أثارت تعليمة فتح المجال أمام أولياء التلاميذ للمساهمة ماديا أو ماليا في تحسين نوعية الوجبات الغذائية المقدمة لأبنائهم في المطاعم المدرسية التي أبرقتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية للبلديات ، الكثير من الجدل لدى نقابات التربية وجمعيات اولياء التلاميذ ، الذين عبروا عن رفضهم القاطع لهذه المبادرة ، معتبرين اياها إشارة واضحة للتوجه نحو خصخصة المؤسسات التعليمية ، محذرين من احتمال الوقوع في فوضى في حال تفعيل هذا القرار الذي من شأنه أن يحول المؤسسات التربوية إلى رهينة بيد الممولين. في السياق ، ثمن رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ أحمد خالد ، قرار وزارة الداخلية الأخير القاضي بفتح المجال أمام أولياء التلاميذ للمساهمة ماديا أو ماليا في تحسين نوعية الوجبات الغذائية المقدمة لأبنائهم ، وهذا في حال ما إذا استثنت هذه التعليمات العائلات الفقيرة والمعوزة. في السياق ، عبر أحمد خالد في حديثه ل "الحوار"، عن رفضه التام لقرار وزارة الداخلية الأخير القاضي بفتح المجال أمام أولياء التلاميذ للمساهمة ماديا أو ماليا في تحسين نوعية الوجبات الغذائية المقدمة لأبنائهم ، في حال إذا ما كانت مفروضة على الجميع ، معتبرا أن مجانية التعليم والتضامن خطان أحمران لا يمكن لأي جهة المساس بهما باعتبارهما حقين دستوريين ، مستبعدا في الوقت ذاته أن تكون لهذا القرار أي تبعات سلبية يفتح من خالها المجال واسعا للأولياء للتدخل في سياسات تسيير المؤسسة والأساتذة ومؤطري المدارس التربوية، موضحا بالمقابل بالقول "في حال ما إذا استثنت هذه التعليمات العائلات الفقيرة والمعوزة فهي مبادرة ايجابية ونرحب بها". في ذات الشأن ، أبدى المكلف بالإعلام والاتصال لدى الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين عبد الوهاب العمري زقار ، عن رفضه ، جملة وتفصيلا، لمبادرة وزارة الداخلية بشأن مساهمة الأولياء في تدعيم المطاعم المدرسية ماديا ، مدعما موقف النقابة الرافض لها ، بالتدهور الكبير الذي عرفته القدرة الشرائية للأولياء ، خاصة مع قانون المالية الجديد ، هؤلاء الأولياء الذين أصبحوا يجدون صعوبة كبيرة في إعالة أسرهم وتوفير الحد الأدنى لها من متطلبات العيش ، داعيا السلطات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها في توفير الوجبات الدافئة والنوعية للتلاميذ في جميع المؤسسات التربوية عبر كل مناطق الوطن، متسائلا في الوقت ذاته حول كيف تحمل السلطات الأولياء هذه المسؤولية في ظل هذا الوضع المتدهور. وحذر زقار في حديثه ل "الحوار" من التداعيات السلبية الناجمة عن هذه المبادرة ، والتي سيتولد على تطبيقها فوضى عارمة تهز من استقلالية المؤسسات التعليمية في حال تطبيق التعليمة على ارض الواقع التي من خلالها ستفتح المجال أمام أولياء التلاميذ للتدخل في صلاحيات المدير والأساتذة في تسيير المؤسسة وأداء المهام الموكلة لهم ، معتبرا أنها مؤشر واضح لخصخصة المؤسسات الوطنية التربوية العمومية مثلها مثل الدروس الخصوصية التي تجري في ظروف غير مناسبة. من جهة أخرى ، اعتبر المكلف بالإعلام عن المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "كناباست" مسعود بوديبة ، أن تعليمة وزارة الداخلية أحد الملامح التي تؤشر على توجه الدولة لتخلي عن التعليم المجاني، والتي تريد فتح باب خصخصة القطاع ، مشيرا إلى انه إجراء يسمح بتوسيع الشرخ بين المؤسسات التعليمية وخلق فوارق كبيرة فيها، وهذا حسب طبيعة المساهمات في تحسين إطعام التلاميذ ، وهو الأمر الذي سيمس بطريقة مباشر مبدأ تكافؤ الفرص التاي اقرها الدستور ، القاضي إلى تحقيق العدالة بين كل التلاميذ في المدارس التعليمية. مؤكدا في حديثه ل "الحوار" أن المبادرة توحي بتنصل السلطات العمومية من مسؤوليتها في توفير الوجبات للمتمدرسين ، معتبرا أن هذه المسائل تندرج ضمن مسؤولية الدولة والهيئات المكلفة بالإنفاق على توفير الوجبة الغذائية للمتمدرسيين بمعايير متوازنة ومدروسة وطنيا. وحذر ذات المتحدث ، من الانعكاسات الخطيرة لهذا القرار ، والذي يحول المدارس التعليمية إلى رهينة بيد أولياء التلاميذ الممولين للمطاعم المدرسية ، ويسمح لهم بطريقة غير مباشرة التدخل في سياسات تسيير المدرسة ، مضيفا أنها ستضعف المدير فيما تعطي قوة أكبر لهم ، رافضا أن تكون هناك وصاية خارج سلطة المؤسسات التربوية. في سياق آخر ، وصف رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ علي بن زينة في تصريح له ل "الحوار" هذا القرار بغير المنطقي ، معتبرا إياه مؤشرا واضحا لتوجه السلطات نحو إلغاء مجانية التعليم ، الذي حذرت منظمته منه منذ سنة 2015 ، مشيرا إلى أن مشكل الوجبات الغذائية لا يكمن في التمويل الذي توفره الدولة ، بقدر ما يتعلق بغياب الرقابة على القائمين على هذا الملف في مختلف المؤسسات ، خاتما حديثه بتحذيره من المشاكل الكثيرة الناجمة عن تطبيق هذا القرار الذي قد يتسبب في احتجاج الأولياء في حال تدني نوعية الوجبات المقدمة لفلذات أكبدهم. أم الخير حميدي