حتى اليوم ونحن نحي الذكرى 63 للاستقلال، من كان يصدق أن الكثير من السياسيين والحزبين والمشتغلين بالسياسة والنضال الوطني المحسوبين على الشعب الجزائري أو على الأقل الممثلين له في المجلس الوطني،أمثال فرحات عباس زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري،كان يطالب ولا أقول يناضل باستقلال ذاتي للجزائر دون قطع الصلة مع فرنسا،والحمد لله أن هذا الرأي الاندماجي الذي كان سائدا قبل الثورة لم يعمر طويلا ولم يقتنع به معظم مناضلي الحركة الوطنية..؟ خريف الغضب الذي انفجر في وجه طغيان المستدعر في نوفمبر 1954 لم يكن سوى مقدمة لطوفان لم يبق ولم يذر من سنوات عجاف بلغت 132 سنة من القهر والاضطهاد والجوع والجهل لم تصب شعبا أعزلا مثلما أصابت الشعب الجزائري الأبدي،الذي هب هبة واحدة يوم النداء الأكبر،فكان زلزالا وبركانا على الإدارة الفرنسية والمعمرين ممن أتت بهم والذين استولوا على خيرات البلاد ما ظهر منها وما بطن دون أن يلتفتوا لشعبها الجزائري الذي نال منه الفقر والجهل مبلغا لا يعلم مداه إلا الله..! ولكن بفعل إرادة المناضلين وعزيمة الشعب الذي قهره هذا المستدمر البغيض طيلة سنوات طوال،أعاد فرنسا رغم جبروتها وطيلة سبع سنوات ونصف من الكفاح المسلح إلى حجمها الحقيقي،فأذلها ومسح بكبريائها الأرض،رغم عتادها وعدتها وجيوشها الجرارة ومساندة الحلف الأطلسي،فكانت الكلمة الأخيرة للثوار المدافعين عن حرية الشعوب المقهورة،وهذه نتيجة طبيعة لكفاح كان باسم الشعب السالم،فكان نصرا مؤزرا وثورة من أعظم الثورات الشعبية..؟ لقد أعطت ثورة الفاتح مثالا في صرامتها وسريتها وفي تنظيمها ووضوح هدفها ووحدتها وتماسكها وإنسانيتها،ولولا أن كانت كذلك لفشلت وذبح ريحها،ولتمكنت فرنسا من رقاب الشعب وبالتالي القضاء عليها وإخماد جذوتها في نفوس المناضلين الوطنيين والشعب الجزائري الثائر ..؟ أرادت فرنسا ومن يمثلها من الموردين،وأراد الشهداء والمجاهدون،الذين وضعوا ثقتهم في أبناء الوطن الذي احتضنهم ،فكان الله إلى جانبهم فنصرهم على عدوهم،عدو الوطن والدين،وما النصر إلا من عند الله..؟! خليفة عقون