القطب الحضري لحي عبيد علي بسطيف: استغلال 4 مؤسسات تربوية لتخفيف الاكتظاظ بالمتوسطة    الطارف: فسخ عقود امتياز لفلاحين لم يستغلوا الأراضي    مشاريع واعدة بالمنطقة الصناعية بالحروش: والية سكيكدة تتوعد المستثمرين المتقاعسين    لفائدة سكان الشريط الحدودي بين تونس والجزائر: إرسال 130 طنا من المواد الغذائية والأدوات المدرسية    تسلم المهام من زفيزف أمس: صادي يباشر عمله رسميا رئيسا للفاف    تسوية رزنامة الجولة الأولى: ديربي مصغر ومفتوح    بعد اعتماد الملعب: اتحاد عنابة يستقبل رسميا بطاشة    رئيس بلدية بوحشانة بقالمة يطمئن: مشروع التهيئة سيكتمل رغم الصعوبات الميدانية    ششار بخنشلة: الإعلان عن المستفيدين من 1195 قطعة أرضية قريبا    أولاد جلال: مشروع لفك العزلة عن مناطق في الدوسن    أكد حرص السلطات العمومية على دعم ومرافقة المستثمرين: عون يدعو إلى تعزيز جاذبية الاستثمار ورفع حجم الصادرات    وزير التكوين والتعليم المهنيين يكشف: إحصاء أزيد من 495 تخصصا ضمن مدونة التكوين    المدير العام للصيدلية المركزية ينفي تسجيل أي ندرة: المخزون الحالي من الأدوية يكفي لمدة 10 أشهر    الجزائر بقيادة الرئيس تبون وفية لثوابتها وبسط الأمن والسلام بالمنطقة    مع تسليم مشروع ترميم نفق جبل الوحش نهاية نفس السنة: وزير الأشغال العمومية يأمر بفتح نفق الزيادية خلال الثلاثي الأول للعام القادم    الوزير محمد عرقاب : قطاع المناجم سيتدعمّ ب 10 مشروعات في 2024    دراسة ستة مقترحات قوانين وطلبين لاستجواب الحكومة    جزائر الرئيس تبون هدفها بسط الأمن والسلام في المنطقة    رسالة طمأنة من الرياض للفلسطينيين    مكافحة استخدام الفضاء الإلكتروني لأغراض إرهابية    2024 ستكون سنة إنهاء مشاريع الطاقة والمناجم    انتعاش ميزانية الدولة يضمن تغطية مريحة للنفقات    ورقة طريق جديدة للتعاون مع كوريا الجنوبية    بخصوص المنطقة الصناعية بحاسي بن عبد الله، علي عون: ورقلة جاهزة لاستقبال حاملي المشاريع في مختلف المجالات    استلام نفق جبل الوحش في الثلاثي الأول ل2024    في ختام يوم دراسي، بلمهدي: الجزائر كباقي الأمة الإسلامية تحتفل سنويا بذكرى مولد أسمى الخلق    25 تلميذا فقط في الأقسام التحضيرية    بلماضي يشرع في إرسال الدعوات للاعبين    تجار يستغلون المولد النبوي ويُلهبون الأسواق    اكتظاظ ومؤسسات تربوية في وضعية كارثية    عمورة: سعيد مع سانت غيلواز وسرعتي العالية أمر طبيعي    رسول الله آية في الصبر والسير على منهجه حماية والمؤمن سفير دينه    ياسين براهيمي ضمن المرشحين    الخنازير تغزو الأحياء السكنية    وهران.. أجواء مميزة للاحتفال بخير الأنام    نادي بارادو واتحاد العاصمة..من أجل أوّل انتصار    شظايا من حياة منى حسين    فلسطين ترشح "باي باي طبريا" لجائزة "الأوسكار"    سطيف عاصمة للسماع والمديح الديني    لا حق ضائع وراءه مطالب وهوية ووعي    الجزائر تسحب رسميا ملف ترشّحها لاستضافة "كان" 2025 و2027    هكذا تغيّر دور المكتبات في زمن الرقمنة    المستوطنون ينتهكون حرمة الأقصى بحماية القوّات الصّهيونية    كارثة الإعصار أكبر من قدرات ليبيا وتحتاج دعما دوليا    الأيام الوطنية للسماع والمديح الديني تنطلق اليوم بسطيف: مداخلات دينية وندوات فكرية حول السيرة النبوية الشريفة والسماع الصوفي    الجزائر ستتدعمّ ب 19 محطة لتحلية المياه في ديسمبر 2024    وزير الشؤون الدينية يكرّم ياسمين ولد دالي    أبواب مفتوحة على المكتبة البلدية محمد وضاح بالمسيلة    اجتماع تنسيقي مع أعضاء منظمة أبناء المجاهدين    في مولد الحبيب.. ميلاد أمة    مجلس الأمة يشارك في اجتماع عن بُعد    تعزيز التكوين والتوجيه المهني في ميدان الصناعة الصيدلانية    تكوين: التوقيع على اتفاقية إطار بين جامعة الجزائر 1 ومخابر "أسترا زينيكا"    فتح مجال الترشّح لتنظيم الحج    رؤيةٌ في حياة الرسول قبل البعثة    لا خطر على الصحة العمومية..    هكذا أضاء نور السيدة آمنة قصور الشام    عن عمر ناهز 86 سنة: وفاة الشيخ محمد الطيب قريشي أول من سجل تلاوة كاملة للقرآن في الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة المرأة في فيلم رشيدة.. دلالة سيميولوجية
نشر في الحوار يوم 05 - 12 - 2008

إن الفن السينمائي، حقل إبداعي مترامي الأطراف، مشحون بالعديد من المعاني المباشرة، وبالإيحاءات والمعاني والدلالات الضمنية، وهو جزء من مظاهر الحياة اليومية للأفراد في المجتمع والسينما، لا تعمل بمعزل عن الظواهر التي يُفرزها المجتمع، وما تصوِرهُ نابع من بيئة اجتماعية، اقتصادية وسياسية، وثقافية لها خصائِصها ومميزاتها، فهناك ارتباط وثيق بين العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع بالأشكال الفنية المختلفة خاصة القادرة علي إعادة إنتاج الواقع خاصة السينما كوّنها فن تعبيري خاص، لها بنية متكاملة الشكل والمحتوي، تستهدف التعبير والتأثير بتناولها مواضيع هامة في المجتمع، وكل الظواهر التي تشغل بَال المواطن، وتسعى لكشف العلل وإزاحة الستار عن مختلف التناقضَات بتسليط الضوء علي الظواهر المتفشية في المجتمع.
والمجتمع الجزائري شهد تغيرات في كل الميادين سمحت بظهُور تشكيلات وتركيبات اجتماعية، إيديولوجية، سياسية، ثقافية، مختلفة ومتنوعة كان لها تأثير علي حياة المواطن وعلى المجتمع، بالانتقال من نسق نظام سياسي أحادي (الحزب الواحد) إلى نسق نظام سياسي تعددي. ساعد على ظهور ما يسمى بالعنف السياسي وانتشار ظاهرة الإرهاب والمشاكل الاجتماعية والذي تسبب في أحداث دموية فاقت كل التصورات، وتجاوزت كل ما تُقره الأديان، وحمل للواقع الاجتماعي الإكراه الإحباط، الخوف والقلق، أدى إلى فوضي أنهّكت كل القوي الاجتماعية، السياسية والاقتصادية. وهذا ما دفع بعدد من الباحثين إلى رصد هذه التغيرات وإلقاء الضوء عليها وما أفرزته من نتائج، ومحاولة تقديم تفسيرات من وجهة نظر مختلفة متباينة، تختلف باختلاف السياق الفكري الإيديولوجي والاجتماعي لهؤلاء الباحثين والمفكرين والفنانين. فهناك من استخدم الفن السابع ليعكس معاناة المواطنين من مختلف أشكال العنف والهمجية الإرهابية، التي كلّفت الجزائر الكثير من الخسائر البشرية، المادية والمالية. ومن بين هذه الأفلام نجد فيلم باب الواب سيتي، رشيدة، دوار النساء، المنارة، العالم الأخر....الخ فالإيحاءات والدلالات والآراء تختلف من فيلم إلى أخر وأكثر دقة من مخرج لأخر. وفيلم رشيدة للمخرجة يمينة بشير شويخ المولودة في 20 مارس 1954 في الجزائر العاصمة، و بدأت حياتها المهنية في الميدان السينمائي عام 1973 كمساعدة في إنتاج الأفلام الوثائقية وعملت في مونتاج الأفلام مع مخرجين جزائريين مثل عبد القادر لقاط، أحمد رشدي ومع زوجها محمد شويخ، إلى جانب عملها في ميدان التركيب قامت بكتابة عدة سيناريوهات. الفيلم يصور لنا فتاة تدعى رشيدة تعيش حياة بسيطة في حي شعبي في العاصمة مع والدتها، تزاول رشيدة عملها كمعلمة في مدرسة ابتدائية. وفي يوم من الأيام، تتجه إلى المدرسة وهي تمشي في شارع مملوء بالمارة في حي من أحياء العاصمة اعترض طريقها مجموعة من الشباب الإرهابيين ليطلبوا منها وضع قنبلة في المدرسة التي تعمل فيها، إلا أنها رفضت الرضوخ لمطالبهم وأبت بشّدة. وحين أصرت رشيدة على موقفها الرافض أطلق أحدهم النار عليها، ، وغادروا المكان وتركُوها لتموت ويتحول الشارع المليء بالضجيج إلى سكون عام، فالجميع أخذ موقف المتفرج ، لتُنقل بعد ذلك على جناح السرعة إلى المستشفى حيث يأتي لزيارتها أمها وخطيبها على وجهّ السرعة. يتم إنقاذ رشيدة لتخرج من المستشفى خائفة تشعر طوال الوقت بأن هناك من يطاردها وتكتشف أن الحياة قد باتت مستحيلة في العاصمة، لذا تقرّر هي وأمها مغادرة العاصمة إلى الريف لعلها تكون في منأى من هؤلاء الإرهابيين. وتستعيد رشيدة وظيفتها كمدرسة في مدرسة ابتدائية في القرية التي أقامت بها، لتبدأ في استعادة تفاصيل حياتها تدريجياً مع أمها في المدينة والتي لا تختلف كثيراً عن الحياة في إحدى الضواحي البعيدة وفي القرية، لتزداد الأحداث الدرامية تصعيداً وتبلغ ذروتها من جراء الأعمال الإرهابية، الاغتصاب، الاختطاف، القتل، العنف. وينتهي الفيلم بفاجعة و مجزرة، حيث يتحول عرس إحدى الفتيات في القرية والتي زوجت غصباً عنها إلى مذبحة للقرية بأكملها، وتنجو رشيدة بأعجوبة، إلاّ أن رشيدة تستعيدُ شجاعتها وتظهر وسط الخراب والدمار تسيير ببطء شديد وتضع جهاز الولكمان في أذنها تتوجه إلى المدرسة ويجتمعُ حولها الأطفال لتستأنف درسها وتكتب في السبورة « درس اليوم». عنوان الفيلم يحمل إشارة تعبيرية، فالاسم (رشيدة) يحل بمحتوى الفيلم، فقد وظف من أجل توصيل رسالة مفادها أن هذه المعلمة الجزائرية التي عانت من وحشية والعنف الإرهابي تمثل نموذجاً للمرأة الجزائرية التي عانت من النظام السياسي، ومن الواقع الاجتماعي المرّ ومعاناتها أيضا من الإرهاب. وما يؤكد هذا الطرح هو الخلفية التي عرض من خلالها العنوان فالمخرجة تعمدت أن تظهرها بخلفية سوداء فهذا اللون يعطي دلالة رمزية بالظلم، القهر، المعاناة. يمكننا القول، أن عنوان فيلم رشيدة له وظيفة أساسية دون غيرها من الأفكار والدلالات المختلفة، فقد سعت المخرجة لترسيخ فكرة أن موضوع الفيلم رشيدة يخص فئة اجتماعية وهي النساء، هذا ليس معناه أنه موجه فقط إلى هذه الفئة، بل تناول واقعا اجتماعيا وأمنيا مرتبطا بالمرأة الجزائرية والمخرجة متأثرة بالبيئة الثقافية الأوروبية وانتمائها إلى المدرسة الفرنسية. ومن خلال الفيلم، يتجلى أن بطلة الفيلم هي رشيدة تعمل كمدرسة وتعيش مع أمها (عائشة) في حي شعبي في العاصمة، كما سمحت لنا هذه اللقطات، بمعرفة بعض تفاصيل خبايا عمل المرأة ووضعيتها الاجتماعية في الأحياء الشعبية. ومعرفة أيضا علاقات رشيدة مع أمها ومع جيرانها وأبناء الحي أيضا التركيز الكاميرا إلى مكان أخر والمتمثل في المنزل الذي تعيش فيه رشيدة مع والدتها. وتم التركيز أولاً على الشخصية المحورية في الفيلم داخل الفضاء الأول المدرسة بلقطات مختلفة. اختارت المخرجة التعريف بالشخصية المحورية والرئيسية للفيلم وهي معلمة في مدرسة ابتدائية والتعريف أيضا بشخصية أخرى وهي مديرة في نفس المدرسة.إن التركيز على فئة النساء يحمل معاني توحي بالبناء الدرامي للفيلم وبالرسالة الفيلمية، والتي ترمز لدور المرأة في المجتمع الجزائري ومحاولتها تكريس العديد من البرامج الثقافية والتربوية ووجود العنصر النسوي في مختلف الأنشطة ومنها بدرجة أولى قطاع التربية.فالمخرجة حاولت إبراز دور المرأة وتعظيم هذا الدور من خلال اللقطات الأولى للفيلم والتي تعتبر حلقات تمهيدية واجتماعية كأن المخرجة تريد أن تقول ينبغي أن تتغير مفاهيم الرجل والمجتمع عن المرأة، وأن يؤمن المجتمع بأهمية دورها ومشاركتها في جميع القطاعات، الثقافية، السياسية الاجتماعية وحتى الاقتصادية. هذا ما يمكن ويزيد من إمكانية المرأة على رفع مستوى توقعاتها ومؤهلاتها.
(...) يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.