المجلس الأعلى للشباب: اختتام المخيم الربيعي المتخصص بالدعوة إلى تعزيز دور النوادي الجامعية    اتفاقية توأمة بين المدرسة الوطنية للحماية المدنية ونظيرتها التونسية    الرئاسيات المقبلة هي عنوان الشرعية الشعبية للمؤسسات وضمان للاستقرار المؤسساتي    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط يسجل إقبالا واسعا    منشآت رياضية : بلعريبي يتفقد أشغال مشروع ملعب الدويرة    افتتاح الطبعة العاشرة لملتقى إفريقيا للاستثمار والتجارة    اختتام الندوة الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي: دعوة إلى توحيد جهود المرافعة لحماية الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي    اليوم العالمي لحرية الصحافة: تكريم صحفيين مبدعين في الدراما الاذاعية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاء بمناسبة الذكرى ال93 لتأسيسها    المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين تدعو إلى الاستمرار في النضال في وجه التحديات    انطلاق عملية تحضير مواضيع امتحان شهادة البكالوريا دورة 2024    نفط: تراجع العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتا لتبلغ 82.96 دولار    مشاركة قرابة 20 ولاية في المعرض الوطني للفنون والثقافات الشعبية بعين الدفلى    عنابة: ربط ذراع الريش بنظام الكاميرات والحماية عبر الفيديو    خلال إشرافه على مراسم إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة: لعقاب يدعو النقابات المهنية للصحافيين للعب دور إيجابي    الجزائر/موريتانيا : افتتاح الطبعة 6 لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط    تجسيدا لقرار الرئيس تبون: وصول مجموعة أخرى من الأطفال الفلسطينيين الجرحى للعلاج بالجزائر    موعد غينيا اتضح في انتظار مواجهة أوغندا: الكاف ضبطت رزنامة مواعيد شهر جوان    تعيين برباري رئيسا للوفد الجزائري في أولمبياد باريس    الفاف تبنت مبادرة الصلح: رفع قرار حظر تنقل السنافر وأنصار مولودية الجزائر    الوادي: ضبط 3 مشتبه بهم في جريمة قتل شخص    إعلام قوي للذّود عن مصلحة الوطن    الجزائر تستقبل دفعة ثانية من الأطفال الفلسطينيين    قسنطينة : وفاة طفل غرقا في بركة مائية ببني حميدان    تفاعل واسع مع رحيل جوهرة الساورة حسنة البشارية: عميدة موسيقى الديوان توارى الثرى    جيجل: إحياء الذكرى 42 لوفاة محمد الصديق بن يحيى    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    تجسيد مشروع ملموس للتنقيب وتحويل خامات الليثيوم    رحيل سفيرة موسيقى الديوان حسنة البشارية    حان الوقت لرفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    وضع شاطئ "الكثبان" على طول 7 كلم تحت تصرف المصطافين    اقتناء 4 شاحنات ضاغطة لجمع النفايات    مصالح الدولة في مهمة بلوغ "صفر حرائق" هذا الصيف    دبلوماسيون ومتعاملون أجانب: رغبة في تطوير المبادلات    توقيع 3 اتفاقيات بالصالون الدولي "لوجيستيكال"    أكثر لاعب أنانيٍّ رأيته في حياتي!    حيماد عبدلي مطلوب في نادي نيس الفرنسي    "الفاف" تطلق مبادرة "صلح كروية" وتتوعد الحكام    سكيكدة ولاية نموذجية في برنامج تعاون دوليّ    إطلاق مسابقة أحسن صورة فوتوغرافية    دعوة لصيانة الذاكرة من التزييف والتشويه    صحفيو غزة.. مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين في سبيل القضية    الموافقة على اعتماد سفيرتي الجزائر بسلوفينيا وإثيوبيا    حراك الجامعات المؤيّد لفلسطين يتوسّع..    تمثيلية جبهة البوليساريو بإيطاليا تنظم يوما تكوينيا لمرافقي الأطفال الصحراويين خلال الصيف    بن طالب ينافس أوباميانغ على جائزة أفضل لاعب أفريقي في فرنسا    دراجات/ طواف البنين الدولي: الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة الرابعة    الاهتمام بالتكوين ضروري لتحسين أداء الأفواج الكشفية    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    تيارت..هلاك ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين في حادث مرور    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفلة العرس تقام... والزواج يؤجل بعد عام
نشر في الحوار يوم 11 - 08 - 2008

أضحت الأعراس الجزائرية اليوم تختلف كثيرا عن تلك التي كانت تقام في الماضي بطبعها المميز، في زمن كان لا يجوز فيه أن تظل العروس بعد إجرائها لتصديرتها أكثر من ليلة في بيت الأهل لتزف في اليوم الموالى مباشرة إلى بيت الزوج، ذلك الحفل الذي تجرد اليوم من طابعه الذي كان يزيد من حلاوته، ليصبح بمفهومه الذي يتجسد حاليا في الذهنية الجزائرية في كراء أجمل قاعات الحفلات وتحضير أجود الحلويات وإحضار أشهر المطربين لا غير، كلها اعتقادات دخلت المجتمع الجزائري من باب التباهي لا غير، بعدما انسلخت العديد من العائلات عن عادات الأجداد في وقت أصبح يقام فيه احتفال العرس أولا لتمكث العروس في بيت الأهل مدة طويلة ليحدث الزواج في غياب تلك المراسم التي اعتدنا مشاهدتها .
تشكل عاصفة الموضة والتقدم التي أصبحت تعصف بالمجتمع الجزائري عاصفة هوجاء تقضى على الأخضر واليابس لتضرب في كل مرة بعادة من عادتنا، وتغرس فينا قيما وعادات دخيلة عنا، لم نكن نسمع عنها أو نعرف لها أثرا قط في مجتمعنا إلا في عصر التبديع هذا الذي نعيش فيه اليوم والذي أصبح الناس يتكلمون فيه باسم العصرنة و''المقام العالي'' الذي بات الكثير يؤمنون بها لتؤثر على تلك العادات التي دأب عليها أجدادنا، لتقف حجر عثرة في وجه المجتمع الجزائري اليوم، فبعد أن كانت الأعراس الجزائرية لها دلالة أصلية ونشوة مميزة للفرح بطبوعها ومراسمها التي كانت حقا تترجم معاني الفرح الذي يعمّ العائلة التي تزف ابنتها، أصبح العرس اليوم ذا طابع ونمط مميز ومغاير للمقاييس البعيدة كل البعد عن الطابع العاصمي القديم.
------------------------------------------------------------------------
الجزائريون يدوسون على عادات الأجداد
------------------------------------------------------------------------
بعدما كانت العروس تخرج من بيت الأهل بلباس''الحايك'' الذي كان ولا زال يرمز إلى الحشمة والأصالة استبدلته العروس في وقتنا الحاضر بالثوب الأبيض الأوربي الذي تلبسه العروس الأوربية التي تعقد قرانها في الكنيسة، وبعدما كانت العروس تخرج من بيت أهلها تحت يد أبيها دليلا على طاعته لها أصبحت اليوم تخرج من بيت أهلها ماسكة بيد زوجها مسايرة للتحضر والموضة في اعتقادها، وفي وقت ما كانت العروس تقيم عرسها في بيت أهلها في يوم يحدده أهل العريس لتزف في اليوم الموالى إلى بيتها، أصبحت اليوم هي من تحدد تاريخ عرسها، وتنتظر تاريخ زوجها إلى وقت لاحق، إذ أصبحت الزوجات يفضلن إقامة العرس ومراسم الزفاف وكل متطلباته مسبقا، من دعوة وتحضير أجود الحلويات والمأكولات التي أصبحت تتنوع اليوم من عائلة إلى أخرى، بين من يفضل تحضير طبق الكسكسي المشهور الذي يكون في الغالب مسبوقا بحساء الشربة، وهناك من يريد تحضير لائحة طعام خاصة تميزه عن باقي الأعراس، تطبيقا للمثل الشعبي المشهور'' خالف تعرف'' وغالب ما تكون سهرات العشاء متبوعة بسهرة غنائية مميزة تنشطها فرقة غنائية أو الزرنة أو ''الدي جي'' للسهر والاحتفال إلى ساعات متأخرة من الليل، إذا لم نقل إلى الساعات الأولى من الصباح .
------------------------------------------------------------------------
إجراءات الزواج أولا والدخلة إلى أجل غير مسمى
------------------------------------------------------------------------
ما أصبح يطبع الأعراس تلك العادة التي أقحمتها العديد من العائلات لتلصقها عنوة بالعادات الجزائرية التي لم نشهد لها تاريخا من قبل، ولم نسمع بها قط في زمن كانت فيه العادات لا تدوس عليها الأقدام، ونجد الآن معظم عرائسنا اللواتي أصبحن يلهثن وراء الرجال تطبيقا لمقولة ''الأخير لا يلحق '' أصبحن يربطن الرجل بالعقد ومراسم العرس الرسمي وتأجيل الزواج الشرعي والدخلة إلى آجال لا تحدد بحكم الظروف التي تحددها، ولأن الفتاة أصبحت تتوق إلى رؤية نفسها عروسا قبل الأوان لتطول رحلة انتظارها فيما بعد قد تقدر بالشهور أو السنوات. ''ياسمينة'' عينة من الفتيات اللواتي يفضلن إقامة العرس في انتظار الزواج مع أنها تزف في موسم الشتاء، ورغم كونها عاملة ومدخولها المالي جيد وزوجها يعمل في منصب قار إلا أنها أقامت عرسها في هذا الشهر بحجة أنها تريد أن يحضر عرسها أخوها المغترب في بريطانيا ولا يمكنه الحضور إلى الوطن في فصل الشتاء لأنه يعمل وأولاده يدرسون. أما ''هاجر'' من الفتيات اللواتي يرغبن في رؤية أنفسهن وهن يجلسن على كرسي العروس، رغم أن سنها لم يتجاوز 20سنة بعد إلا أنها جمعت بين عرسها والخطبة بحجة تقليص المصاريف على أهلها، وهو الجزء المنطقي في الحجة إلا أن السبب الحقيقي والمخفي في حجتها يكمن في إمكانية الخروج مع زوجها الذي أصبحت كل العائلة والجيران يعرفونه، خاصة وأن عائلتها تعارض ذلك إن لم يكن رسميا. أما ''ليلى''صاحبة 19 ربيعا من الفتيات اللواتي يفضلن الفصل بين العرس وتاريخ الزواج بحجة الخوف والارتباك الذي ينتاب العروس يوم الزفاف، ويمنعها من الاستمتاع بالحفل، في حين تجسدت حجة ''ليندة'' بالقول إنها أقامت حفلة العرس قبل الزواج لأن زوجها لا يملك منصب عمل قار، ولهذا السبب اغتنمت فرصة عمل زوجها للقيام بالحفل وتغطية المصاريف الخاصة بالعرس، بدل تضييع الفرصة في حالة ما أن توقف عن العمل، بينما ''كريمة'' فتقول إنها سجلت زواجها في الحالة المدنية وأقامت حفلة العرس، إلا أن الزواج لم يقع بعد وبادرت بهذه الخطوة لسبب واحد يتمثل في رغبتها في الحصول على بيت يجمعها هي وزوجها. هذه بعض العينات التي حاولت إقناعنا أن رأيها صواب لا يحتمل الخطأ، وبذلك يكون العروسان قد تقاسما المحن منذ البداية، في انتظار أن تتوفر كل الظروف المواتية لذلك، ليأخذ العريس عروسه والدخول بها لأنه قد سبق وأعلن زواجه عليها، في حين يرى البعض الأخر أن الفتاة هي الأخرى قد تكون خائفة من أن يطير خطيبها من يدها فتسارع لإقامة العرس وتسجيله في الحالة المدنية حتى تضمن عريسا لها في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات أن عدد النساء يفوق عدد الرجال وارتفاع نسبة العنوسة، الأمر الذي أصبح يشكل منعرجا خطيرا يفتك بعادات والتقاليد المجتمع الجزائري.
------------------------------------------------------------------------
... ومن يدفع نتيجة هذا الزواج ويتكبد الخسارة
------------------------------------------------------------------------
انتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا يقودنا إلى طرح سؤال من سيتحمل نتيجة هذا الزواج، إذا تسبب أحد الطرفين في إحداث مشكلة، فقد يتسبب فيها العريس عندما تكون العروس لا تدري شيئا عن تفاصيل حياته إلا القليل وتسارع إلى إقامة العرس لتفاجأ فيما بعد أن زوجها سكير أو غير متخلق، إلا أن ذلك يحدث في أغلب الأحيان بعد فوات الأوان، أي حين تكتشف الفتاة ذلك في وقت متأخر جدا لأنها تكون قد أقامت العرس وربطت حياتيها به عن طريق العقد المدني، وهي القصة التي تكبدت نتيجتها ''سميرة'' التي اكتشفت أن خطيبها المغترب متزوج وأب ل 03 أولاد ليلتصق لقب المطلقة بها قبل الزواج، ونفس الأمر قد يحدث للرجل الذي يسارع إلى خطبة الفتاة والتسرع بإجراءات العرس دون الدخول بها، وبعدها يكتشف أنها لا تليق بمقامه سواء من ناحية المستوى التعليمي أو من الناحية المادية، أو الاختلاف الموجود في الأخلاق مثلما حدث مع ''الهادي'' الأمر الذي جعله يتكبد خسارة لها أول وما لها آخر بمفرده نتيجة السرعة وعدم التعقل لاتخاذه قرار الزواج من فتاة لا يعرف عنها شيئا سوى وجهها الجميل على حد قوله. ورغم هذه العينات التي تعيش في مجتمعنا وتعاني من نتيجة تهورها، تبقى العائلات مصرة على إقامة حفل زواج لا يكلفهم الكثير بالرغم من أن ذلك يشكل تجاهلا للأعراس القديمة التي محي طابعها المميز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.