بغية إتمام صيام شهر رمضان كاملا، تلجأ الكثير من الفتيات العازبات إلى الاستعانة بحبوب منع الحمل لتأخير الدورة الشهرية، وغالبا ما يقصدن الصيدليات لاقتناء هذه الحبوب دون اللجوء إلى الطبيب متجاهلات ما قد ينجم عن هذا السلوك من مخاطر طبية، وإن كان الهدف من هذا السلوك هو التقرب إلى الله عز وجل خلال الشهر الفضيل، إلا أنه يبقى بعيدا عن الفطرة التي فطر الله عليها النساء وارتضاها لهن. روبورتاج/سامية/ح يشهد الإقبال على حبوب منع الحمل أعلى معدلاته قبيل شهر رمضان، وهذا بشهادة أصحاب الصيدليات التي تعودت منذ سنوات على التزود بكميات إضافية لتلبية الطلبات المتزايدة على هذه الحبوب خلال رمضان، والسبب بات معروفا وهو رغبة بنات حواء في التخلي عن رخصة الإفطار و إتمام صيام شهر رمضان بدون انقطاع. تقول وردة 23 سنة:" للسنة الثانية على التوالي ألجأ إلى حبوب منع الحمل ليتسنى لي صوم الشهر كاملا مع إقامة التراويح التي أحرص عليها مثل عينيي، حتى وإن اضطررنا إلأى صلاتها في البيت للعام الثاني على التوالي بسبب الجائحة، وقد لجأت إلى ذلك بعد أن سمعت فتوى تبيح استخدام هذه الحبوب لتأخير الدورة الشهرية، حيث أكد لي إمام المسجد بأن استعمال العقاقير والحبوب التي تؤخر الحيض إلى ما بعد رمضان والتي تتيح للنساء إتمام الشهر كله بغير انقطاع لا مانع منها شرعا،مع أنه أكد بأن جواز اللجوء إلى هذه الوسيلة مرهون بقرار الأطباء بحسب ما يترتب عليه من تأثير على صحة المرأة عاجلاً أو آجلاً، فإن ترتب على استعمالها ضرر فهي حرام شرعا، لأن من المقرر شرعا أن حفظ الصحة مقصد ضروري من مقاصد الشريعة الإسلامية. لا تفريط في العشر الأواخر من خلال استطلاعنا لآراء الفتيات اللواتي تعودن على استهلاك حبوب منع الحمل، لاحظنا حرصا كبيرا من طرفهن على عدم التفريط في الصيام والصلاة، خاصة إذا ما صادفت الدورة العشر الأواخر من رمضان، كما قالت نسرين 26 سنة" تعودت منذ سنتين تناول حبوب منع الحمل خلال العشر الأواخر من رمضان، خاصة وأن توقيت الدورة تزامن مع هذه الأيام المباركة التي أحرص فيها على الصيام والقيام،ورغم أني سمعت تحذيرات الأطباء من مخاطر تناول غير المتزوجات لهذه الحبوب، إلا أنني لم أعر انتباها لذلك طالما أني لا أكثر من استهلاكها كما تفعل بعض الفتيات، فهناك من يستعملنها في فترة الامتحانات وأخريات في فترات الأعراس وغيرها من المناسبات، لكنني أستخدمها في السنة مرة ولأسباب وجيهة برأيي. ونفس الرأي أبدته سهيلة بقولها" أتناول حبوب تأخير الحيض منذ عدة سنوات في رمضان، حتى استطيع أداء صلاة التراويح وتلاوة القرآن ولا أرى في ذلك أي ضرر. آثر جانبية خطيرة على العازبات بينما ترى فريال أنها على الرغم من رغبتها في إتمام صيام رمضان بدون الاستفادة من رخصة الإفطار، إلا أنها لن تخوض تجربة هذه الحبوب مرة أخرى، بعدما تسببت لها في مشاكل صحية في العام الماضي، حيث باغتتها الدورة الشهرية على غير عادتها بغزارة شديدة مصحوبة بآلام شديدة. مما سبب لها ضعفا شديدا. فقررت عدم تكرار التجربة مرة أخرى. وتضيف فريال" اضطررت بعد تلك التجربة إلى الذهاب لطبيبتي العامة التي حذرتني من الإفراط في تناولها لما لها من تأثير سلبي. بحيث تؤدي إلى تأخر الحمل أو حتى إلى الإصابة بالعقم في بعض الحالات . كما أوضحت لي بأنه من المفروض على العازبات إجراء التحاليل و الفحوصات الضرورية ، من تحاليل خاصة بالدم قبل البدء في تناول حبوب منع الحمل. وهو نفس الرأي الذي خرجت به نوال من تجربتها مع هذه الحبوب، حيث أكدت بأنها عانت من عدة أعراض جانبية بسبب استعمالها لهذه الحبوب حيث لازمها الغثيان والدوخة طيلة فترة تناولها كما لاحظت زيادة غير مبررو في وزنها، كما تغير مزاجها بشكل ظاهر لكل محيطها.مما دفعها لمقاطعة هذه الحبوب أيا كان السبب. بينما قررت حفيظة التي استخدمت هذه الحبوب في رمضان لعدة سنوات بغية إتمام الصيام والقيام، إلا أنها عانت بعدها من آثار صحية جانبية، فقد اختلت مواعيد الدورة الشهرية عندها بعد أن كانت مضبوطة، الأمر الذي أدخل الخوف إلى قلبها، خاصة وأنها لا تزال فتاة وتفكر في الزواج والإنجاب مستقبلا. وتضيف حفيظة" اقتنعت أخيرا بأن الالتزام هو الرضا بالفطرة التي خلقنا الله عليها والاستفادة من رخصة الإفطار كما أراد الله، ليس علينا أن نبدل فطرة الله حتى ولو من أجب العبادة، طالما أن القرآن قنن لنا كل شيئ، فمن الأفضل الأخذ بالرخصة بالإفطار ثم تعويض هذه الأيام كما كانت تفعل أمهاتنا وجداتنا، ولا داعي إلى الاجتهاد في أمور تناقض الفطرة. عمادة الأطباء تحذر: إفراط العازبات في تناول حبوب منع الحمل يؤدي إلى العقم كشف الدكتور بقاط بركاني رئيس عمادة الأطباء عن مخاطر لجوء العازبات إلى استهلاك حبوب منع الحمل دون وصفة الطبيب، مشيرا إلى تفشي هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة بين الجزائريات غير المتزوجات لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بعلاج حب الشباب والتهابات بطانة الرحم أو ما يتعلق بتأخير نزول الدورة من أجل الصيام أو أداء العمرة، متجاهلات مخاطر هذه الحبوب وانعكاساتها على صحة العازبات. لذا لا ينصح بركاني بأن توقف المرأة دورتها الشهرية، لكونها من بالخصائص الفسيولوجية الطبيعية عند المرأة، خاصة إذا استمر الوضع لعدة أشهر واضطرابات لأن ذلك قد يؤثر على حياتها الهرمونية مستقبلا. وتجمع أغلب الآراء الطبية على وجود أضرار لحبوب منع الحمل بسبب الهرمونات الموجودة فيها والتي تؤدي إلى بعض الآثار الجانبية لدى بعض النساء، إلا أنّ هذه الآثار الجانبية ليست خطيرة، وعادةً ما تزول هذه الأعراض خلال شهرين أو ثلاثة من استخدام الحبوب، إلا أنّ هذه الآثار لا تحدث لدى جميع النساء، حيث إنّ العديد منهن يستخدمن حبوب منع الحمل دون مواجهة أية مشاكل، ويجدر العلم أنّ حبوب منع الحمل موجودة منذ عقود، ويستخدمها الملايين من النساء بشكلٍ آمن. ماحكم استهلاك حبوب منع الحمل لإتمام صيام رمضان؟ أكد رئيس نقابة الأئمة جلول حجيمي، في تصريحه لمجلة "الحوار"، أن استخدام حبوب منع الحمل لتأخير الدورة الشهرية في رمضان بغية إتمام الصيام والقيام،يعتبر رخصة شرعية اذا لم تكن فيها خطورة على المرأة فلا مانع ان أرادت ذلك، مضيفا أن حفاظ المرأة على فطرتها أحسن لها، كما يفتي البعض في مثل هذا الموقف في الحج. فيما قال الشيخ سليم محمدي، بأن الفقهاء أفتوا بأن الأفضل أن تبقى النساء على أصل خلقتهن وما كتبه الله عليهن,فإن أفطرن أياما بسبب الحيض فليقضين بعد ذلك. مضيفا، أنه يجوز استثناء لمن أرادت استعمال أعشاب أو أدوية أو غير ذلك لتأخير الدورة الشهرية، حتى يتمكن من صيام الشهر كله. بينما جاء في رأي الإمام ابن الباز، أن لا حرج في ذلك أن تأخذ الحبوب لمنع الحيض حتى تصلي مع الناس، وتصوم مع الناس، بشرط أن يكون ذلك سليماً لا يضرها، عن مشاورة للطبيب، وعن موافقة من زوجها، حتى لا تضر نفسها، وحتى لا تعصي زوجها، فإذا كان عن تشاور، وعن احتياط من جهة السلامة من الضرر، فلا بأس. وهكذا في أيام الحج. نعم. وإجمالا، أجمع أغلب الفقهاء أن من الأحكام الثابتة فى الشرع أن المرأة المسلمة يجب عليها الفطر فى رمضان إذا جاءتها الدورة الشهرية؛ إذ الفطر هو الذى يناسبها فى حالات الإعياء والاضطرابات الجسدية التى تصاحب الحيض. لذلك أوجب الشرع عليها الإفطار، وهذا تخفيف من الله تعالى ورحمة منه سبحانه، وما يفعله كثيرٌ من النساء من أكل شىءٍ قليلٍ جدًّا أو شرب بعض السوائل ثم الإمساك بقية اليوم هو أمرٌ مخالفٌ لِحكمة الشرع الشريف في التخفيف عليها والحفاظ على صحتها الجسدية والنفسية، والمطلوب منها أن تُفطر بشكل طبَيعى فى فترة حيضها، ولا حرج ولا لوم عليها؛ لأنها ستقضى هذه الأيام، حسبما جاء فى حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت، "كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ" متفقٌ عليه. أما استعمال العقاقير والحبوب التى تؤخر الحيض إلى ما بعد رمضان، والتي تتيح للنساء إتمام الشهر كله بغير انقطاع، فلا مانع منه شرعًا، ويصح منها الصوم، ويجوز لها اللجوء إلى هذه الوسيلة، شرط أن يقرر الأطباء أن استعمال هذه الحبوب لا يترتب عليه ما يضر بصحة المرأة عاجلًا أو آجلًا، فإن ترتب على استعمالها ضررٌ فهى حرامٌ شرعًا؛ لأن من المقرر شرعًا أنه لا ضرر ولا ضرار، وحفظ الصحة مقصدٌ ضرورى من مقاصد الشريعة الإسلامية، ومع أن استخدام هذه الوسيلة جائزٌ شرعًا، إلا أن وقوفَ المرأة المسلمة مع مراد الله تعالى وخضوعَها لما قدَّره الله عليها من الحيضِ ووجوبِ الإفطار أثنائه أَثْوَبُ لها وأعظَمُ أجرًا.