ح/سامية انتعشت تجارة الفضة التركية التي تعود موديلاتها إلى العهد العثماني القديم بالجزائر على غرار الكثير من الدول العربية، ولقيت إقبالا ملفتا للانتباه من طرف الجزائريات من كل الأعمار، خاصة بعد الترويج لها من طرف سلطانات مسلسل "حريم السلطان"وجواريه بأجزائه الأربعة. بعد الانتشار الذي عرفته المجوهرات التركية التقليدية بين الجزائريات، جاء دور قفطان حريم السلطان بمختلف موديلاته الجذابة وألوانه الراقية ليتربع على عرش الموضة هذا الموسم، حيث تتهافت عليه المقبلات على الزواج كأحد أهم الأزياء في الأفراح والحفلات، و كل واحدة منهن تحاول أن تظهر بأجمل إطلالة لتخطف الأبصار، وتتميز عن قريناتها بإطلالة مبهرة في ليلة العمر، خاصة وأن هذه القفاطين فريدة الصنع تعتمد على أفخر الخامات ومصنوعة يدوياً بتفاصيل دقيقة ومبهرة وكأنها نسخة طبق الأصل عن موديلات حريم السلطان. استطلعنا الموضوع عن قرب من خلال جولة استطلاعية إلى محالِّ العاصمة، وكانت البداية من الأبيار، حيث تعرض أفخم أنواع القفاطين، لكن بأسعار خيالية تفوق في أغلبها ال12 مليون سنتيم. والطريف في الموضوع أن كل نوع من هذه القفاطين يسمى على اسم صاحبته، فمن قفطان السلطانة هيام إلى قفطان خديجة وحتى السلطانة الأم، تماما كما حدث مع المجوهرات التي اشتهرت ككل، ليظل خاتم السلطانة هيام الذي أهداها إياه السلطان سليمان القانوني في بال كل النساء، وهنا لا يلبث الزائر أن يكتشف مدى الإشهار الذي حققه المسلسل الشهير"حريم السلطان" في الترويج للصناعات التركية. تقاطع مع الأزياء العاصمية الأصيلة لا يخف على أحد تأثير التاريخ المشترك بين الجزائر والدولة العثمانية على أزياء البلدين التقليدية القديمة، خاصة العاصمية منها، وهو ما لاحظته الكثير من العارفات في مجال الأزياء اللواتي أكدن تقارب بعض الأزياء التقليدية العاصمية ك "البدرون" و"الجابادول"وغيره من الأزياء التي تتقاطع مع أزياء حريم السلطان التقليدية، تقول جازية خياطة ومصممة أزياء تقليدية: "بعض الأزياء التي شاهدناها في المسلسل التاريخي حريم السلطان هي نسخة طبق الأصل للأزياء التقليدية العاصمية، والملابس هي من المكونات الثقافية تعكس العمق التاريخي والتراثي، بالإضافة إلى التطريز بعدة طرق كلها يدوية فقد يكون التطريز بالمجبود، أو الفتلة، أو الشعرة. و مهما طرأ عليه من تغيير وتطوير وتقاليع ومسايرة لآخر خطوط الموضة أو حتى بتغير المواد والخامات المستعملة فيه،إلا أن هناك تقاطعا واضحا بين أزياء البلدين يذكرنا بالتواجد العثماني في الجزائر لعقود طويلة. وتضيف جازية: "الكثير من القطع التقليدية الأصيلة شاهدناها في هذا المسلسل كما في غيره من المسلسلات، ومن بين العادات المشتركة تغطية الرأس بمنديل مطرز يعرف باسم "محرمة الفتول" وهو عبارة عن خمار حريري ينتهي بخيوط تدعى (الفتول) تكون من اللون والطرز نفسيهما وك"الحويك" الذي تضعه العروس العاصمية على رأسها في ليلة "الحناء" وحتى أزياء الرجال متشابهة كثيرا من "شاشية إسطنبول" التي لبسها آباؤنا وأجدادنا إلى"سروال المقعدة" و"السروال المدورّ" و "البدعية" وغيرها من الأزياء المشتركة، لكن مع فارق،وهو أن تركيا حافظت على هذه الأزياء التقليدية أكثر منا وسوقتها بشكل مشرف إلى العالم فأبهرت كل من شاهدها. القفطان المغربي..يتراجع بالمقابل، سجل القفطان المغربي الذي طالما تربع على عرش الأزياء التقليدية تراجعا ملحوظا في ظل اجتياح القفاطين التركية الأصيلة المصنوعة من قماش "الطافطة" و"البروكار" الفاخر، مما دفع بيوت الأزياء المغربية إلى تقليد بعض التفاصيل التي ميزت قفاطين السلطانة هيام، ليفقد القفطان المغربي بذلك الكثير من خصوصيته وأصالته أيضا مقابل ألا تتراجع مستويات تسويقه في الجزائر والعالم العربي، بل وأكثر من ذلك عرفت أسعاره بعض الانخفاض بعد أن وصلت معدلاتها سقفا خياليا خلال السنوات الأخيرة قبل أن يهز مكانته القفطان التركي الأصيل.