بوغالي يستقبل وفدا من تندوف    الرئيس يعزّي أردوغان    بوجمعة يلتقي نظيره الموريتاني    تشييع المجاهد محمد عبد القادر طواهير بمقبرة الرويسات بورقلة    جمعيات تاريخية وثقافية... جهود متواصلة لحماية الذاكرة الوطنية وترسيخ قيم الثورة    إنتاج الجزائر من النفط يرتفع    اتصالات الجزائر تُنبّه أصحاب الفواتير    منظمات دولية تدين تصاعد القمع في المغرب    فوز معنوي.. ومكاسب بالجملة    تتويج كينيا بالمراتب الأولى للسباق    الشرطة تواصل تدخّلاتها    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    الوزير الأول يتفقد ليلاً مناطق الحرائق بتيبازة ويطمئن على العائلات المُجلية    منح 23 وسم "مشروع مبتكر" لطلبة من مختلف جامعات الوطن    تدابير عاجلة لمواجهة حرائق تيبازة الغربية وتنصيب خلية أزمة لمتابعة الوضع    السيطرة على حرائق غابات تيبازة بعد جهود مكثفة استمرت 36 ساعة    غلق مؤقت وجزئي لحركة المرور بالعاصمة    اجتماع تقني لرفع مستوى المبادلات التجارية    بن دودة: الجزائر شريك فاعل    العرابي: الشعب الصحراوي هو من سيقرّر مصيره    بلمهدي يزور معرض الحج    وزير الأشغال العمومية ينصب لجنة مرافقة ومتابعة تمويل المشاريع الهيكلية للقطاع    تفتك جائزة "لجدار الكبرى " للمهرجان الثقافي الوطني للأغنية الملتزمة    خنشلة : توقيف فتاة نشرت فيديو مخل بالحياء    إبراز ضرورة حماية المنتجات التقليدية وطرق تسويقها وطنيا ودوليا    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 69182 شهيدا و170694 مصابا    الأوضاع الإنسانية بغزة ما زالت مروعة    الجامعة العربية تعقد جلسة حول "التجويع كسلاح حرب"    قويدري يبحث فرص التعاون الثنائي مع السفير الأوغندي    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    في بيان لها حول انتشار "الجرب" في بعض المدارس    إحباط محاولة تمرير 3 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    دستور 2020 يؤسس لمرحلة بناء دولة الحكم الراشد    الرقمنة لتعزيز عمل مفتشيات العمل وتواصلها مع المؤسسات    تصدير فائض الطاقة يفتح آفاقا لتوسيع الاستثمارات    "سلام تصدير +" لدعم الصادرات الوطنية    تحديد منتصف جانفي المقبل لعودة غويري للمنافسة    ندوة دولية كبرى حول الشاعر سي محند أومحند    نحو تجسيد شعار: "القراءة.. وعي يصنع التغيير"    مساحة للإبداع المشترك    اختبار تجريبي قبل ودية أقوى مع السعودية    مقلّد الأوراق المالية في شباك الشرطة    12 مصابا في اصطدام بين حافلة وشاحنة    مدرب منتخب ألمانيا يردّ على تصريحات مازة    الجزائر وأنغولا تجمعهما مواقف مبدئية    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    أسبوع القافلة السينمائية للأفلام الثورية " من 9 إلى 13 نوفمبر الجاري    إنطلاق "الملتقى الدولي للمبدعين الشباب" بالجزائر العاصمة    جهود متميزة تبذلها الجزائر لتهيئة الظروف الملائمة للاجئين الصحراويين    آن الأوان لكشف حقيقة الاحتلال الفرنسي    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن خلدون والحكم.. أو غياب الشعب والعدل
كلام آخر
نشر في الخبر يوم 06 - 09 - 2011

يقول لي صديقي بعد نقاش طويل وعاصف حول أولوية إصلاح المجتمع أم السلطة: يبدو أننا نعتمد قوالب غربية بشكل مفرط، ومن غير النظر في إمكانية تكييفها مع واقع مجتمعنا من عدمه. وهو بذلك طرح مشكلة منهجية غاية في الأهمية. ولكن، ينبغي توضيح التالي: في الكتابة بشكل عام، هناك ثلاثة أنواع منهجية، وهي البرهانية والجدلية والخطابية. البرهانية هي كتابة أكاديمية في الغالب والخطابية للسياسيين والإيديولوجيين، أما الجدلية، فهي الصفة الغالبة على الكتابة الإعلامية. وفي كل الأحوال، فالكتابة الإعلامية لا يمكن أن تكون إلا في حالات محدودة جدا برهانية أكاديمية، حتى وإن لم تهمل الأعمال الأكاديمية، ولكن الملاحظ أن القارئ ميال أكثر في الكتابة الإعلامية للتعبير عن اهتماماته في بعدها الآني والجدلي.
المشكلة الكبرى، كما قلت لصديقي في هذا الحوار الشيق، أننا توقفنا عن مناقشة قضايانا وبكل المناهج، السلطة منعت كل تفكير يخرج عن مستلزمات إدارتها للوضع واستدامته، بل إنها عمدت وبشكل منهجي لكسر القدرة على التفكير، خاصة في إشكالية الدولة والسلطة وتعطيل كل إمكانية للتنظيم والانتظام.
على العموم، في موضوع الدولة والحكم، دعنا نعود، ما دام حاضرنا عقيم، لأحد أهم علمائنا لنرى بوضوح أنه يطرح الإشكالية بشكل لا يختلف كثيرا عنه اليوم، إنه يحدد أطراف معادلة الحكم ويحدد العلاقة التي ينبغي أن تقوم بينها. عبد الرحمن بن خلدون يقول في هذا الصدد: ''.. المُلك بالجند والجند بالمال والمال بالخراج والخراج بالعمارة والعمارة بالعدل والعدل بإصلاح العُمّال (أي الإدارة بتعبير اليوم وبشكل أخص إدارة الضرائب) وإصلاح العُمّال باستقامة الوزراء ورأس الكل بافتقاد المَلك حال رعيته بنفسه (أي تفقد أحوال الناس) واقتداره على تأديبها حتى يملكها ولا تملكه..''.
في ما أورده ابن خلدون حديث عن أطراف أربعة، المُلك والجند، المال والرعية. على أن تكون العلاقة بين هذه الأطراف قائمة على العدل وعلى محاربة فساد الوزراء، أي السلطة، لأنه لا صلاح للإدارة والعاملين فيها إذا كان رأس السلطة فاسدا.
والملاحظ أن ابن خلدون ربط بوضوح العدل ''بإصلاح العُمّال''، أي بلغة اليوم إصلاح الإدارة، بل أكثر من هذا، كلما تمعنا علم الاجتماع الخلدوني، كلما استنتجنا أنه يربط استمرار الحكم بالعدل وبالشرعية. والواقع أن الأمر منطقي، فلا شرعية إذا غاب العدل، ولا شرعية إذا تخلى صاحب المُلك، الحاكم أو الحكام، عن خدمة الرعية، الشعب. كل ما تنبه له هذه الحكمة نراه واقعا بشكل عكسي في الكثير من المجتمعات العربية. إذن، الطرف المغيّب حتى اليوم في المعادلة هو الرعية الشعب وهناك اغتصاب لسيادته، ولا يمكن انتظار أي تغيير حقيقي يذكر من دون تغيير معادلة الحكم كليا.
اليوم والبلدان العربية تعيش ''الثورة'' أو على الأقل الاحتجاج ودفع الحكام دفعا إلى التغيير، لا بد من التفكير من قبل النخب في أي دولة ينبغي بناؤها على أنقاض الدول الساقطة؟
ونرى بوضوح كامل أن هناك ثلاثة أطراف ظلت حاضرة، دعنا نقول في معادلة السلطة في بلادنا وفي الكثير من بلدان العرب. فالحكم والجيوش والمال ظلت هي أسس العمل السلطوي. الحكم وبيروقراطياته المدنية والأمنية والنفط والبنك المركزي هي الوسائل المستخدمة منذ قيام الدولة ما بعد الكولونيالية.
أما الشعب فقد ظل مغيّبا، منذ حصول هذه البلدان على استقلالها، على الأقل عن الاستعمار في شكله القديم. فالدولة في الجزائر، مثلا، ظلت تعتمد أكثر ما تعتمد على الأجهزة البيروقراطية والأمنية، وفي أحسن الأحوال على شرعية براغماتية تقوم على ما كان يسمى التوزيع، وغيّبت في الغالب العمل السياسي، سواء في إطار المركزية الديمقراطية الشكلية، أو في إطار التعددية الوهمية التي تمارس من قبل أجهزة عدد من التشكيلات التي تقوم بمهمة ما يمكن أن أسميه احتلال الهويات السياسية كلها.
اليوم والسلطة ترفض التغيير الحقيقي وهو وفق رؤية ابن خلدون يقوم على تغيير معادلة الحكم وإقامة المعادلة التي يراها هو وتراها كل أفكار الدنيا إلا أصحاب الحكم عندنا، وهي المعادلة التي يكون الشعب طرفا أصيلا فيها فهي تقف موقفا كان متوقعا منها.. إنه منطق سلطوي متمسك بسلطويته إلى آخر رمق ممكن. لهذا، فمن الأفضل لهذه السلطة وهذا النظام أن لا يفعل أي شيء، لأنه لن ينتج إلا تشويها متواصلا حتى لذاته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.