كتب كريم يونس وسط الجمهورية السابق مقلا حول العلاقات بين الجزائر و المغرب، و الاسباب الحقيقية للخلاف بين الجزائر و المملكة. وروى يونس قصة حول العلاقات بين الجزائر و المغرب قال فيها ان البعثة الدبلوماسية المغربية بالأمم المتحدة،استغلت بنيويورك، اجتماع البلدان العضوة في حركة عدم الانحياز، المخصص لموضوع معين، من أجل القيام بتوزيع مذكرة رسمية تدعو لما يمكن توصيفه"بحق تقرير مصير الشعب القبائلي"الذي يعاني من "أطول فترة احتلال أجنبي". إن طلب التوضيح الذي تقدمت به وزارتنا للشؤون الخارجية، مباشرة ، بعد نشر المذكرة المغربية، لم يجد أي صدى وهو ما يؤكد أن المملكة المغربية تتحمل بصفة كاملة تصريحا عدوانيا لا يمكن تقبله في الشكل ولا في المضمون، وهو يشكل فعلا بالغ الخطورة تجاه بلد سيد و "شقيق". واضاف انه: لم يمنع اعتراف الملك الحسن الثاني برسم الحدود الجزائرية المغربية ، في 06 جويلية 1961، أمام فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من قيام حرب ضروس بين شعبين شقيقين، عقب مطالبة الطرف المغربي بإعادة النظر في رسم الحدود المعترف بها سابقا. خلال هذه المناسبة، وبكل وضوح ، جدد ، جلالة الملك، الحسن الثاني، دعمه للجزائر في كفاحها من أجل استقلالها، كما أكد معارضته لأية فكرة تتعلق ب"تقسيم أو بتر أي جزء من التراب الجزائري" . -1- من جهته قام رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بالاعتراف بالحدود الرسمية للمملكة المغربية و المسطرة من طرف فرنسا الاستعمارية. إن هذا الاتفاق، للأسف الشديد، جرى خرقه، في جويلية 1962، من قبل الطرف المغربي الذي قام باحتلال أجزاء من التراب الجزائري، بين بشار وتندوف، والأدهى من ذلك أنه قام بمحاولة استغلال السكان المحليين من أجل دفعهم لتقديم البيعة لملك المغرب. نفس الشيء كرره الطرف المغربي، بعد ذلك، مع قبائل الصحراء الغربية، التي جرت مساومتها لتقديم البيعة وهي التي كانت تتمتع باستقلاليتها منذ ما يقارب عشرة قرون ، أي منذ عصر الممالك البربرية للمرابطين والموحدين، مخالفا بذلك نتائج الرأي الاستشاري الذي خلصت إليه محكمة العدل الدولية، سنة 1975. وقال يونس انه: في ظرف كانت الجزائر تلملم فيه جراحها، وتسعى بمشقة لترتيب المؤسسات السياسية الجديدة، بعد 132 سنة من استعمار استيطاني، عدواني، قام الحسن الثاني بالمطالبة بالتطبيق المباشر للاتفاقية الموقعة في 06 جويلية 1961،ولعله كان يخشى التراجع عن تطبيق هذه الاتفاقية، والأدهى من ذلك أنه قام ، بدون أي اتفاق مسبق، بمباشرة استغلال الموارد المنجمية التي تتواجد في هذه الأقاليم ، التي كانت محل أطماعه. لقد جرت معالجة النزاع سنة 1963 من خلال حرب سميت "بحرب الرمال"وتمت العودة إلى الحدود المعترف بها من طرف البلدين، لكن الوضع الموروث لم يجعل الجار بل الجيران يطمئنون ويحسون بالمعنى الحقيقي للجوار وذلك أمام الأطماع التي كان يبديها المغرب من أجل تحقيق ما كان يسميه "بالمغرب الكبير". بالنسبة للشعوب، سواء تعلق الأمر بالمغرب أو الجزائر، فإن الشعور بالوحدة لا يبدده أي شك، وعلينا جميعا أن نحافظ على هذه الشعلة لا أن نطفئها ، ولعل المستعجل في مسار بناء المغرب الكبير للشعوب، هو أن يتمعن كل واحد في مرآة الحقيقة، بدون أية مواربة أو مساحيق. وقال يونس: من المهم كذلك أن لا يعتقد أحد الطرفين، أنه وبفضل داعميه الخارجيين ، أو من خلال ترسانة الأسلحة التي يملكها، أنه في وضع استراتيجي متفوق يسمح له بنهج المسار العسكري. إن هذا الاعتقاد سيؤدي،بدون رجعة، لانفجار المنطقة وهو وضع لن يستطيع الدعم الأجنبي ولا ترسانة الأسلحة إطفاءه بل سيؤدي لتدمير جميع قدرات بلدينا واحتلالها من طرف قوات أجنبية. واختتم بالقول: سواء تعلق الأمر ببلدنا، الجزائر، الجار المغربي،أو كل الجيران وبالأحرى إفريقيا كلها، فإن التحدي الأساسي هو في كيفية الالتحاق بركب الألفية الجديدة وذلك من خلال الحفاظ على المصلحة العليا للشعوب قبل كل شيئ، بعيدا عن الحسابات والمزايدات الظرفية.