وزارة التربية تُقيّم الفصل الأوّل    ناصري يؤكد أهمية التنسيق البناء بين المؤسّسات الوطنية    إحباط محاولات إدخال 26 قنطاراً من الكيف    توفير 500 منصب عمل جديد بتندوف    تنظم منتدى التربّصات بحضور أكثر من 150 مؤسّسة    نقطة تحوّل في المسيرة النضالية للجزائريين    خيام النازحين تغرق في الأمطار    التصعيد العدائي الفرنسي يتزايد    هل يُقابل ميسي رونالدو في المونديال؟    خُطوة تفصل الخضر عن المربّع الذهبي    الوالي يأمر بمضاعفة المجهودات وتسليم المشاريع في آجالها    نجاح أوّل عملية استبدال كلي لعظم الفخذ    بوعمامة في طرابلس    جداريات الأندية الرياضية تُزيّن الأحياء الشعبية    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    قمع غير مسبوق يتعرض له الصحفيين وكذا ازدواجية المعايير    إطلاق خدمة دفع إلكتروني آمنة من الخارج نحو الجزائر    الإطاحة بشبكة إجرامية من 3 أشخاص تزور العملة الوطنية    خنشلة : توقيف 03 أشخاص قاموا بسرقة    رئيس الجمهورية يبعث برسالة تخليدا لهذه الذِّكرى المجيدة    سعيود يترأس اجتماعا تنسيقيا مع مختلف القطاعات    إجماع وطني على قداسة التاريخ الجزائري ومرجعية بيان أول نوفمبر    اللقاء يدخل ضمن الحوار الذي فتحته الرئيس مع الأحزاب    المنتخب الوطني يفوز على منتخب العراق 2- 0    عطاف يستقبل من طرف رئيس الوزراء اليوناني    اليمين المتطرّف الفرنسي يتمسّك بنهج المشاحنة مع الجزائر    تبادل الخبرات في المجال القضائي بين الجزائر والكويت    مواضيع مطابقة لريادة الأعمال كمذكرات تخرّج للطلبة    تأكيد على دور ريادة الأعمال والابتكار    موقع سكني بحاجة لثورة تنموية    "الخضر" في طريق مفتوح للمربع الذهبي    قمة واعدة بين "الصفراء" و"الكناري"    المجتمع الدولي مطالب بالتدخل العاجل    الجنوب.. مستقبل الفلاحة والصناعات التحويلية    إلغاء عقود امتياز ل 15 مشروعا لتربية المائيات بوهران    نقاش الإشكاليات بين التاريخ والمعرفة    إزالة 80 توسعة عشوائية بوادي تليلات    بين الأسطورة والهشاشة والهوية الأصلية    حملة تحسيسية لتعزيز وعي المستهلك    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    فتاوى : اعتراض الأخ على خروج أخته المتزوجة دون إذنه غير معتبر    إصرار لدى لاعبي منتخب العراق    مجموعة العمل المعنية بحقوق الإنسان في الصحراء الغربية..المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لوقف قمع الصحراويين بالمدن المحتلة    ملتقى حول قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية : تغييرات جوهرية في التعامل مع قضايا المخدرات    مولودية الجزائر تُعمّق الفارق في الصدارة    ملتقى علمي حول أصالة اللغة العربية ومكانتها العالمية    إطار جبائي للشركات والبحث في إفريقيا    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المنتخب الجزائري يحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس العرب بعد فوزه على العراق    3 رؤى سينمائية للهشاشة الإنسانية    عندما يصبح الصمت بطلا    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر تحت رحمة مافيا '' الشيفون'' .. 40 مصنعا للألبسة بتبسة مهدد بالإفلاس بسبب التهريب
نشر في الحوار يوم 23 - 07 - 2008

من الأخطاء الشائعة لدى الكثير من سكان ولايات الوطن اعتقادهم أن ولاية تبسة منطقة فلاحية ورعوية، والحقيقة الغائبة هي أن ولاية تبسة منطقة منجمية وبترولية سواء على مستوى بلدياتها التي تقع جهة الشمال أو تلك الواقعة بجهة الجنوب، والمؤسف له حقا أن هذه الميزات والثروات التي تزخر بها أرض الولاية تكاد لا تذكر حتى عند أبناء الولاية أنفسهم، في حين تجد أبناء الولايات الأخرى كلما ذكرت لهم تبسة إلا وتبادر إلى أذهانهم التهريب والشيفون أو ما يعرف بالألبسة المستعملة والأحذية القديمة .. الحقيقة التي لا يمكن نكرانها أن ولاية تبسة بحكم موقعها الجغرافي وتوفرها على شعاع حدودي يتجاوز طوله 320 كلم يمتد عبر 10 بلديات من مدينة الونزة شمالا إلى مدينة نقرين جنوبا، ووجود 4 مراكز حدودية، تعرف على مدار أيام السنة حركة عبور كبيرة من خلال توافد مئات المواطنين الذين يقصدون الجمهورية التونسية أو الوافدين إلى أرض الوطن، ناهيك عن المركبات والشاحنات الثقيلة وما تحمله من سلع وبضائع مستوردة، تبقى هي أكبر ولاية يصلها الشيفون بالطرق القانونية وغير القانونية عن طريق التهريب، لكن بالمقابل أن كل ولايات الوطن بما فيها الجنوبية والغربية يتمتع الكثير من سكانها بالشيفون الداخل عبر ولاية تبسة نظرا للجودة وانخفاض الثمن.
" الشيفون '' .. التاريخ والجغرافيا
قصة الشيفون كانت مع بداية الثمانينات عندما كان بعض السياح التبسيين يتوجهون إلى المدن التونسية نظرا لقصر المسافة، وكانوا عند عودتهم يجلبون بعض الملابس التي لا تتجاوز 04 أو 05 قطع، ليتم بعد ذلك بيعها للأقارب وفي الحمامات من طرف النساء، وقد استحسن أصحاب الدخل المحدود هذا النوع من الملابس كما قلنا آنفا نظرا لجودته ورخائه، ثم اتسعت دائرة جلب الشيفون بكميات أكبر أواخر الثمانينات في الحقائب والصناديق الخلفية للسيارات مع المرونة والتساهل لرجال الجمارك الذين كانوا لا يرون مانعا من أن يحمل كل جزائري 10 أو 20 قطعة سواء لأهله أو لبيعها، ولم تمر إلا سنوات قليلة على تلك المرحلة حتى تحولت الظاهرة وخرجت عن نطاقها المألوف، بعد أن تحولت مع منتصف التسعينات كل المسالك والمعابر عبر الشريط الحدودي الجزائري التونسي إلى مناطق تهريب الشيفون بالحزمة على الأكتاف، وبالسيارات، الجرارات، وحتى الأحمرة التي لم تسلم من العملية، المهم توصيل الشيفون من تونس إلى تبسة بكل الوسائل وباستعمال كل الطرق.
الملابس المستعملة والطريق إلى الشرعية
ولم تمر فترة طويلة بعد ذلك حتى سن لها قانون خاص في مجال التصدير، الاستيراد والاستثمار، حيث تحركت آلة بعض أصحاب المال المعروفين بولاية تبسة، وأعدوا العدة اللازمة لاستقبال أطنان الألبسة والأحذية، بعد أن قاموا بتأجير مئات المآرب والمحلات، لتتطور بعد ذلك الأمور إلى غاية إنجاز وفتح أكثر من 40 مصنعا عبر مختلف مناطق الولاية مختصة في تنظيفها وتوظيبها وإعادة رحي بعضها وتحويلها إلى أفرشة وأغطية وما إلى ذلك، وقد كانت الكميات التي تدخل إلى تبسة تتجاوز ال 10 أطنان يوميا، ليتم توزيعها بعد ذلك على مختلف ولايات الوطن، بعضها عن طريق النقل المنظم سواء بالشاحنات أو القطارات، والبعض الآخر عن طريق الحقائب بطريقة غير قانونية، وقد كانت تجارة الألبسة والأحذية المستعملة في بدايتها جد مربحة تدر أموالا كبيرة زادت في ثراء تجارها، ومع مرور الأيام تحولت مدينة تبسة ومدينة بئر العاتر 90 كلم جنوب عاصمة الولاية تبسة، إلى أسواق كبرى للشيفون، سواء بالتجزئة أو بالجملة، فكان لمدينة تبسة سوقين كبيرين أحدهما يقع بوسط المدينة يعرف بسوق ليبيا، والآخر بسوق العرامي قرب محطة المسافرين، بالإضافة إلى مستودعات ومحلات أنجزت خصيصا لذلك بحي 4 مارس، وبجانب وداخل سوق الفلاح سابقا، وهي الأماكن التي ظلت تعج بالمواطنين من مختلف المناطق والولايات الجزائرية حتى أصبحت ولاية تبسة قبلة لتجار ومقتني الألبسة القديمة، وأضحى بإمكان رب الأسرة توفير ألبسة شتوية لأبنائه ومن النوع الرفيع بأثمان بخسة تصل إلى 10 دنانير للقطعة الواحدة، وبعملية حسابية أن ما يوفره الأب ل8 أفراد من عائلته من الرأس إلى العقب يقابل مبلغ طفل واحد إذا تم اقتناء الملابس الجديدة، مع إجماع الكل على أن الألبسة القديمة الشيفون أفضل من كل النواحي.
تجارة '' الشيفون '' خلقت أكثر من 1500 منصب شغل
والأكثر من كل هذا أن تجارة الشيفون وفرت حسب المتابعين لها قرابة 1500 منصب شغل، سواء العمال المتواجدون بمصانع الشيفون أو الذين يعملون على تفريغ الحزم والحمولات، أو الذين يملكون محلات وطاولات في الأسواق وبالطرقات والشوارع.
" الشيفون '' التونسي و '' الشيفون '' الأوروبي ومعركة الجودة والصحة
وحسب بعض العارفين بخبايا الشيفون، صرحوا ل '' الحوار '' حول الظاهرة، مؤكدين بأنها اشتهرت بها ولاية تبسة دون غيرها من ولايات الوطن، مرجعين السبب أساسا في موقع ولاية تبسة الجغرافي، وقربها من المدن التونسية لبلدياتها على كامل الشريط الحدودي عبر منطقة بوشبكة، ليتم الترخيص بعد ذلك باستيراد الشيفون من مصدره الأول بواسطة الحاويات على متن البواخر، ولكن ليس من تونس كما يتصور البعض، فكل ما يأتي ويدخل من تونس فهو شيفون مهرب ويعرف بأسماء عديدة أهمها القريعات، ماجد، الخيشة.....وغيرها من الأنواع المقدر عددها ب12 نوعا، وأشاروا إلى أن هذا النوع من الشيفون المهرب لا يدخل إلا من منطقة بئر العاتر بكميات تتجاوز ال5 آلاف حزمة يوميا، في حين أن الشيفون الآخر والعادي فيأتي مباشرة من إيطاليا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، كندا... من خلال وسطاء أو جزائريين يتنقلون مباشرة إلى تلك الدول الأوروبية والأمريكية، لينقل بعدها مباشرة في البواخر إلى تبسة عبر تونس وبإجراءات قانونية ووثائق صحية تثبت أن هذه الألبسة معالجة وتمر الحاويات على أجهزة السكانير، ويتم تسديد الرسوم بطريقة عادية، على عكس الشيفون التونسي الذي كما قالوا لا يخضع لا للمراقبة ولا للرسوم ولا لأي شيء، ولعل هذا ما جعل المستثمرين في مجال الشيفون يقبلون على غلق مصانعهم، وصل عددهم لحد الآن 10 مستثمرين، وهو نفس المصير الذي ستؤول إليه المصانع الأخرى بعد أن أصبحوا مهددين بالإفلاس، والسبب في ذلك يعود إلى المهربين الذين وفروا الشيفون بأسواق ولاية تبسة ب10 و20 دينارا للقطعة الواحدة (سروال، قميص...) لأنهم معفيون من الضرائب والرسوم الجمركية، في حين أن المستوردين يسددون مبلغ السلعة بالدول المصدرة ومبلغ الرسوم، حيث يصل رسوم الحاوية الواحدة بين 50 و 150 مليون سنتيم، وهي حاوية لا تتسع لأكثر من 20 طنا من الألبسة والأحذية. ومهما تكن سلبيات أو إيجابيات الشيفون، وأثر التهريب على المستوردين وأصحاب المصانع، فإن آلاف العائلات من مختلف الطبقات والمستويات وجدت في الألبسة والأحذية المستعملة غايتها من خلال الإقبال الكبير على اقتنائها سواء لاستعمالها في اللباس اليومي أو في استعمالات أخرى كتحويلها بعد خياطتها إلى أفرشة وأغطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.