الصّحابي الجليل عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه، ولد قبل عام الفيل بعشر سنين، وأسلَم قبل أن يدخُل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الّذين أسلموا على يد أبي بكر الصدّيق وأحد العشرة المبشّرين بالجنّة وأحد الستة الّذين اختارهم عمر ليخلفوه في إمارة المؤمنين، وكان أغنى أغنياء الصّحابة. هاجر إلى الحبشة مرّتين، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينه وبين سعد بن الربيع، فقال له سعد: أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالاً، فانظر شطر (نصف) مالي فخُذه، ولي امرأتان، فانظر أيتهما أعجب إليك حتّى أطلقها لك، فقال عبد الرّحمن بن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلّوني على السوق. فدلّوه على السوق، فاشترى، وباع، فربح كثيرًا. وكان رضي الله عنه فارسًا شجاعًا، ومجاهدًا قويًّا، شهد بدرًا وأحُدًا والغزوات كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقاتل يوم أحد حتّى جرح واحدًا وعشرين جرحًا، وأصيبت رجله فكان يعرج عليها. بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى دومة الجندل، وعمّمه بيده الشّريفة وسدلها بين كتفيه، وقال له: ''إذا فتح الله عليك فتزوّج ابنة شريفهم''. فقدم عبد الرّحمن دومة الجندل فدعاهم إلى الإسلام فرفضوا ثلاثًا، ثمّ أسلم الأصبع بن ثعلبة الكلبي، وكان شريفهم فتزوّج عبد الرّحمن ابنته تماضر بنت الأصبع، فولدت له أبا سلمة بن عبد الرّحمن. توفي عبد الرّحمن، رضي الله عنه، سنة 31ه، وقيل 32ه في خلافة عثمان بن عفان، ودفن بالبقيع.