بولندا: حضور قوي للقضية الصحراوية بالعاصمة وارسو    استشهاد 8 فلسطينيين في قصف صهيوني على خان يونس والنصيرات بقطاع غزة    حصيلة الهجمات الصهيونية على إيران بلغت 224 شهيدا    دعوة للاستثمار الفوري    شايب وواضح يشاركان في لقاء حول المقاولاتية    غريب يدعو إلى رفع نسبة الإدماج    خوان يترأس جلسة عمل مع نظيره من البرلاسان    خطط لتطوير وكالة الأنباء    دعم رئاسي لمشاريع الأسر المنتجة    هل يصل سعر البترول إلى 150 دولاراً؟    إيران الكيان الصهيوني.. المواجهة الكبرى    ليلة الشرق الأوسط الساخنة وأسئلتها الجديدة    نادي سطاوالي بطلاً    ما تْغامْروش..    مشروع مرجع العنونة ركيزة في مسار التنمية    شرطة المسيلة توقف 18 شخصا    طوابع بريدية جديدة    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    الرئيس تبون يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    منع مواقد الشواء في الغابات لقلة الوعي البيئي    استكمال المشاريع الهيكلية وتحسين القدرة الشرائية    دعم وحدات الجيش بكفاءات قتالية عالية    دفع التعاون الجزائري - العماني في صناعة الأدوية    صواريخ إيران تزرع الرعب.. وتل أبيب تتوجّع    استمرار الضربات المتبادلة بين إيران والكيان الصهيوني    جاهزية تامة لإطلاق شركة النّقل الجوي الداخلي    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    تعادل مثير بين الأهلي وميامي    مشكلة حراس "الخضر" مستمرة وتضع بيتكوفيتش في ورطة    جهود مكثفة لحماية المناطق الرطبة    يوم دراسي حول المسؤولية الطبية    تعليمات لتسريع تسليم المشاريع السكنية الجديدة    إسلام منصوري يفتك القميص الأصفر    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية لسنة 2025    ذاكرة تُكرّم وأصوات تُخلد    دورة تكوينية في المقاولاتية للطلبة ذوي الهمم    إجراءات تنظيمية وتدابير أمنية محكمة    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    بكالوريا 2025: تنظيم محكم وظروف مريحة ميزت مجريات اليوم الأول    تسريع الإجراءات اللازمة لإطلاق شركة النقل الجوي الداخلي للمسافرين    صحة: سايحي يتحادث مع نظيره التونسي    الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تحدد شروط الصعود والنزول للموسم 2025-2026    ورقلة : مشروع المرجع الوطني للعنونة ركيزة في مسار التنمية    دراجات /طواف الكاميرون-2025 : الجزائري إسلام منصوري يفوز بالقميص الأصفر للنسخة 21    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    بشارات ربانية عظيمة    تخيل.. عام واحد بلا كهرباء ولا آلات!    الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    "واللَّه يعصمك من الناس"    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    بعد تسجيل خروقات في استغلال المصنفات المحمية، الوصاية:    العرباوي يشرف على إحياء يوم الفنان    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    مونديال الأندية ينطلق اليوم    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"آية صوفيا" تنفخ في رماد الحقد الصليبي
نشر في الحوار يوم 13 - 07 - 2020

عاد ارزقي فراد للحديث عن الموضوع الذي شغل العالمين الإسلامي والمسيحي الأيام الماضية، بإعادة متحف آيا صوفيا إلى وظيفته الأصلية كمسجد للصلاة، وقد أسال هذا القرار حبرا كثيرا،وذكر ارزقي فراد أن هذا المعلم الحضاري الإنساني، كان في البداية كنيسة كبرى بناها الإمبراطور جوستينيان الأول سنة 537م، وكانت مقرّا للمسيحية الأرثوذوكسية وهي العقيدة الرسمية لإمبراطورية الروم البيزنطية في الشرق عاصمتها مدينة قسطنطينية(اسطنبول حاليا)،مقابل العقيدة الكاثوليكية للإمبراطورية الرومانية التي يوجد مقرها في إيطاليا إلى يومنا هذا.وكانت الإمبراطورية البيزنطية تواجه في القرون الوسطى خطرين كبيرين؛ الخطر الفارسي من الشرق والخطر الروماني من الغرب.
وبعد ظهور الدولة العثمانية الإسلامية في الأناضول على يد عثمان بن أرطغرل، بدأ دورها في التعاظم إلى أن استطاعت أن تفرض نفسها كقوة في آسيا الغربية المتاخمة لقارة أوروبا، لتصبح لاحقا قوة عالمية. وكان انتصار السلطان العثماني محمد الثاني الملقب بالفاتح على البيزنطيين سنة 1453م منعطفا تاريخيا هاما اتّخذه المؤرخون مَعْلمَا لنهاية حقبة القرون الوسطى وبداية حقبة التاريخ الحديث، انتقلت إثر ذلك موازين القوى الدولية من الدولة البيزنطية المسيحية المنهارة إلى الدولة العثمانية الإسلامية الصاعدة.
وذكرت بعض المصادر التاريخية أن محمد الفاتح قد اشترى كنيسة آيا صوفيا (ومعناها الحكمة الإلهية) بماله الحرّ، ثم حوّلها إلى مسجد بعد أن أدخل عليها تعديلات وإضافات عمرانية أهمها الصوامع الأربع، ثم جعله وقفا للمسلمين، علما أنه لم يقم بطرد المسيحيين من مدينة القسطنطينية كما طرد الأسبان المسلمين بعد سقوط إماراتهم في الأندلس الواحدة تلو الأخرى منذ القرن 13م.
وعليه فإن ما قام به السلطان محمد الفاتح لم يكن بدعة جديدة، بل كان عرفا دوليا سار عليه الحكام المسيحيون في اسبانيا الذين قاموا بتحويل مساجد المسلمين بعد هزيمتهم وطردهم، إلى كنائس في مدن عدة منها طليطلة وقرطبة وأشبيلية وغرناطة وغيرها.
بقي مسجد محمد الفاتح(آيا صوفيا) يؤدي دوره الروحانيّ لمدة زمنية تقارب الخمسة قرون، إلى أن حوّله الرئيس التركي مصطفى كمال أتاتورك إلى متحف في حدود سنة 1935م. فما هي الأسباب والدوافع التي جعلته يتخذ هذا القرار يا ترى؟.
للإجابة على هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى السياق السياسي العام الذي عرفته تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها. وباختصار يمكن القول بأن مصطفى كمال أتاتورك كان مقتنعا بضرورة التخلص من الخلافة العثمانية المريضة وتعويضها ببناء دولة قومية تركية حديثة.
ومن المحتمل أن يكون جمود فقهاء الدولة العثمانية من جهة، واصطفاف الشريف حسين زعيم الثورة العربية وراء بريطانية وفرنسا من جهة أخرى أثناء الحرب العالمية الأولى ضد الدولة العثمانية، من العوامل التي جعلت مصطفى كمال يقرّر إنهاء الخلافة العثمانية (المشكّلة من عدة قوميات) سنة 1924، واستبدالها بدولة حديثة تركية قومية عَلمانية. وفي هذا السياق اتخذ مجموعة من إجراءات سياسية جذرية غايتها قطع الصلة بالعالم العربي الإسلامي(إلغاء الحروف العربية واستبدالها بالحروف اللاتينية في كتابة اللغة التركية/ إلغاء الطربوش واستبداله بالقبعة الغربية/ إلغاء الأذان في المساجد/ تحويل مسجد محمد الفتح إلى متحف…).
قد يفسّر البعض موقف الرئيس رجب طيب أردوغان إنطلاقا من إنتمائه إلى التيار السياسي الإسلامي، ولكن ألا تتحمل دول أوروبا بعض المسؤولية في انبعاث الوعي الإسلامي التركي من جديد عندما منعت تركيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لكونها مسلمة؟ ثم لماذا يذرف البابا دموع التماسيح على متحف آيا صوفيا الذي أعاده الرئيس التركي إلى وظيفته الأصلية؟ أليست تركيا دولة ذات سيادة من حقّها أن تقرّر مصير شؤونها العامة وفق إرادة شعبها؟ ألم تقرع أجراس كنائس دولة الفاتيكان معلنة فرحها يوم سقوط الجزائر المسلمة أمام العدوان الفرنسي المسيحي الذي هدّم بعض مساجدنا وحوّل البعض الآخر إلى كنائس ومستشفيات وثكنات عسكرية؟ مهما يكن من أمر فمن السذاجة أن يعتقد المرء أن "وهج المسيحية" قد فتر في الحضارة الغربية، أولم يعلن الرئيس الأمريكي بوش أن الحرب على العراق هو امتداد للحروب الصليبية؟ أوليس نقل عاصمة الصهاينة إلى القدس بمباركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامپ هو تأكيد على أن الحروب الصليبية لم تنته؟ على أيّ حال فإذا كان الرئيس مصطفى كمال قد نجح في تحدي الغرب الاستعماري وفي إخراج بلده من الحرب العالمية الأولى بأخف الأضرار، فإن الرئيس طيب أردوغان هو بصدد منافسة الدول الكبرى من أجل إعادة التوازن إلى مجال العلاقات الدولية، المحتكر من طرف الغرب الليبرالي ومن طرف روسيا المنبعثة من رماد الاتحاد السوفيتي، وهذا ما يرعب الطرفين. فهل يُعْقل أن يلوم من يعيش خارج التاريخ، الساعي إلى العودة إلى مركز التاريخ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.