نخطّط لتجهيز مؤسسات الشباب بالعتاد والوسائل الحديثة    هل يكفي رفع الأجور..؟!    الرئيس يقرر رفع الحدّ الأدنى للأجور وتحسين منحة البطالة    الجزائر تسعى إلى أن تكون قاطرة للابتكار و الاستثمار في افريقيا    تخصيص 100 ألف يورو مساعدات للاجئين الصحراويين    خنشلة : توقيف رجل و امرأة وحجز 20 كلغ مخدرات    ربات البيوت يتسابقن على تخليل الزيتون    ضرورة "مراقبة أجهزة التدفئة وسخانات المياه "    يد الجزائر ممدودة لمساعدة دول الساحل    أولمبيك أقبو يقفز للوصافة    أسعار القهوة تتراجع عالمياً    قوائم الأفلان للانتخابات المقبلة مفتوحة أمام جميع المناضلين    جوهانسبورغ تحتضن قمة مجموعة العشرين    القضية الصحراوية في قلب النّقاش بجامعة "لاغونا" الكنارية    استحداث 10 آلاف مؤسسة ناشئة في ظرف وجيز    ترسيخ مكانة الجزائر كشريك موثوق    اتفاقية بين وزارة التكوين والتعليم المهنيين وجامعة الدوحة    الخط المنجمي الغربي مكسب وطني ومشروع لكل الجزائريين    ضبط استيراد الأثاث يشجع الإنتاج الوطني    الكفاءات الجزائرية لتجسيد المشروع    495 مليون دينار لتهيئة وحماية 9 مدن من الفيضانات    بركان يؤكد طموحاته العالية في كأس العرب    شخصية مازة تبهر الألمان ونصيحة ألونسو خدمته    مدرب فينورد يصدم حاج موسى بخصوص خلافة محرز    معرض "من خلال عيوننا".. تعبير عن أحلام كبيرة    حملات مكثّفة للتوعية حول سرطان البروستات    20 دولة في المهرجان الدولي للمنمنمات وفنون الزخرفة    "عيد الميلاد" أداء متفرد    عاصمة الحماديّين تكشف عن موروثها الثري    سكيكدة.. إحياء الذكرى ال 70 لاستشهاد البطل بشير بوقادوم    وفد برلماني جزائري يبدأ زيارة رسمية إلى تونس لتعزيز التعاون بين البلدين    رئيس الجمهورية: الجزائر تطلق صناعة صيدلانية حقيقية وتواصل تعزيز التنمية عبر مشاريع استراتيجية    بوقرة يُقيّم الخيارات المتاحة    مشاركة قياسية منتظرة في سباق الدرب بالشريعة    سايحي يلحّ على التكفل بانشغالات المواطن    نُواصل العمل على تحسين الأمور    وزير المالية يرد على أسئلة للنواب    الوزير بوعمامة: الإعلام مُطالب بالتصدّي لحملات التشكيك    الجهود متواصلة لإنهاء تطهير العقار    وزير الصحة يبرز جهود الدولة    الرئيس يترحّم على ابن باديس    ترقية المنظومة الوطنية الصحية في الهضاب العليا والجنوب    دبلوماسية الجزائر في مجلس الأمن ساهمت في وقف حرب الإبادة    تصويت الجزائر ل"خطة السلام في غزة" لا يمس بالثوابت الفلسطينية    توقرت تحيي الذكرى ال68 لاستشهاد البطلين محمد عمران بوليفة ولزهاري تونسي    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    وردة آمال في ذمّة الله    مشاركون في المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون.. دعوة إلى تطوير الصناعة السينمائية وتحسين أدائها    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    حوارية مع سقراط    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة المرأة في فيلم رشيدة.. دلالة سيميولوجية
نشر في الحوار يوم 05 - 12 - 2008

إن الفن السينمائي، حقل إبداعي مترامي الأطراف، مشحون بالعديد من المعاني المباشرة، وبالإيحاءات والمعاني والدلالات الضمنية، وهو جزء من مظاهر الحياة اليومية للأفراد في المجتمع والسينما، لا تعمل بمعزل عن الظواهر التي يُفرزها المجتمع، وما تصوِرهُ نابع من بيئة اجتماعية، اقتصادية وسياسية، وثقافية لها خصائِصها ومميزاتها، فهناك ارتباط وثيق بين العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع بالأشكال الفنية المختلفة خاصة القادرة علي إعادة إنتاج الواقع خاصة السينما كوّنها فن تعبيري خاص، لها بنية متكاملة الشكل والمحتوي، تستهدف التعبير والتأثير بتناولها مواضيع هامة في المجتمع، وكل الظواهر التي تشغل بَال المواطن، وتسعى لكشف العلل وإزاحة الستار عن مختلف التناقضَات بتسليط الضوء علي الظواهر المتفشية في المجتمع.
والمجتمع الجزائري شهد تغيرات في كل الميادين سمحت بظهُور تشكيلات وتركيبات اجتماعية، إيديولوجية، سياسية، ثقافية، مختلفة ومتنوعة كان لها تأثير علي حياة المواطن وعلى المجتمع، بالانتقال من نسق نظام سياسي أحادي (الحزب الواحد) إلى نسق نظام سياسي تعددي. ساعد على ظهور ما يسمى بالعنف السياسي وانتشار ظاهرة الإرهاب والمشاكل الاجتماعية والذي تسبب في أحداث دموية فاقت كل التصورات، وتجاوزت كل ما تُقره الأديان، وحمل للواقع الاجتماعي الإكراه الإحباط، الخوف والقلق، أدى إلى فوضي أنهّكت كل القوي الاجتماعية، السياسية والاقتصادية. وهذا ما دفع بعدد من الباحثين إلى رصد هذه التغيرات وإلقاء الضوء عليها وما أفرزته من نتائج، ومحاولة تقديم تفسيرات من وجهة نظر مختلفة متباينة، تختلف باختلاف السياق الفكري الإيديولوجي والاجتماعي لهؤلاء الباحثين والمفكرين والفنانين. فهناك من استخدم الفن السابع ليعكس معاناة المواطنين من مختلف أشكال العنف والهمجية الإرهابية، التي كلّفت الجزائر الكثير من الخسائر البشرية، المادية والمالية. ومن بين هذه الأفلام نجد فيلم باب الواب سيتي، رشيدة، دوار النساء، المنارة، العالم الأخر....الخ فالإيحاءات والدلالات والآراء تختلف من فيلم إلى أخر وأكثر دقة من مخرج لأخر. وفيلم رشيدة للمخرجة يمينة بشير شويخ المولودة في 20 مارس 1954 في الجزائر العاصمة، و بدأت حياتها المهنية في الميدان السينمائي عام 1973 كمساعدة في إنتاج الأفلام الوثائقية وعملت في مونتاج الأفلام مع مخرجين جزائريين مثل عبد القادر لقاط، أحمد رشدي ومع زوجها محمد شويخ، إلى جانب عملها في ميدان التركيب قامت بكتابة عدة سيناريوهات. الفيلم يصور لنا فتاة تدعى رشيدة تعيش حياة بسيطة في حي شعبي في العاصمة مع والدتها، تزاول رشيدة عملها كمعلمة في مدرسة ابتدائية. وفي يوم من الأيام، تتجه إلى المدرسة وهي تمشي في شارع مملوء بالمارة في حي من أحياء العاصمة اعترض طريقها مجموعة من الشباب الإرهابيين ليطلبوا منها وضع قنبلة في المدرسة التي تعمل فيها، إلا أنها رفضت الرضوخ لمطالبهم وأبت بشّدة. وحين أصرت رشيدة على موقفها الرافض أطلق أحدهم النار عليها، ، وغادروا المكان وتركُوها لتموت ويتحول الشارع المليء بالضجيج إلى سكون عام، فالجميع أخذ موقف المتفرج ، لتُنقل بعد ذلك على جناح السرعة إلى المستشفى حيث يأتي لزيارتها أمها وخطيبها على وجهّ السرعة. يتم إنقاذ رشيدة لتخرج من المستشفى خائفة تشعر طوال الوقت بأن هناك من يطاردها وتكتشف أن الحياة قد باتت مستحيلة في العاصمة، لذا تقرّر هي وأمها مغادرة العاصمة إلى الريف لعلها تكون في منأى من هؤلاء الإرهابيين. وتستعيد رشيدة وظيفتها كمدرسة في مدرسة ابتدائية في القرية التي أقامت بها، لتبدأ في استعادة تفاصيل حياتها تدريجياً مع أمها في المدينة والتي لا تختلف كثيراً عن الحياة في إحدى الضواحي البعيدة وفي القرية، لتزداد الأحداث الدرامية تصعيداً وتبلغ ذروتها من جراء الأعمال الإرهابية، الاغتصاب، الاختطاف، القتل، العنف. وينتهي الفيلم بفاجعة و مجزرة، حيث يتحول عرس إحدى الفتيات في القرية والتي زوجت غصباً عنها إلى مذبحة للقرية بأكملها، وتنجو رشيدة بأعجوبة، إلاّ أن رشيدة تستعيدُ شجاعتها وتظهر وسط الخراب والدمار تسيير ببطء شديد وتضع جهاز الولكمان في أذنها تتوجه إلى المدرسة ويجتمعُ حولها الأطفال لتستأنف درسها وتكتب في السبورة « درس اليوم». عنوان الفيلم يحمل إشارة تعبيرية، فالاسم (رشيدة) يحل بمحتوى الفيلم، فقد وظف من أجل توصيل رسالة مفادها أن هذه المعلمة الجزائرية التي عانت من وحشية والعنف الإرهابي تمثل نموذجاً للمرأة الجزائرية التي عانت من النظام السياسي، ومن الواقع الاجتماعي المرّ ومعاناتها أيضا من الإرهاب. وما يؤكد هذا الطرح هو الخلفية التي عرض من خلالها العنوان فالمخرجة تعمدت أن تظهرها بخلفية سوداء فهذا اللون يعطي دلالة رمزية بالظلم، القهر، المعاناة. يمكننا القول، أن عنوان فيلم رشيدة له وظيفة أساسية دون غيرها من الأفكار والدلالات المختلفة، فقد سعت المخرجة لترسيخ فكرة أن موضوع الفيلم رشيدة يخص فئة اجتماعية وهي النساء، هذا ليس معناه أنه موجه فقط إلى هذه الفئة، بل تناول واقعا اجتماعيا وأمنيا مرتبطا بالمرأة الجزائرية والمخرجة متأثرة بالبيئة الثقافية الأوروبية وانتمائها إلى المدرسة الفرنسية. ومن خلال الفيلم، يتجلى أن بطلة الفيلم هي رشيدة تعمل كمدرسة وتعيش مع أمها (عائشة) في حي شعبي في العاصمة، كما سمحت لنا هذه اللقطات، بمعرفة بعض تفاصيل خبايا عمل المرأة ووضعيتها الاجتماعية في الأحياء الشعبية. ومعرفة أيضا علاقات رشيدة مع أمها ومع جيرانها وأبناء الحي أيضا التركيز الكاميرا إلى مكان أخر والمتمثل في المنزل الذي تعيش فيه رشيدة مع والدتها. وتم التركيز أولاً على الشخصية المحورية في الفيلم داخل الفضاء الأول المدرسة بلقطات مختلفة. اختارت المخرجة التعريف بالشخصية المحورية والرئيسية للفيلم وهي معلمة في مدرسة ابتدائية والتعريف أيضا بشخصية أخرى وهي مديرة في نفس المدرسة.إن التركيز على فئة النساء يحمل معاني توحي بالبناء الدرامي للفيلم وبالرسالة الفيلمية، والتي ترمز لدور المرأة في المجتمع الجزائري ومحاولتها تكريس العديد من البرامج الثقافية والتربوية ووجود العنصر النسوي في مختلف الأنشطة ومنها بدرجة أولى قطاع التربية.فالمخرجة حاولت إبراز دور المرأة وتعظيم هذا الدور من خلال اللقطات الأولى للفيلم والتي تعتبر حلقات تمهيدية واجتماعية كأن المخرجة تريد أن تقول ينبغي أن تتغير مفاهيم الرجل والمجتمع عن المرأة، وأن يؤمن المجتمع بأهمية دورها ومشاركتها في جميع القطاعات، الثقافية، السياسية الاجتماعية وحتى الاقتصادية. هذا ما يمكن ويزيد من إمكانية المرأة على رفع مستوى توقعاتها ومؤهلاتها.
(...) يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.