خليسمح لي إخواني في السودان لاسيما ساكنة الخرطوم الذين أمدوا ذات يوم عنتر يحيى بخرطوم ليدك به شباك الحضري في أم درمان، أقول ليسمح هؤلاء لأعود مرة أخرى إلى الوضع في وطن سلة الغذاء الإفريقية التي أصابها الوهن والضعف، لسوء تصرف أهلها وتكالب الآخر عليها وهي معرضة للتقسيم في المستقبل المنظور كما يشطر الكعك في احتفالات أعياد الميلاد الشخصية. المهم أن ما دفعني للعودة إلى هذا الموضوع لم يكن خرطوم الخرطوم ولا ذيل القاهرة، بقدر ما شد انتباهي تلك التهديدات المبطنة التي صدح بها رئيس السودان البشير وهو يتوعد بتطبيق الشريعة الإسلامية حال انفصال الجنوب، في صورة غير محترمة للعربي المتخاذل الذي يصطاد بالدين و''يحشي'' به ل ''الغاشي'' سواء كان سياسيا متصدرا أو سياسيا معارضا، لعل أمريكا ترتدع وتقول للبشير ''خذ الجنوب وما حوى'' ولا تطبق الشريعة الإسلامية المخالفة للقوانين الدولية ولبريجيت باردو ومنظمة غرين بيس العالمية''. والأكيد من هذه الخرجة أن البشير لن ينعم بوحدة السودان ولا بتطبيق الشريعة في ''السو'' بعد تقسيم السودان وانفصال ''دان'' الجنوب، حتى ولو كانت شريعة ''الزفافة'' و''الرفادة'' و''الجلد'' و''قطع'' الأيدي والرؤوس وغيرها من الظواهر الطقوسية التي يعرفها العام والخاص، في تجاهل تام عن المبادئ السامية التي يحملها هذا الدين الحنيف في العدل والمساواة والتسامح والاحترام وصون الحقوق والحريات، حتى أن أمثال هؤلاء يقفون الوقفات العديدة عند أبي بكر وحروب الردة وتطبيق الحدود، ولا يتوقفون برهة عند بغلة عمر بن الخطاب التي يخاف عليها من العثرة في كردستان العراق. وبديهي لو أن هؤلاء تأسوا بالمنهج العمري كما يزعمون ويهددون بتطبيق الشريعة ما كان لجنوب السودان أن يعزم على الانفصال، وما كان للفيل أن يبقى فيلا بالخرطوم وهو منزوع المؤخرة والذيل وما حوى من زيوت وشحوم وبترول، والذي لم يعد أمامه سوى لطم الخدود وشق الجيوب على التفريط في جزء حساس من أجزاء الفيل، ولتطبق شريعتك على ''العرايا'' و''الزوالية'' حتى توصل المؤخرة بالمقدمة، وحينها لن يعود فيها ذكر للخرطوم لا في الأولين ولا في الآخرين.