بقلم: حاج بن دوخة يعَرف الفقه الأزمة أنها قوة قاهرة لا يمكن ردها ولا يمكن توقعها والمتاح فيها هو إدارتها والتعاطي معها بغية كبح شرورها والخروج بأضرار خفيفة, كما يقتضي منطق الأشياء تحريم توزيع التهم عند الأزمات العارضة وحظر إلحاق المساءلة تحت أي ظرف أو مسمى ما لم يبن الإثبات وتسطع الوقائع. هذا هو حالنا اليوم مع جائحة كورونا أو الفيروس الذي جمًد حياة الدول وعطل نشاطها إلى يوم معلوم وجعل الكل يترقب إلى حين كما زاد من فتيل الشك ولهيب الارتياب والعارفون بنظرية التشكيك يعلمون جيدا الوجه الخبيث لهذه النزعة وتداعياتها في تحطيم همم الرجال وبخس الجهود. قطاع التربية الوطنية الذي يشغٍل أكبر عمالة في البلد ويضم بين جدرانه البيداغوجية قرابة ربع السكان ويعتبر عصب حياة الدولة سار بشأنه حبر كثير وأٌثير معه هاجس الخوف على مصير السنة الدراسية وبدأ فزع الأولياء يكبر يوما بعد يوم وهو فزع مبرر بقوة العاطفة لكن غير المبرر هو التجارة في الأزمة. الحظر الذي أقرته الدولة واجب وطني لجأت إليه في إطار حماية أرواح مواطينها وتمديده أيضا يرمي إلى نفس الغرض فمن اللائق مباركة الحكومة في هذا الإجراء والالتزام به بنوع من الوعي ومن المواطنة، فأرواح الجزائريين أهم من أي اعتبار آخر، فقادم الأيام كفيل بتدارك أي فجوة أو نقص ونوايا الدولة قائمة وجلية في هذا الخصوص. وبالعودة إلى قطاع التعليم، إيماننا راسخ جدا أن القائمين عليه وفي مقدمتهم السيد الوزير في تحد رهيب من أجل مصلحة التلاميذ نفسيا وبيداغوجيا وأنهم في سباق مع الزمن للوصول إلى التصرف الناجع وانتقاء الآليات الفعالة وفق شروط علمية وبيداغوجية تخدم ملكات الناشئة من أبنائنا والدولة تملك من الوسائل والبدائل والطاقات ما يجعل هذا الإجراء في حكم التنفيذ والسريان والأمر مسألة وقت ليس إلا. تفعيل التدريس الرقمي وتخصيص مواقع إلكترونية وبث الحصص البيداغوجية لكل الأطوار ولكل المستويات من شأنه التخفيف من أضرار هجر التلميذ للصف ومن شأنه كذلك المساهمة في رحلة تحصيله ولو بصورة نسبية لكنه عربون وحسن نية من الوزارة لدعم التلميذ في إطار المبادرات المسؤولة وفي إطار توظيف المتاح والمناسب في ظل أزمة شاذة وغريبة لم تعهدها الجزائر الحديثة ولا أحد يتحمل مسؤوليتها أو وزرها. هي رسالة طمأنة للتلاميذ وللأولياء أن منظومة الحقوق البيداغوجية مصانة للتلميذ وبميكانيزمات مريحة وأن تشخيص وضعية الأزمة وعلاج إرهاصاتها متوفر تقنيا وبيداغوجيا وبشريا وسياسيا وحقل علم التربية ثري بالمخارج وأن الوزارة تملك عديد الأوراق: الاكتفاء بالفصلين عند احتساب معدل الانتقال والتوجيه والاستدراك بالنسبة لأقسام العبور مع العلم أن الكم التحصيلي للفصلين يشمل أكثر من 80/100 من البرنامج، اعتماد البرمجة الوقتية حسب حالة الوباء بالنسبة للامتحانات الرسمية وبإمكان الوزارة اللجوء إلى مقاربة التدريس بأثر رجعي في حدود ضيقة وتقليص العطل وإدماج بعض الدروس وإسناد العملية للمفتشين والأساتذة المكونين، التخفيف من المقررات وإخضاعه لمبدأ الألويات في نطاق ديمومة إصلاح المناهج، الدخول في تنسيق مع الخبراء والتقنيين من باب الاستئناس ومع المعنيين من موظفين وشركاء من باب التشاور حتى تكون خريطة طريق التصرف موضع إجماع بعيدة عن الفرض وغيرها من الآليات التي يجود بها حقل التربية والتعليم والضامنة لتعليم الجودة والنوعية، فعل التربية مطاطي ومرن والتحكم في البرنامج تصرف متاح وممكن رغم الهدر الكبير لعامل الوقت، فعلى التلاميذ وأوليائهم الوثوق في شخص الوزير وفي إجراءات الوزارة لأنها ضرورة ملحة في ظل خبث هذه الجائحة كما أنها إجراءات مستوحاة من علم التربية والبيداغوجيا تأخذ في الحسبان قلق التلميذ ومصلحته وتطلعات الأولياء وكامل أطياف الجماعة التربوية. كل الشكر والإشادة لدولتنا ومن ورائها الوزارة الوصية.