شكل غياب الإطعام المدرسي في الكثير من المدارس الابتدائية الكثير من الجدل، خاصة أنه أحد أهم الملفات التي لا تزال عالقة في قطاع التربية رغم مرور أكثر من شهرين على بداية الموسم الدراسي، وهو ما ينعكس سلبا على التلاميذ ومردودهم الدراسي، ضف لها العوامل المناخية التي عرفتها العديد من الولايات في الأيام القليلة المنصرمة، والتي عرفت انخفاضا محسوسا في درجات الحرارة، الأمر الذي يجعل توفير وجبات ساخنة للمتمدرسين ضرورة جد ملحة. وقد أرجع نقابيون في حديثهم ل "الحوار"، مسؤولية غيابها إلى سوء التسيير النابع من دخول المجالس البلدية في وضع مالي دقيق ناتج عن نقص مواردها المالية، ناهيك عن المشكلات الداخلية التي تتخبط فيها وخلافاتها بين الرئيس ونوابه، فيما حمل آخرون هذه المسؤولية إلى الحكومة ووزارة التربية التي لم تأخذ طلب تأسيس ديوان وطني يتكفل بالخدمات المدرسية بعين الاعتبار، مطالبين جمعيات المجتمع المدني التحرك لأخذ هذا الطلب بعين الاعتبار، خاصة مع الخصوصية السوسيولوجية للتلميذ الذي يحتاج إلى طاقة كافية تمكنه من مقاومة ساعات الدراسة. في السياق، كشف رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ أحمد خالد، أن 14 ألف مطعم مدرسي موزعة على المناطق الشمالية من البلاد تعاني من مشكل سوء التسيير في الابتدائيات، وحمل أحمد خالد في حديثه ل "الحوار"، مسؤولية هذا العجز إلى البلديات التي لا تزال ثلاثة أرباعها تعاني من الإفلاس المالي، فيما يتخبط بعضها الآخر في مشاكل سياسية تتعلق بالانسداد السياسي الحاصل خلف كواليس المجالس الشعبية البلدية، حيث ترتفع حدة التوتر والخلاف بين الرئيس ونوابه، وهو ما انعكس بصورة مباشرة على عمل المطاعم المعطلة في الكثير من المؤسسات المدرسية، بالمقابل دافع ذات المتحدث عن وزارة التربية التي اعتبرها غير مسؤولية عن هذا الملف، كون أن المرسوم التنفيذي الصادر في أوت 2016 يسند تسيير المطاعم الابتدائية للبلديات. وأشار ذات المتحدث إلى أن قيمة 35 دج في الشمال و45 دج في الجنوب غير كافية لتحصيل وجبة غذائية متزنة للتلاميذ، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما خلق مشكلة أخرى لدى البلديات التي لم تعد قادرة على تسديد فاتورات الممونين. في هذا الصدد، وصف رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، نقص التموين الحاصل في الابتدائيات منذ الدخول المدرسي الحالي بالطبيعي، نظرا لاهتمام رؤساء المجالس البلدية بتنشيط حملاتهم الانتخابية تحضيرا للمحليات المزمع اجراؤها في 23 من الشهر الجاري. وحول توجه بعض المدارس إلى تقديم وجبات بادرة، أكد ذات المتحدث أن غياب اليد العاملة الكفأة المختصة في الطبخ تمتلك القواعد الأساسية الطبخ – على الأقل – سبب رئيسي في ذلك، ناهيك عن العجز المسجل لدى بعض البلديات في فتح الباب لتوظيف الطباخين بسبب غياب مناصب مالية كافية، مشيرا إلى إمكانية تحسن الوضعية بعد الانتخابات المحلية بعد تعليمة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي للولاة، التي أمرهم فيها بمنح اهتمام أكبر للابتدائيات، ناهيك عن إرسال مصالحه لغلاف مالي كبير للممونين السابقين لتسديد ديونهم، لتباشر المؤسسات بعدها في الاتصال بالممونين السابقين ليواصلون عملهم أو فتح المجال أمام ممونين جدد من خلال مناقصة. من جهته، وجه خالد أحمد رسالة إلى أولياء التلاميذ يدعوهم فيها لانتخاب الأشخاص الذين يمتلكون القدرات التي تمكنهم من تحقيق الإضافة، وبما يخدم مصلحة البلد والمدرسة الجزائرية، خاصة أن البلديات هي التي تشرف على تسيير الابتدائيات، مشددا على تكثيف التضامن والتعامل مع جمعيات التلاميذ التي تعتبر سندا لهم في ايجاد الحلول للمشاكل التي تعاني منها المدرسة الجزائرية. من جهة أخرى، ربط المكلف بالإعلام والاتصال على مستوى نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين عبد الوهاب العمري زقار، هذه المشكلة إلى مناطق تواجدها، حيث تتواجد المطاعم المدرسية في المؤسسات الكائنة بالمناطق الحضرية بأريحية تامة من ناحية الخدمات المدرسية خاصة منها الإطعام والتدفئة، في حين تعاني المناطق المعزولة والمتواجدة في مناطق جبلية وعرة وريفية بسبب افتقار البلدية الى الموارد المالية الكافية أو بسبب عدم توفر الغاز الطبيعي في تلك المناطق، ما يضطر مسؤولي الابتدائيات إلى تقديم وجبات باردة أو عدم تقديمها على الاطلاق. وحمل عبد الوهاب زقار في حديثه ل "الحوار"، مسؤولية هذه المشكلة إلى الحكومة عموما ووزارة التربية بشكل خاص، التي لم تأخذ مقترح النقابة القاضي بتأسيس ديوان وطني يتكفل بالخدمات المدرسية، خاصة منها الاطعام والتدفئة، لدفع الحكومة على تحقيقها، داعيا جمعيات المجتمع المدني التحرك لدفع الجهات المعنية لتحقيق هذا المطلب الضروري، خاصة مع الخصوصية السوسيولوجية للطفل الذي يحتاج إلى الطاقة الكافية التي تمكنه من مقاومة الساعات التي يقضيها في المؤسسة التربوية لمزاولة دراسته، وتحقيق تحصيل أفضل. أم الخير حميدي