بسكرة : جثمان المجاهد مسعود لونيسي يوارى الثرى بمقبرة العزيلات    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفيرة كندا لدى الجزائر    لجنة ال24 الأممية: المرافعة بقوة من اجل حق تقرير مصير الشعب الصحراوي    عنابة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار رابح بيطاط الدولي    نحو بلوغ 15 ألف كلم من السكك الحديدية عبر الوطن مع أفاق 2030    منصوري تشارك بمدينة شانغشا الصينية في الاجتماع الوزاري لمتابعة توصيات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي    عين تموشنت : الانطلاق في إنجاز محطة لتصفية المياه المستعملة ببني صاف    انطلاق التظاهرة الفنية الإبداعية "تيندا 25" بالجزائر العاصمة    لتقريب الخدمات المصرفية واستقطاب الودائع المالية..اجتماع الحكومة يدرس مشروع استحداث بنك بريدي    اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال: جهود متواصلة لتعزيز تدابير الوقاية وآليات الرقابة    اليوم العالمي للمتبرعين بالدم: جمع أزيد من 721700 كيسا من الدم في سنة 2024    الأمم المتحدة: الجزائر تتصدى من جديد لتحريف المغرب للحقائق بخصوص الصحراء الغربية    جبهة البوليساريو تؤكد أمام لجنة ال24 : الشعب الصحراوي لن يتخلى أبدا عن حقه في تقرير المصير والاستقلال    كرة القدم/ كأس إفريقيا 2025 (سيدات) : اختيار ثلاثة حكام جزائريين لإدارة مقابلات البطولة القارية    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    كولومبيا: ندوة دولية حول نضال المرأة الصحراوية ضد الاحتلال المغربي    سلطة الضبط تحذّر من المساس بحقوق الأطفال    الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    إنزالٌ على الشواطئ من طرف العائلات    مُخطّط خاص بالرقابة والتموين يشمل 14 ولاية ساحلية    جريمة فرنسية ضد الفكر والإنسانية    قِطاف من بساتين الشعر العربي    بحث سبل دعم مؤسسة التمويل الإفريقية للمشاريع الجزائرية    آيت نوري: أتطلع للعمل مع غوارديولا    المنتخب الوطني للمحليين يفوز ودياً على رواندا    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    الجيش الوطني مُستعد لدحر أيّ خطر    معرض أوساكا العالمي : تسليط الضوء على قصر "تافيلالت" بغرداية كنموذج عمراني بيئي متميز    حوادث الطرقات: وفاة 46 شخصا وإصابة 2006 آخرين خلال أسبوع    كأس الجزائر للكرة الطائرة (سيدات): ناصرية بجاية من أجل التأكيد وبن عكنون بحثا عن تحقيق انجاز غير مسبوق    صحة: اجتماع تنسيقي للوقوف على جاهزية القطاع تحسبا لموسم الاصطياف    يجب التنسيق بين القطاعات الوزارية والهيئات ذات الصلة    مستشفى الأمل في غزة أصبح عمليا خارج الخدمة    هؤلاء سبقوا آيت نوري إلى السيتي    هل أمريكا شيء وإسرائيل شيء آخر؟    نسعى لتشجيع الابتكار وعصرنة تربية الماشية النادرة    نفط: ارتفاع الأسعار بقرابة واحد بالمئة    توظيف تجربة الجزائر الرّائدة لتوفير الخدمات الأساسية    صعودنا مستحَق بفضل مجهودات الجميع    "الشلفاوة" يستهدفون نقاط البقاء    "قافلة الصمود" ترجمة لعمق تضامن الجزائر مع فلسطين    جمع 295 شهادة لمجاهدين عايشوا أحداث الثورة    الفنانة التشكيلية نورة علي طلحة تعرض أعمالها بالجزائر العاصمة    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    الجزائر تودع ملف رفع حصة حجاجها وتنتظر الرد    نفذتها "منظمة الجيش السري" للاستعمار الفرنسي:حرق مكتبة الجامعة المركزية عام 1962 جريمة ضد الفكر والإنسانية    النقش على الفضة والنحاس انعكاس لتاريخ المنطقة    كمائن الموت تتواصل ضد الأبرياء بغزّة    ضبط مواقيت عمل المؤسسات البريدية خلال الصيف    المحاربون بوجه مشرف في الشوط الثاني    تعيين سفراء الجزائر بكازاخستان والسلفادور وروسيا    فرط النشاط وتشتّت الانتباه يجمع الأولياء والمختصين    تقنيات جراحية حديثة لمعالجة أمراض الرجال    مجلة "آفاق سينمائية" : إبراز دور السينما الجزائرية في فضح الاستعمار الفرنسي    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر تحولت إلى ''بازار'' المنافسة فيه غير شريفة
نشر في الحوار يوم 19 - 05 - 2009

المساحات الكبرى تنبت مثل الفطريات وتبيع كل شيء إلا المنتجات الوطنية
فاقت فاتورة الاستيراد مبلغ 38 مليار دولار في سنة 2008، وهو ما أثار ليس فقط قلقا داخل الحكومة ولكن أيضا وسط المواطنين الذين لم يفهموا سر ارتفاع فاتورتهم الغذائية من سنة لأخرى. غير أن هذا القلق سرعان ما يفقد سره بمجرد الدخول إلى أول مساحة كبرى تصادفك في الطريق التي تعرض كل ما تلفظه مصانع أوروبا وآسيا وأمريكا، دون أن تجد وسطها أي مكان للمنتج الوطني. الجزائر تحولت إلى ''بازار'' يباع فيه منتج كل جنسيات العالم باستثناء إنتاج البلد. في أقل من 15 سنة، انتقلت فاتورة الاستيراد للجزائر من 8 مليار دولار العام 97 إلى ما يزيد عن 38 مليار دولار في السنة الماضية، تمثل فيه الفاتورة الغذائية من حبوب ، حليب ودواء قرابة ال 8 ملايير دولار، وهي ميزانية دفعت الحكومة إلى التدخل عن طريق فرض إجراءات للحد من هذا الاستيراد الفوضوي الذي يكلف الخزينة العمومية أعباء ثقيلة. لقد قررت الحكومة ضرورة إشراك الجزائريين بنسبة 30 بالمائة في شركات الاستيراد الأجنبية وذلك قصد التحكم أكثر في نوعية المنتجات التي تغزو السوق الوطنية. يكفي التجول في أروقة أي مساحة كبرى من المساحات التي انتشرت في السنوات الأخيرة مثل الفطريات، لتفهم لماذا لم يساهم تحرير التجارة الخارجية ورفع احتكار الدولة عن هذا القطاع في تطوير الاقتصاد الوطني بقدر ما عمل على فرض ضغوط جديدة عليه، جراء ما يسميه المتعاملون الاقتصاديون المنافسة غير الشريفة التي تواجه المؤسسات الوطنية. من مؤسسة ''كارفور'' الفرنسية إلى أصغر ''سوبيريت'' في دالي ابراهيم أو حيدرة تكاد تكون الصورة موحدة، كل الرفوف مزينة بمنتجات ''ماد إن'' ما وراء البحر، ولا مكان وسطها للإنتاج الجزائري اللهم باستثناء المياه المعدنية وبعض علب ''الياغورت''. فهل تدهورت الصناعة الوطنية إلى درجة لم نعد قادرين على إنتاج ''الڤوفريت'' واللبان والمكانس ومنشفات التنظيف؟
والغريب أن المستهلك الجزائري يقبل على هذه المعروضات بلهفة كبيرة، يلاحظ ذلك جليا في المساحات الكبرى، وتعتريك الدهشة وأنت ترى موظفين بسطاء يفقدون السيطرة على أنفسهم ولا يقاومون السلع المعروضة حتى عديمة الأهمية منها والتي تعد من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها، ويدفعون في سبيلها فواتير خرافية. وقد يصل الحال ببعضهم إلى الاستدانة في سبيل اقتناء علب الأجبان والتونة والشوكولاطة المستوردة، وغيرها من منتجات الرفاهية التي صارت تمثل نوعا جديدا من الإدمان. ويزداد الطين بلة إذا اصطحب الأولياء أطفالهم.. ساعتها حدث ولا حرج. يخيل للمرء أن السلع المعروضة في المساحات الكبرى التي عادت بقوة في السنوات الأخيرة، ومنها حتى التي شيدت على أنقاض أسواق الفلاح ومؤسسات أسواق الجزائر المحلية، أن هذه المنتجات مصنعة بالجزائر من طرف فروع أنشأتها الشركات الأم الموجودة في أوروبا في إطار توسيع استثماراتها خارج الديار ، غير أن لا شيء من هذا للأسف موجود، حيث تكشف عناوين السلع المعروضة للبيع أنها مستوردة من قبل شركات ''تصدير واستيراد'' محلية وأجنبية. ولعل هذا الأمر وراء التهديد والوعيد الذي أعلن عنه الوزير الأول باتجاه هذه الشركات المستوردة التي تجاوز عددها 17 ألف شركة منتشرة خصوصا في المدن الكبرى. إذا كانت الجزائر تعاني من ضعف في المجال التكنولوجي، وهو ما تسعى للتقليل منه من خلال التحفيزات المقدمة في قانون الاستثمار لفائدة المستثمرين الأجانب قصد الاستفادة من الخبرة الأجنبية لتطوير قدراتها الصناعية والعلمية، لكنها لا تعاني من أي ضعف قد يجعل المصانع الوطنية غير قادرة على إنتاج ''البسكويت'' أو '' صلصة المايونيز والمكسرات التي تستورد بالأطنان إلى درجة غزت كل الأسواق الوطنية وفي مقدمتها المساحات الكبرى الجديدة، رغم أنها من الناحية الاقتصادية لا تقدم أي قيمة مضافة ولا تساهم في إنعاش سوق التشغيل وتعمل فقط على امتصاص احتياطات الجزائر من العملة الصعبة. وكان يمكن تفهم ظاهرة المواد الاستهلاكية غير الأساسية ولا الضرورية المستوردة على غرار ''الحلويات'' و''مواد التنظيف'' في بداية التسعينيات، حيث كانت الجزائر تعاني الندرة، أما أن تتفاقم هذه الظاهرة بعد 20 سنة من اعتماد اقتصاد السوق، فهو أمر لا يمكن تصنيفه سوى في خانة الفوضى التي يعرفها القطاع التجاري في مقابل تحالف المستوردين من أجل تحويل أكبر قدر من العملة الصعبة نحو الخارج، لتبرير مستوردات لا تسمن ولا تغني من جوع، ما يقف وراء التهاب فاتورة الاستيراد إلى أكثر من 38 مليار دولار. وأمام غلق أبواب معظم المساحات الكبرى المنشأة حديثا في وجه ''الماركات الجزائرية'' والذي أدى إلى قلتها، وهو ما يمكن للإنسان عديم الملاحظة أن يسجل ذلك في تجواله داخل هذه المحلات العملاقة، لم يعد للغيورين على ''منتجات بلادي'' من إمكانية لرؤية ما تنتجه المصانع الجزائرية سوى التوجه نحو تجار الأرصفة والأسواق الموازية التي، لأسباب أو لأخرى، ما زالت تكلف نفسها عرض هذه المنتجات وتوليها الاهتمام، وهو ما يعني أن لهذا الإنتاج رغم نقائصه زبائن وطلب خصوصا لدى الطبقات المتوسطة. قد يرى البعض أن هذا التهميش الذي يتعرض له المنتج الوطني أمر عادي لكون هذا الأخير قليل الجودة وغالي التكلفة وغير متوفر بانتظام، وهي معطيات يمكن تقبلها، لكنها ليست كل الحقيقة لأن هناك توجها لدى بعض المتعاملين وبخاصة الأجانب منهم، للسعي لجعل الجزائر مرتبطة كلية بالاستيراد خاصة بعدما تعززت احتياطات الصرف وتجاوزت ال 140 مليار دولار. والأهم من هذا كله أن الشركات الأجنبية تريد جعل الجزائر بلدا يستورد ولا ينتج. ويتم تحقيق ذلك من جهة، من خلال التضييق على المنتج الوطني، ومن جهة ثانية البحث عن أسواق لتصريف المنتج المصنوع في أوروبا وآسيا وأمريكا ومحاصرة منتجات الجزائر في عقر دارها. ولمن لديه شك ننصحه بالتجول في المساحات الكبرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.