توقيف بث قناة "الشروق نيوز TV" لمدة 10 أيام بسبب مضمون عنصري    الخليفة العام للطريقة التجانية الشيخ علي بلعرابي يؤدي صلاة الجمعة بواغادوغو    الطبعة ال29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب : مشاركة لافتة للناشرين الجزائريين    توقرت: وفاة أربعة أشخاص وإصابة آخر في حادث مرور بالحجيرة    الطبعة الأولى للصالون الدولي للكهرباء والطاقات المتجددة من 17 الى 19 نوفمبر 2025 بالعاصمة    "كوديسا" تندد باستمرار الاحتلال المغربي في طرد المراقبين الأجانب من الصحراء الغربية    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    "الأونروا": الحصار الصهيوني على غزة "سيقتل بصمت" مزيدا من الأطفال والنساء    سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم صهيوني في المياه الدولية قرب مالطا    الجزائر وغانا تؤكدان التزامهما بالحلول الإفريقية وتعززان شراكتهما الاستراتيجية    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    اليوم العالمي لحرية الصحافة : أدوار جديدة للإعلام الوطني تمليها التحديات الراهنة والمستقبلية    الرابطة الثانية للهواة - الجولة ال 21: حوار واعد بين مستقبل الرويسات و اتحاد الحراش حول تأشيرة الصعود    كرة القدم بطولة افريقيا للمحليين 2025 /غامبيا- الجزائر: الخضر يحطون الرحال ببانغول    البطولة العربية لألعاب القوى (اليوم ال2): 17 ميداليات جديدة للجزائر    ربيقة يلتقي بمدينة "هوشي منه" بنجل الزعيم الفيتنامي فو نجوين جياب    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    غلق طريقين بالعاصمة لمدة ليلتين    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    البهجة تجمعنا: افتتاح الطبعة الثانية لمهرجان الجزائر العاصمة للرياضات    صدور المرسوم الرئاسي المحدد للقانون الأساسي لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية    افتتاح الطبعة الرابعة لصالون البصريات و النظارات للغرب بمشاركة 50 عارضا    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    الكشافة الإسلامية الجزائرية : انطلاق الطبعة الثانية لدورة تدريب القادة الشباب    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    وزير المجاهدين يمثل الجزائر في فيتنام ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    وصول باخرة محملة ب31 ألف رأس غنم    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    رئيس الجمهورية يتلقى دعوة لحضور القمّة العربية ببغداد    الحصار على غزة سلاح حرب للكيان الصهيوني    المتطرّف روتايو يغذي الإسلاموفوبيا    250 رياضي من 12 بلدا على خط الانطلاق    قافلة للوقاية من حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا وراء محاولة تهديم رمزية الإمام ابن باديس؟!
نشر في الخبر يوم 14 - 06 - 2013

بكثير من التطاول والاستخفاف والاستفزاز حاول الدكتور رابح لونيسي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة وهران، النيل من مكانة الإمام عبد الحميد بن باديس، في مقال نشره بجريدة “الخبر” بعنوان “من وراء التضخيم المفرط لرمزية الشيخ ابن باديس؟”.
المطّلع على المقال لابد أن تدهشه كمية التناقضات والافتراضات التي حشدها الدكتور في نصه الهجائي البائس، إذ منذ البداية لم يتحرّج من الادّعاء بأن المسؤول عن تضخيم مكانة ابن باديس في تاريخ الجزائر المعاصر هم كل من الرئيس الراحل هواري بومدين والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وزير التربية الأسبق، والشيخ عبد الرحمان شيبان، رحمه اللّه، عندما كان مفتشا للتربية ومشرفا على كتب التاريخ في المدرسة، والمشارقة الذين أرادوا إعطاء الحركة الاستقلالية والثورة الجزائرية “صبغة إيديولوجية مشرقية معينة”.
ولعل من المفجع حقا ألا يدرك أستاذ جامعي أن “المشرقية” ليست إيديولوجية ولكنها انتماء جغرافي، أما إذا كان يقصد بعبارة “الإيديولوجية المشرقية” الاتجاه العروبي أو التيار القومي العربي فالمعروف أن هذا الاتجاه كان ينطلق من أفكار علمانية، وتميزت علاقته بالتوتر، وحتى بالصدام، مع التيارات الإسلامية على امتداد العالم العربي، أما إذا كان يقصد “بالإيديولوجية المشرقية” مجموعة الأساتذة والمعلمين العرب الوافدين إلى الجزائر، في إطار التعاون في قطاع التربية، فإن هذه النظرة الاختزالية تقوم على الكثير من التدليس والخلط والتعميم، لأن تلك المجموعة لم تكن ذات اتجاه إيديولوجي واحد، فضلا عمّا في هذه النظرة الانعزالية من نكران للجميل ورائحة الفكر العنصري المقيت.
لا يقدّم الدكتور لونيسي جديدا في اتهامه لعناصر جمعية العلماء المسلمين بأنهم كانوا وراء تضخيم دور ابن باديس وعلماء الحركة الإصلاحية في المناهج الدراسية، فهذا الزعم سبق أن لاكته، طولا وعرضا، مجموعة من مثقفي التيار الماركسي والاتجاه الفرانكوفيلي في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، ويكفي الاطّلاع على آراء شخصيات مثل كاتب ياسين وعبد الرحمان شرقو ومحفوظ بنون، ومصطفى الأشرف وعبد الكريم جعاد.. وغيرهم ممن سجلوا آراءهم في مؤلفاتهم وفي حواراتهم وكتاباتهم في الصحف المعبرة عن ذلك الاتجاه الفكري والسياسي. ولكن يجدر التساؤل عن دافع الدكتور لونيسي إلى ترديد هذا الرأي وهو من ألّف، سنة 2007، كتابا بعنوان “الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد النهضة”، صدر عن دار المعرفة في سلسلة “أبطال من وطني”؟
يعيد الدكتور لونيسي، في مقاله، إحياء التهمة التي توصم الإمام ابن باديس بالدعوة إلى الاندماج، رغم محاولته اللعب على الألفاظ، باصطناع الفرق بين كلمة إدماج واندماج. ولعل من المفيد للدكتور أن يطّلع على ما كانت تكتبه صحيفة “لافوا دي زانبل” (صوت البسطاء)، لسان حال الحركة الجزائرية الاندماجية في الثلاثينيات، حيث كانت تعتبر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي يرأسها الشيخ ابن باديس، أخطر حركة في الجزائر على سياسة الاندماج، لأنها تدعو إلى تعليم اللغة العربية التي تشكّل حاجزا قويا في وجه تحقيق الاندماج!
لا ندري كيف تسنّى للدكتور لونيسي أن يجزم، بكل اطمئنان، أن الشيخ ابن باديس كان ديمقراطيا على الشاكلة الأوروبية، وأنه كان ضد نظام الخلافة، مع أن ابن باديس اعتمد على خطبة أول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق، رضي اللّه عنه، ليستخرج أسس الحكم الراشد، أو لنقل المبادئ الدستورية لنظام الحكم في الإسلام!
ومما لاشك فيه أن الإمام ابن باديس كان أثنى على الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك، ولكن ذلك الثناء لا يعني أن الشيخ ابن باديس كان علمانيا أو أنه تبنى الاتجاه اللائكي، الذي فرضه مصطفى كمال أتاتورك بالقهر على تركيا، ولكن ابن باديس يقول: “..ولكنني أرى من المناسب، ومن الواجب، أن أقول كلمة في موقفه إزاء الإسلام، فهذه هي الناحية الوحيدة من نواحي عظمة أتاتورك التي ينقبض لها قلب المسلم ويقف متأسفا، ويكاد يولي مصطفى في موقفه هذا الملامة كلها، حتى يعرف المسؤولون الحقيقيون الذين أوقفوا مصطفى ذلك الموقف”.
وهؤلاء المسؤولون هم، حسب ابن باديس، خليفة المسلمين الذي رضي أن يجلس في قصره تحت سلطة الإنجليز ساكنا ساكتا، بل متحركا في يدهم تحرك الآلة لقتل حركة المجاهدين، وكذلك شيخ إسلام المسلمين ومن معه من علماء الدين الذين كتبوا منشورا يبيح دم مصطفى كمال أتاتورك، وأيضا شيوخ الطرق المتصوّفون الذين كانوا يكلّفون أتباعهم بتوزيع ذلك المنشور ويحرّضون الناس ضد المجاهدين!
ففي الوقت الذي كان فيه أتاتورك والمجاهدون يتصدّون لعدوان الإنجليز وحلفائهم من اليونانيين والإيطاليين والفرنسيين، ويرفعون لواء الجهاد لتحرير تركيا وطرد الغزاة، كان الخليفة وعلماء السلطان يصدرون الفتاوى والمناشير الداعية إلى استباحة دم أتاتورك والمجاهدين. ولهذا أوضح الإمام ابن باديس أن “..الأتراك لم يلغوا الخلافة الإسلامية، بمعناها الإسلامي، إنما ألغوا نظاما حكوميا خاصا بهم، وأزالوا رمزا خياليا فتن به المسلمون لغير جدوى”.
ومن المعروف كذلك أن فيلسوف الحضارة، المفكر مالك بن نبي، كانت له انتقادات لاذعة لجمعية العلماء المسلمين، ولكن ذلك لا ينفي أنه كان يعتبر نفسه من العائلة الإصلاحية، فقد نشر مقالاته في جريدتي الجمعية، “البصائر” باللغة العربية و”الشاب المسلم” باالفرنسية، وحاضر في نوادي الجمعية، وقال عن الجمعية: “لقد بذلت شطرا من حياتي في سبيل الحركة الإصلاحية، وشهدت، في مناسبات مختلفة، بالفضل لجمعية العلماء التي قامت في الجزائر بنشر العلم والدين”، فمن أين أتى الدكتور لونيسي بذلك الزعم الغريب القائل بحدوث ثورة من شباب الجمعية، الذين برزوا من خلال جريدة الجمعية “الشاب المسلم” الصادرة بالفرنسية، على شيوخ الجمعية عشية الثورة في إطار صراع الأجيال؟
بقي أن نذكّر الدكتور بأنه هو الذي كتب في مؤلفه (الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد النهضة) ما يلي: “..عاد ابن باديس ورفاقه إلى وطنهم الجزائر الذي كان يعاني من سيطرة الاستعمار الفرنسي، فوجدوا شعبا يعيش في الجهل والتخلف، وكان دينه الإسلامي ولغته العربية مهدّدين بالزوال، فكيف يواجه ابن باديس هذا الواقع المر؟ عاد إلى القرآن الكريم الذي أنار له الطريق عندما قرأ الآية القرآنية التي تقول (إن اللّه لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم) فقال إن الطريق من هنا، من تغيير الإنسان الجزائري وإخراجه من الانحطاط والجهل الذي يتخبط فيه وجعله قادرا على مواجهة الاستعمار في المستقبل، وبعبارة أخرى تحضيره للثورة”.
أو لا يكون الإمام ابن باديس الذي قام بهذا العمل الجبار لإخراج الشعب من الجهل والتخلف وتأهيله ثقافيا ووطنيا للقيام بالثورة لإخراج الاستعمار الفرنسي وتحرير الجزائر من نيره، جديرا بالتكريم والتبجيل وحفظ رمزيته الايجابية في المجتمع والاحتفال بذكراه لتتذكره الأجيال المتعاقبة؟!
أو لست أنت القائل يا دكتور، في كتابك المشار إليه آنفا، “إن الأمة الجزائرية تلقّبه بمرشد الأمة وإمام البلاد وأبي النهضة”؟ فهل كنت تؤدي واجبك العلمي، كجزائري مثقف وغيور على تاريخ وطنه، بردّ الجميل لمن أناروا درب النهضة والتحرر للجزائريين، أم أنك كنت تساهم في تضخيم رمزية الشيخ ابن باديس؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.