حضوره كمؤسّسة مرجعية ذات رسالة دينية، وفكرية، وحضاريّة، على الساحتين الإقليميّة والدوليّة. وكان الشيخ محمد المأمون القاسميّ الحسنيّ قد أدار ندوة بمقر السّفارة الجزائريّةبقطر، بمناسبة إحياء الذّكرى الثّمانين لمجازر الثّامن ماي 1945، تناول فيها أمثلة عن الدّلالة المرتبطة بالمقاومة الفكريّة، داعيًا إلى استلهام دور القلم والفكر في مواجهة تحدّيات العصر، وفي كلمته بالمناسبة، أكّد الشيخ القاسميّ أنّ مجازر الثامن ماي 1945 لم تكن مجرّد فصل مأساوي في ذاكرة الجزائريين، بل كانت فجرًا صاخبًا أعلن نهاية الوهم الاستعماريّ، وبداية الوعي الوطنيّ الشامل الذي مهّد للثورة التحريرية المباركة. وأضاف أن هذه الذكرى، التي يُخلّدها الشعب الجزائري، بوجدانه الجمعيّ، ودماء شهدائه، هي فرصة لاستحضار قيمة الوفاء، وتعزيز المعاني التي تقوم عليها الدولة الجزائرية السيادة، والهوية، والكرامة. ووقف العميد، طويلا، عند محطّات وأمثلة من المقاومة الفكرية، على امتداد فترة الاحتلال الفرنسيّ وهي أمثلة للدلالة على أهمّية الجهاد بالقلم والكلمة، في التنويه بالمقاومة الفكرية، التي يتجاهلها الكتيرون؛ كما شدّد على ضرورة إرساخ الذاكرة الوطنيّة في أذهان الأجيال الجديدة، في الداخل والخارج.