تسود صباح اليوم الخميس حالة من الهدوء الحذر في شوارع مدينة سبيطلة من محافظة القصرين بالشمال الغربي لتونس، بعد مواجهات بين قوات الأمن وأهالي المنطقة تواصلت إلى ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، وذلك عقب وفاة شخص داخل كشك قامت السلطات بهدمه. وكانت تونس قد استفاقت، الثلاثاء، على حادثة وفاة رجل في العقد الخامس من عمره، داخل كشك شيده لنجله بطريقة عشوائية، قام عناصر بلدية سبيطلة بتنفيذ قرار هدمه فجراً. وخلفت الحادثة حالة من الاحتقان في المدينة، أدت إلى احتجاجات بعدد من أحيائها، سرعان ما تطورت إلى حرق معدات بلدية وعجلات مطاطية وقطع للطريق، وعملية كر وفر بين المحتجين وقوات الأمن التي اضطرت لاستعمال الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وبطلب من السلطات المحلية، انتشرت الوحدات العسكرية صباح الثلاثاء أمام المنشآت الحساسة وأمام مقر معتمدية سبيطلة لحمايتها من أعمال التخريب والتكسير والاعتداءات التي طالت عدداً من الأماكن. ولتطويق الاحتجاجات وغضب عائلة الضحية، سارع رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي إلى إقالة والي القصرين ومعتمد سبيطلة وبعض كبار المسؤولين الأمنيين محلياً، فيما تقاذفت السلطات المسؤوليات. هذه الإقالات اعتبرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية "امتصاصاً متأخراً للغضب وتكريساً لصورة السلطة التي تبحث عن فاشل يبرر ضعفها وعجزها وعدم قدرتها على تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية". المنتدى حذر، في بيان له الثلاثاء، من "تعمق صورة الدولة القوية مع الضعفاء والضعيفة مع الأقوياء مما يضعف الثقة في دورها ومؤسساتها وقراراتها ويغذي الشعور بالإحباط ويدفع نحو مزيد الاحتقان الاجتماعي"، بحسب البيان. بدوره، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماعه برئيس الوزراء هشام المشيشي إلى تحميل كل طرف مسؤولياته كاملة وذلك على "خلفية الحادثة المأساوية التي حصلت فجر الثلاثاء بمدينة سبيطلة"، وفق ما أفادت الرئاسة في بيان لها. وتجددت ليل الثلاثاء، عمليات الكر والفر بين أهالي سبيطلة وقوات الأمن ولكن بشكل أقل حدة، فيما قرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالقصرين المكلف بقضية مقتل الكهل عبد الرزاق الخشناوي داخل الكشك، إيقاف رئيس فرقة الشرطة البلدية بسبيطلة، وفق ما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم المحكمة رياض النويوي مساء الثلاثاء. واعتبر مراقبون أن هذه الحادثة شبيهة بالحادثة التي حدثت في محافظة سيدي بوزيد منذ 10 سنوات أدت إلى تفجير ثورة 14 يناير 2014 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، محذرين من توسع رقعة الاحتجاجات خاصةً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي زادت جائحة كورونا من مخاطر تفاقمها.