في اليوم الثاني من وصوله إلى العاصمة بيكين، تنقل وفد لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني، بقيادة رئيس اللجنة السيد محمد خوان، إلى مدينة "لانتشو" الواقعة غرب الصين، حيث كان في استقبالهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب المقاطعة. وخلال هذا اللقاء، دار نقاش ثري بين الجانبين حول آليات انتخاب الأعضاء على المستويين الوطني والمحلي. وبهذه المناسبة، قدّم الجانب الصيني عرضاً شاملاً حول الأهمية الاقتصادية لمقاطعة لانتشو الصناعية، موضحاً أنها أبرمت اتفاقيات هامة في قطاع البناء مع عدد من الدول الإفريقية في إطار مبادرة "الحزام والطريق". في الفترة ذاتها، قام الوفد البرلماني الجزائري بزيارة ميدانية إلى منصة "روي لينغ" لإدارة العقارات، التابعة لمجموعة الاستثمار في التطوير الحضري للمنطقة الجديدة بلانتشو. وتُعنى هذه الشركة، التي أُنشئت سنة 2019، بتوفير حلول ذكية لإدارة المباني وصيانة تجهيزات العقارات من خلال منصة رقمية تعتمد على الرصد الآلي بهدف تقديم خدمات عالية الجودة. كما زار الوفد معرض التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمقاطعة "غانتشو"، حيث طُرح عرض مفصل حول مشاريع التطوير الزراعي وطرق الابتكار لزيادة المحاصيل وتنويعها. وتم تسليط الضوء على استخدام التقنيات الذكية في جمع وتحليل البيانات لتعزيز الإنتاج الزراعي وحماية البيئة الإيكولوجية ومجابهة الكوارث الطبيعية. وأبدى السيد محمد خوان اهتماماً خاصاً بإرساء تعاون مع الصين في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي، مشدداً على ضرورة استثمار هذه الخبرات عبر قنوات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الفلاحة في الجزائر. كما أكد أن الجزائر تملك مقومات هائلة من أراضٍ خصبة ومناخ متنوع يسمح بتطوير هذا النوع من الشراكات العلمية. لاحقاً، زار الوفد مركز جامعة لانتشو للعلوم، حيث استُقبل من طرف نائب رئيس الجامعة السيد "وانغ وي"، الذي رحّب بالوفد وأشاد بمكانة الجزائر كدولة فاعلة في محيطها العربي والإفريقي. وأكد المسؤول الصيني رغبة بلاده في توسيع التعاون الثنائي خاصة في مجالي التعليم والبحث، مشيراً إلى وجود فرص واعدة للعمل المشترك في الابتكار الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة. من جانبه، ذكّر السيد خوان بالعلاقات التاريخية بين الجزائروالصين، مشيداً بالدور المحوري الذي تلعبه الصين كقوة توازن في النظام الدولي. كما أشار إلى توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الداعية إلى إنشاء بنك وطني للبذور، معتبراً أن التعاون مع الصين في هذا الإطار يأتي ضمن الشراكات مع الدول الصديقة والموثوقة. ودعا في هذا السياق إلى إشراك الجامعات الجزائرية ذات الاختصاص في هذا البرنامج العلمي، وتبادل التجارب مع نظيراتها الصينية، بما يخدم التنمية ويعزز العلاقات الثنائية. ورداً على ذلك، أكد الجانب الصيني عزمه دعوة الجامعات الجزائرية المختصة للمشاركة في الاحتفال المرتقب شهر سبتمبر القادم، بمناسبة ذكرى تأسيس منتدى رابطة جامعات "الحزام والطريق". عقب ذلك، استُقبل محمد خوان والوفد المرافق له من طرف السيد "يو تشينغهوي"، نائب رئيس اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب بالمقاطعة، حيث تم التطرق إلى متانة العلاقات الثنائية بين الجزائروالصين والتقدم الذي أحرز في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تربط البلدين منذ سنة 2014. وأشار المسؤول الصيني إلى توافق الرؤى بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس عبد المجيد تبون، والذي تُوّج بزيارة الرئيس تبون إلى الصين سنة 2023، معتبراً إياها نقطة تحول في التعاون الصريح والمثمر بين البلدين. كما شدد على أهمية ترقية التعاون البرلماني خاصة على المستوى المحلي، في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإدارة المدن. وبهذه المناسبة، عبّر عن اعتزازه بتزامن زيارة الوفد الجزائري مع ذكرى عيد الاستقلال، متمنياً للجزائر مزيداً من الرقي والازدهار. وردّ السيد خوان بالتنويه بحفاوة الاستقبال، واستذكار مواقف الصين الداعمة للجزائر منذ الثورة التحريرية، ودورها في استرجاع مقعدها بالأمم المتحدة، معتبراً إياها شريكاً موثوقاً يسعى لنشر ثقافة السلام والتوازن في عالم مضطرب.