النظرية الأمنية الإسرائيلية بقلم: أ. د. محسن محمد صالح التغيرات في النظرية الأمنية بعد عملية طوفان الأقصى إذا ما استخلصنا السلوك السياسي والعسكري والأمني الإسرائيلي، وإذا ما تابعنا حصيلة مراكز التفكير في نقد النظرية الأمنية الإسرائيلية وتطويرها، وخصوصًا معهد مسجاف للأمن القومي (المقرب من الحكومة)، ومعهد دراسات الأمن القومي INSS، ومعهد القدس للإستراتيجية والأمن JISS، فلعلنا (مع إدراكنا لوجود درجات من التباين والاختلاف فيما بينها)، نجمل التغيرات أو الاتجاهات العامة للتغيير فيما يلي: 1. الانتقال من الردع التقليدي إلى الردع الهجومي الاحترازي: وهو يعني تحويل "إسرائيل" إلى دولة ذات طبيعة هجومية دائمة، وتدير حدودها ومجالها الحيوي (في البيئة الإستراتيجية المحيطة) باستخدام القوة؛ والتخلي عن "الردع بالتهديد" إلى "الردع بالتدمير"، والتخلي عن "شراء الهدوء" و"إدارة الصراع" في إطار الاحتواء التقليدي مقابل التوسع في مفهوم الأمن ليشمل "المنع"؛ أي منع الخصوم والأعداء من شنّ الهجمات؛ وبالتالي، التركيز على مفهوم "الإخصاء"، حيث يتم شلُّ قدرات الآخرين ابتداء، قبل أن تتحقق لديهم الإمكانات لتشكيل خطر على دولة الاحتلال. وهذا يعني أن "إسرائيل" تسعى في تحقيق هيمنتها على المنطقة إلى الانتقال من "الهيمنة الناعمة" إلى "الهيمنة الخشنة" المكشوفة، والتي لا تعبأ بظهور وجهها العدواني، ولا بانتهاك سيادة البلدان المجاورة، ولا حتى ب"إحراج" أو إذلال شركائها ووكلائها في دول التطبيع. 2. تعزيز إستراتيجية الإنذار المبكر، من خلال إعادة تقييم شاملة للاستخبارات (الموساد، وأمان، والشين بيت)، وتطوير نماذج إنذار جديدة، تأخذ في الاعتبار المنظمات والجهات غير الحكومية، وتحديد المؤشرات التي تدل على مخاطر أمنية. كما ظهرت ضرورة إعادة التركيز على الاستخبارات والقدرات البشرية، حيث أثبتت الاستخبارات التقنية قصورها، بعد أن تزايد الاعتماد عليها بكثافة في السنوات الماضية، وضرورة تحقيق توازن بين التكنولوجيا، بما في ذلك (الأمن السيبراني، وأدوات الذكاء الاصطناعي)، وبين الأداء البشري. 3. تعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي البشرية والمادية، وزيادة قدرته على الانتشار، وخوض الحرب على عدة جبهات في وقت واحد: إذ كانت الإستراتيجية العسكرية تعتمد على وجود جيش محدود (نحو 170 ألفًا) يتميز بالكفاءة والمرونة، مع خفض تكاليفه قدر الإمكان، ووجود احتياط كبير (نحو 470 ألفًا) قادر على الانضمام السريع والفعال متى اقتضت الحاجة. بينما أصبح الاتجاه بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول يدفع نحو جيش كبير وميزانية كبيرة، ونحو التوسع في التجنيد حتى في الأوساط التي كان يتم التغاضي عنها كاليهود المتدينين "الحريديم"؛ وذلك لتلبية احتياجات الجيش في التوسع والهيمنة، والحروب الطويلة، وتعدُّد الجبهات. وبهذا يتم إحداث تفعيل أكبر لفكرة "تجييش الشعب" أو "الجيش الذي له دولة"!!