سلط تحقيق صحفي لموقع إخباري مغربي, الضوء على الندرة المتزايدة للمياه في المملكة, في ظل سوء تدبير المخزن الذي يضحي بالأمن المائي للبلاد بالإمعان في زراعات كمالية موجهة للتصدير للخارج, يستثمر فيها الصهاينة بشكل كبير بعد استيلائهم على مساحات زراعية واسعة, مبرزا تواطأ الإعلام الذي يتغاضى عن الطابع السياسي للازمة. فتحت عنوان: "المغرب والعطش القادم.. معركة الحقائق بين عمى الدولة وتواطؤ الإعلام", توقف التحقيق الصحفي, مطولا عند تنامي أزمة المياه في البلاد, خاصة خلال العقدين الأخيرين, مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق بعوامل مناخية فقط كما تحاول السلطات الترويج له, بل بالسياسات الفلاحية المتبعة, التي تقوم على تصدير المياه إلى الخارج على شكل فواكه مثل الافوكادو. كما توقف ذات التحقيق عند تناول الإعلام المغربي لهذه الأزمة, و التي غالبا ما تكون معالجتها انطلاقا من الرواية الرسمية و بالتركيز على النتائج و ليس على الأسباب البشرية. وفي هذا الصدد, تناول التحقيق, دراستين حديثتين تسلطان الضوء على دور وسائل الإعلام و الدولة في معالجة أزمة المياه, حيث تطرقت الدراسة الأولى لتعامل الدولة المغربية مع "الأرقام المزعجة" حول ندرة المياه و هذا بعد تحليل 18 وثيقة رسمية ومقابلات مع خبراء. ووجدت الدراسة أن الدولة المغربية تنشر أرقاما جزئية عن تدهور المياه, مثل انخفاض منسوب السدود أو استنزاف الآبار, لكنها تتجنب دمجها في تقدير شامل للواقع, كما تستخدم هذه الجهات الرسمية, أرقاما قديمة لتقدير موارد المياه, مما يخفي التراجع المستمر. أما الدراسة الثانية, التي تطرق إليها التحقيق, والتي جاءت بعنوان: "الأمن المائي و الحكامة في المغرب: نزع تسييس ندرة المياه", تكشف عن استراتيجية الإعلام في تغطية أزمة ندرة المياه, و التي أكدت, أن الإعلام المغربي في تناوله لقضية ندرة المياه, يقوم بنزع الطابع السياسي عن الأزمة عبر التركيز على مسؤولية الأفراد وإغفال الأسباب البنيوية ودور السياسات الحكومية. وأكد التحقيق, أن الدراستين تظهران أن أزمة المياه في المغرب لا تناقش بشكل شفاف حيث يبعد الإعلام النقاش عن السياسات الهيكلية, مثل دعم الزراعة الكثيفة و المستنزفة للمياه, في حين تقدم الدولة أرقاما مجتزأة "لتجنب الأسئلة المزعجة" حول جدوى مشاريعها أو مستقبل الأمن المائي. هذا ويواصل المغرب تجاهله التام للأزمة المائية الخانقة التي تمر بها البلاد منذ سنوات, جراء موجة الجفاف المتواصلة من جهة, ويمعن في استنزاف المخزون المائي, بالاعتماد على الفلاحة التصديرية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه. وبهذا الخصوص, قالت البرلمانية المغربية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي, فاطمة التامني, أن حكومة المخزن تواصل استنزاف مياه المغاربة عبر منتجات فلاحية يتم تصديرها إلى دول أخرى, محذرة من أن استمرار تصدير المياه بشكل غير مباشر عبر هذه الزراعات التصديرية, نحو دول لا تعاني من أي خصاص مائي, يطرح أسئلة ملحة حول نجاعة السياسات الفلاحية, وأولويات الأمن المائي الوطني, في ظل ما تعيشه البلاد من اختلالات مائية وهيكلية واضحة.