* ضيف الله: المرافقة النفسية لأهالي الضحايا مطلوبة حتى تجاوز الحداد * مساسط: التكفل النفسي بالصدمات المترتبة عن الحوادث * بوسعادة: مخاطر التكنولوجيا واردة.. التكافل مع أسر الضحايا هو المطلوب * قوراية: يجب مشاركة أهالي شهداء الوطن حزنهم أكد أخصائيون نفسانيون ل"الحوار" أن المساندة النفسية لأهالي الضحايا هي أهم ما يمكن تقديمه للعائلات المفجوعة في ذويها، خاصة أن الصدمة قوية وغير متوقعة، مما ينتج عنها تعطيل في قدرات ووسائل الشخص الدفاعية، والتعامل معها يتطلب مرافقة ذوي الاختصاص للخروج بأقل الأضرار. في السياق، أكد الأخصائي النفساني محمد ضيف الله أن بالمساندة وحدها يمكن تخفيف آثار الصدمة عن أهالي الضحايا، مضيفا أن التعامل مع الصدمة يتطلب المتابعة والمرافقة النفسية لأهالي الضحايا من جهة، وللمواطنين الذين شهدوا الحادثة من سكان القرية، مضيفا أن الحاجز الأمني مهم للحيلولة دون مشاهدة جثث الضحايا، خاصة أمام أهالي الضحايا والأطفال، لأن الآثار النفسية سترافقهم مدى الحياة. وأضاف ضيف الله "لا يجب أن يكون هناك تداخل في عمليات الإنقاذ، بل يجب اتباع خطة ومنهجية وتوزيع المهام على لجان خاصة، لا تخلو من الأخصائيين النفسانيين المتعودين على التعامل في حالات الحوادث والكوارث، حيث تقع على عاتقهم مهمة المساندة النفسية لأهالي الضحايا، الذين لا يستطيعون الكلام أو التعبير في مثل هذه الكوارث، ولا يستجيبون لمشاعر الحزن والحداد إلا في الثلاثة أشهر التي تلي الحادث، وعليه المرافقة النفسية مطلوبة لمدة ثلاثة أشهر وليس ليوم واحد، بل إلى حين تجاوز الصدمة. وشدد ضيف الله على ضرورة تفادي البلبلة والآراء الهدامة، كتأويلات الصحافة الأجنبية التي قد ترجع حادثة سقوط الطائرة إلى عمل إرهابي، مما قد يوقع أهالي الضحايا في دوامة الشك والريبة، مشيرا إلى ضرورة الابتعاد عن التهويل. لعل أهم ما يميز مرحلة ما بعد الحوادث هو التعقيدات النفسية الحادة التي تنتج عن الموت العنيف الناجم عن حوادث تحطم الطائرات، والتي يترتب عليها فقدان أشخاص من العائلة أو من أحد الأقرباء، بحيث يجد أهل الضحية صعوبة كبيرة في تحمل الخبر، بل وهناك من يرفضه مطلقا، وعليه فالحادث يساهم إلى حد كبير في ظهور الصدمة النفسية، ولعل من أهم العوامل التي تسهم في تغذية هذه الصدمة هو طول الحداد وكثرة البكاء ورفض التحدث والمعاناة إلى جانب غياب المتابعة النفسية. ومن أجل التخفيف من حدة الصدمة والخروج منها، وجب خضوع المصاب للتكفل النفسي والعلاج السريري قبل 72 ساعة من حدوثها للتخفيف منها بغية الخروج من الأزمة الصدمية بأقل الخسائر، وقد تؤدي الصدمات النفسية إلى الجنون أو الانتحار جراء عدم تقبل الضحية لما حدث، حيث تعتبر الصدمة النفسية أحد أقوى الأحداث وأشدها لحدوثها بشكل مفاجئ وغير متوقع، مما ينتج عنه تعطيل في قدرات ووسائل الشخص الدفاعية. وتمر الأزمة الصدمية بخمس مراحل أساسية، ويهدف المعالج للوصول بالحالة إلى المرحلة الأخيرة، حيث تبدأ الصدمة بتبلد المشاعر وقد تستغرق ثواني أو دقائق وقد تستمر لساعات لا يتفاعل خلالها الشخص أو يستغرب، وقد يرفض أو يكذب الخبر، وهذه ثاني مراحل الصدمة، والتي قلما نجد من يشير إليها لترابطها مع المرحلة الأولى وتسمى مرحلة الانكار، لتأتي مرحلة الاحتجاج، ثم الكآبة والعزلة والانطواء والابتعاد عن الآخرين، لتختتم الصدمة بمرحلة القبول. من جانبه، اعتبر الأخصائي الاجتماعي رشيد بوسعادة أن حادثة سقوط طائرة النقل العسكرية ببوفاريك هي نتيجة لمخاطر التكنولوجيا التي لا تخلو من الضحايا والمخاطر، مضيفا أن الشعب الجزائري يتحلى بثقافة التكافل والأخوة في مثل هذه الحوادث وغيرها من الكوارث، ومتعود على المساندة لتجاوز المحن. والمطلوب اليوم من الشعب الجزائري هو إبداء روح التضامن والتكافل والأخوة وتوطيد العلاقات مع أهالي الضحايا. وأضاف بوسعادة أن التحلي بالإيمان والصبر على القضاء والقدر ضروري لمواجهة الفواجع، معتبرا أن الأسباب متعددة لكن الموت واحد، ولا شيء ينفع في مثل هذه الحالات غير الالتزام بالصبر والجلد، فلا شيء أكثر من الإيمان والتقبل والرضا بالقضاء والقدر. كما أكد من جانبه الأخصائي الاجتماعي أحمد قوراية أن سقوط الطائرة كان صدمة للمجتمع الجزائري ككل، حيث عاش المواطنون في صدمة نفسية، فلا أحد كان ينتظر وقوع مثل هذه الكارثة، والكل عاش حالة حزن وحداد، وتشاطروا نفس الشعور مع الضحايا وذويهم. وأضاف قوراية "هي صدمة نفسية جماعية، وتبقى الصدمة الاكبر لعائلات الضحايا، خاصة الأولياء والأبناء والأمهات بصفة خاصة، والمطلوب هو مشاركة أهالي الضحايا حزنهم ومواساتهم من طرف كافة أطياف الشعب، خاصة أنهم شهداء الواجب، وبعد مرور زمن ستعود الصدمة للأهالي إلى الواجهة، لكن ساعتها سيشعرون بلذة مراتب ابنائهم التي ستخفف عنهم وتواسيهم، ويبقى أهم شيء هو التكافل والتضامن ومحاولة التخفيف من وطأة الصدمة. ح. سامية