في سابقة لم تشهدها ملاعب كرة القدم عبر مختلف أرجاء المعمورة، لجأ مناصرو منتخب الولاياتالمتحدةالأمريكية في لقاء هذا الأخير مع المضيف الكوبي إلى استعمال اللثام وهم يتابعون أطوار المباراة من المدرجات السبت الفارط برسم تصفيات كأس العالم ,2010 في مشهد ساخر صعب على البعض فك طلاسمه. في الحقيقة السبب بسيط، وهو أن ''العم سام'' يحرّم إلى حد التجريم سفر مواطنيه إلى كوبا لدواع سياسية وإيديولوجية لا يتسع المقام للتفصيل فيها. ولكن هؤلاء المولعين بالجلد المنفوخ، سافروا ربما ''حراقة'' على الطريقة الجزائرية، وكل واحد منهم مزوّد بلثام حتى لا يفتضح أمره أمام عدسات الكاميرا أو عيون المخابرات، ويكون مصيره توديع هذا العالم داخل الغرفة الغازية أو فوق الكرسي الكهربائي أو بحقنة سامة أو كما يتفنن رعاة البقر في إعدام مجرميهم. أمريكا التي تتبجّح بالديموقراطية وحقوق الإنسان وتزايد في إعطاء دروس الوعظ من خلال إملاء منطقها على الضعفاء، يصل بها الحد إلى درجة تثير تهكم أعتى الديكتاتوريات أو رموز الأنظمة الشمولية المستبدة، وعندما يلجأ مواطنوها للسفر خلسة إلى الجارة كوبا من أجل متابعة مباراة للكرة لا لشيء آخر، ويرغم الأنصار على ارتداء اللثام خوفا من أن تمتد إليه آلة الموت ''المقنّن''، ماذا بقي من بلد لطالما اجتر حكامه في السر والعلن خطابات الحرية واحترام الأفراد والجماعات، وتساوقت معه هوليوود لتمرير فلسفة ''العم سام'' كنموذج لسياسة الدهماء وحثالة بقية البشر. أمريكا التي تتعنتر خاصة أمام العرب والمسلمين ما كان لها أن تمتلك هذه السطوة لولا انبطاح من ينتمون للأمة المشار إليها، فقوتها استمدتها من ذل الآخرين، لاحظوا فقط كيف لغضب الطبيعة أن كشف النقاب عن حقيقة هذا البلد، إعصار سموه ''كاترينا'' أبان بأن أمريكا لا تختلف عن السيشل أو بوركينا فاسو أو البنغلاديش..! مشردون، لاجئون، قلة مؤونة، وفيات، جرحى، تذمّر... والآن ماذا لو وقعت حادثة اللثام في مدرجات تابعة لبلدان من طينة العرب، الجواب سيكون سريعا، اجتماع طارئ لمجلس الأمن، والأمر بالقبض على رئيس تلك الدولة، وتفعيل المؤسسات غير الحكومية المأجورة والإعلام الكلبي الذي يغرّد داخل السرب للتطبيل والتزمير ثم نشاهد سيناريو الصومال وأفغانستان وسوريا وإيران...