قالت الممثلة فتيحة ورّاد إن التصنع والابتذال وراء تراجع مستوى أعمالنا المسرحية والتلفزيونية الحالية، مقارنة بنظيراتها السابقة. وقالت، في حوار مع ''الخبر''، إن التلقائية ودقة الملاحظة هما جواز سفر الممثل الحقيقي، وسر نجاح العمل الاحترافي. تعلقت بالمسرح كمتفرجة وفية وكممارسة هاوية، حدّثينا قليلا عن هذه المفارقة؟ قصتي مع المسرح تعود إلى مرحلة الطفولة، فقد كنت متفرجة وفية لمختلف العروض المسرحية، سواء تلك الموجهة للصغار أو الكبار. لقد فتحت لي الشهية لمعرفة المزيد عن خبايا الفن الرابع، بعد أن كنت مجرد هاوية في جمعية الشلف التي مكّنتني من الاحتكاك بكبار الممثلين المحترفين، ممن كوّنوني وعلموني بأن للمسرح أبجديات ينبغي التحكم فيها إذا ما أردنا صقل مواهبنا وإضفاء صبغة علمية على أعمالنا. التحقت ببناية ''بور سعيد'' لكنك سرعان ما غيّرت الوجهة، لماذا؟ غادرت المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي لظروف شخصية محضة، أحالتني قسريا على فترة نقاهة دامت سنوات طوال قضيتها في كنف أسرتي الصغيرة. ولكن، سرعان ما راودني الحنين مجددا إلى الخشبة، فكانت العودة عبر الوحدة الوطنية للتدريب والتدخل للحماية المدنية بالدار البيضاء في الجزائر العاصمة، التي انبثقت منها فرقة ''مثلث الحياة''، وهي فرقة مسرحية تضم 40 رجل إطفاء، أبذل قصارى جهدي لإمدادهم بالتجربة والخبرة التي استقيتها من أساتذتي بالمعهد وممارستي الميدانية فوق الركح، علما أن هذه الفرقة التي أرأسها منذ أربع سنوات قد قدمت عروضا قيّمة، أهمها ''132 سنة'' لولد عبد الرحمن كاكي، و''الخبزة'' لعبد القادر علولة. وها نحن اليوم بصدد وضع الرتوشات الأخيرة على مسرحية ''ثمن الحرية'' لعبد الرحمن الشرقاوي، التي ترصد تضحية المرأة الجزائرية إبان الثورة التحريرية، وذلك على مدار ساعة ونصف من الزمن وبلهجتنا العامية. بعدها، انتقلت إلى التلفزيون، ماذا أضافت لك هذه المحطة؟ إن تجربتي مع التلفزيون أعادت إليّ الثقة في النفس، وخلّصتني من الخوف والتردد اللذين شكلا لي هاجسا حقيقيا طيلة السنوات الماضية، والفضل طبعا يعود إلى المخرج الراحل جمال فزاز الذي اكتشف موهبتي ووضع ثقته فيّ، حينما عرض عليّ دورا في مسلسله ''كيد الزمن'' وأنا طالبة بالمعهد، وهي تجربة أعتز بها كثيرا رغم حضوري المحتشم فيها، جراء افتقادي للخبرة والتجربة آنذاك. ومع مرور الوقت، أخذت أشتغل أكثر على نفسي، فخلعت عباءة الخجل التي كانت تحجب طاقتي المخزونة، إلى أن بدأت صورتي تترسخ شيئا فشيئا لدى الجمهور، الذي حثني على ضرورة التحلي بالتلقائية ودقة الملاحظة، كونهما جواز سفر الممثل الحقيقي وسر نجاح العمل الاحترافي. ولعل هذا ما جعل معظم الأدوار التي تقمصتها مؤخرا تلقى صدى إيجابيا مقارنة بأدواري السالفة، منها مسلسل ''شهرى''، ''البذرة''، ''الذكرى الأخيرة''... وغيرها من الأعمال التي لمست فيها تحسنا ملحوظا من حيث الأداء. وهنا، أود الإشارة إلى أن الممثل الراحل العربي زكال قال لي يوما: ''أنت خجولة، وإن استمريت على هذا المنوال، فإنك لن تفعلي شيئا''، وهي النصيحة التي ستظل محفورة في ذاكرتي مدى الحياة.