أجهزة سكانير معطلة والمستشفيات مرادف للموت صنّف التقرير السنوي للجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان الوضع الصحي بالجزائر في الخانة السوداء، بسبب انهيار كلي لمنظومة التكفل الصحي بالمرضى خاصة في المستشفيات العمومية. ونبه إلى نزيف خطير في الخزينة العمومية إثر تعطل العتاد الطبي خاصة أجهزة السكانير، ناهيك عن تراجع نوعية الخدمة الصحية حيث يبقى المريض يصارع لوحده حتى الموت. أعطى التقرير الذي اطلعت “الخبر” عليه حيزا هاما للوضعية الصحية في الجزائر، التي حملت عنوانا عريضا يكشف عن مدى تذمر الجزائريين من مستشفياتهم وغياب تام للأطباء المختصين، ومن أهم النقائص التي تؤرق المواطنين ما تعلق بالعتاد الطبي، حيث لا تزال الكثير من المؤسسات الاستشفائية الجامعية والجوارية تعاني نقصا فادحا في العتاد، ففي الوقت الذي تبقى فيه مثلا أجهزة السكانير معطلة وتدفع بالمواطنين إلى التوجه إلى إجراء الأشعة لدى العيادات الخاصة، لا تتوفر البقية على ما يلزم، رغم أن الملايير تصرف سنويا في الشق المتعلق بميزانية التجهيز. أما فيما يتعلق بالتكفل الصحي بالمرضى الذين يتوافدون يوميا على المستشفيات، فيبقى بعيدا عن المستوى المطلوب، حيث تغيب الأسِرَّة ويعالج البعض خاصة في مصالح طب النساء والتوليد في الأروقة، في مقابل ما يعرف ب “المحسوبية” لتمكين البعض من العلاج على حساب من يحتاجون فعلا لهذه الخدمة الصحية. لا علاج كيميائي لمرضى السرطان وأحصى التقرير السنوي للجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، عدد الشكاوى التي يتلقاها يوميا فيما يخص الانهيار الكلي للمنظومة الصحية بالعشرات، ويتجاوز عددها الألف سنويا، تنحصر أساسا في “عدم التزام الأطباء والمصالح المعنية بالتكفل بمرضى الأمراض المزمنة والخطيرة، خصوصا ما تعلق بمرضى السرطان الذين تتجاوز مدة انتظارهم لموعد العلاج الكيميائي ستة أشهر والسنة أحيانا”. وأضاف التقرير “هذه الفئة من المرضى لم نستطع أن نقدم لها أي وصف لأنها تموت في صمت، وسط تجاهل كبير لوزارة الصحة لهم”. والأخطر من ذلك فإن “الاستعجالات الطبية أصبحت النقطة السوداء والتي لا يمكن السكوت عنها، بالنظر إلى أنها تغرق في الفوضى وسوء التسيير وتعاني الكثير من المصالح غياب النظافة وانتشار عدوى بالأمراض والفيروسات”. وفي تعليقه على ما تضمنه التقرير، قال رئيس اللجنة فاروق قسنطيني “لا يمكن الاستمرار في مثل هذه الوضعية الخطيرة، لأن قطاع الصحة يصرف عليه سنويا ملايير الدينارات فيما يخص اقتناء العتاد والأدوية”. بالإضافة إلى هذا، لا يزال القطاع يشهد حالة من العصيان التي يشنها الأطباء ومستخدمو شبه الطبي، بسبب عدم تمكينهم من حقوقهم، ما ينعكس بشكل سلبي على الخدمة الصحية والتكفل بالمرضى. وحذر فاروق قسنطيني من حرمان سكان المناطق الداخلية والجنوب من الأطباء المختصين، ما يجعل المرضى مجبرين على تحمل عناء التنقل نحو العاصمة تحديدا، ويبقى مستشفى مصطفى باشا الجامعي الأكثر استقبالا للمرضى ما جعله يعاني من ضغط رهيب. وأضاف “لا يمكننا الاستمرار في مثل هذه الوضعية وأن يموت الجزائريون في مستشفياتهم بسبب نقص العتاد الذي يسرق ويتلاعب به، وارتكاب الأخطاء الطبية غير المقبولة أساسا”.