أجمع المثقفون الذين شاركوا في ندوة ''الخبر'' التي طرحت ''إشكالية الثقافة في الجزائر''، على أن استفحال منطق ''بني عميس''، وتنامي ظاهرة التكتلات السياسية، وكذا ارتفاع نسبة الأبواق الثقافية، حال دون إنجاز مشروع ثقافي حقيقي، يزيح مساحيق التجميل عن الوجه المشوّه ل''المهازل الفلكلورية'' التي أضحت سمة قطاع الثقافة في الجزائر. وقالوا إن تغريدهم خارج سرب ''المطبّلين'' وراء عدم ظفرهم بموقع خاص في أجندة وزيرة الثقافة خليدة تومي، مرجعين أسباب غيابهم وتغييبهم إلى سياسة ''الكيل بمكيالين'' التي تنتهجها. شدّد على غياب روح المبادرة محمد ساري: ''صوت المثقف ضعيف ولا يصل إلى المجتمع'' يرى الكاتب محمد ساري أن ''إشكالية المثقف في الجزائر'' تعدّ من بين الإشكاليات المتشعبة والحساسة المطروحة بقوة في الفترة الأخيرة ''كون الحديث عن المثقف وقانونه ودوره ووظيفته، إشكالية كبيرة تناولتها كتب كثيرة، لكنها لم تفض بعد إلى حلول ملموسة''، في إشارة منه إلى أن ''صوت المثقف في الجزائر ضعيف ولا يصل إلى المجتمع، نظرا لأسباب عديدة، منها أن الكتابة وسيلة لا تصل إلى الجمهور العريض، ولا تزال مقتصرة على نخبة قليلة''. وعن علاقة المثقف بالجمهور، قال محمد ساري: ''إن المثقف الجزائري لا يبادر إلى خلق فضاءات للحوار أو طرح موضوعات للمناقشة، فإما أنه تابع لإيديولوجيا السلطة السياسية، بمعنى أن يكون بوقا ولسان حال لها، وإما أنه معارض كليا لها، أو أنه يأتي حاملا لأفكار غير أفكاره''. موضحا: ''إن المثقف الجزائري فاقد لاستقلالية أفكاره، فهو لا يملك حتى المبادرة التي تجعله يدرس المجتمع ككل، بنوع من الموضوعية والأصالة، وهي ظاهرة تنطبق أيضا على المثقف الجامعي الذي يحتكم إلى مناهج أجنبية''. ويتساءل ساري: ''هل هذه المناهج كفيلة حقا بدراسة المجتمع الجزائري ومعرفة وضعية مثقفيه؟''. ليردف متأسفا: ''إن السلطة في عهد الحزب الواحد لم تكن تسمع إلا للمثقف الذي يروّج لأفكارها، ما جعل ثقافة المثقف الجزائري سطحية، مقارنة مع نظيره المغاربي والعربي وكذا الغربي''. مفصحا: ''ينبغي على المثقف أن يقرأ الحاضر انطلاقا من الماضي حتى يستشرف المستقبل''.