أفاد المحامي والناشط السياسي مقران آيت العربي أن المجلس الدستوري هو الجهة الوحيدة المخولة بالتثبت من حقيقة المانع الصحي الذي يحول دون ممارسة رئيس الجمهورية مهامه. وإن لم يفعل لا توجد، حسبه، أية مؤسسة تستطيع إلزامه بالاجتماع لهذا الغرض بالوسائل الدستورية. خاض آيت العربي في صفحته على فايسبوك في موضوع تفعيل المادة 88 من الدستور الذي أثير بناء على المشهد الذي ظهر عليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أثناء تأدية في 28 أفريل الماضي، فقال إن تطبيق المادة “يقتضي توفر الشروط الدستورية والسياسية”، داعيا إلى الابتعاد عن المزايدات السياسية السياسوية حتى نكون في مستوى الطّرح، لأن الشعب يريد طبقة سياسية في السلطة والمعارضة قادرة على الاستجابة لمطالبه وتحقيق أهدافه بالوسائل السلمية”. وسرد الناشط الحقوقي نص المادة المثيرة للجدل الذي يفيد بأن المجلس الدستوري يجتمع وجوبا في حال استحال على رئيس الجمهورية ممارسة مهامه بسبب مرض خطير ومزمن. وبعد أن يتثبت المجلس من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. ثم يعلن البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه”. وتساءل المحامي بناء على قراءة النص “من له سلطة إخطار المجلس الدستوري؟ وكيف يمكن للمجلس الدستوري أن يتثبت من حقيقة هذا المانع ؟ وإذا لم يجتمع المجلس الدستوري ليقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع، هل أسند الدستور مهمة تفعيل الإجراءات لمؤسسة أخرى؟”. ويقول مقران آيت العربي إن المجلس يجتمع وجوبا “ولا يحتاج لأي إخطار”. أما عن كيفية التثبت من المانع، فيقول إن ذلك يتم “بكل الوسائل الملائمة ومنها التقارير والشهادات والفحوصات الطبية، ولم يضع له الدستور شروطا لذلك”. وشكك آيت العربي في إمكانية حصول إجماع بين أعضاء المجلس الدستوري فيما يتعلق برفع اقتراح التصريح بثبوت المانع إلى البرلمان، إذ قال “حتى في حالة مبادرة رئيس المجلس الدستوري، فهل يمكن الحصول على الإجماع نظرا لطبيعة تعيين أعضاء هذا المجلس؟ وإذا حدثت معجزة واجتمع المجلس واقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع، فهل يمكن للبرلمان أن يعلن ذلك بأغلبية ثلثي الأعضاء نظرا للأغلبية الرقمية المصطنعة في المجلس الوطني ومجلس الأمة، والتي تتحكم فيها السلطة الحقيقية؟”. ومعروف أن المجلس الدستوري يتكون من 9 أعضاء بمن فيهم الرئيس: ثلاثة منهم يعينهم رئيس الجمهورية و4 يمثلون غرفتي البرلمان مناصفة، وواحد يمثل المحكمة العليا وواحد مجلس الدولة. ويعتقد آيت العربي إن طبيعة هذه التركيبة لا تدفع إلى الاعتقاد بأن المجلس يمكن أن يجتمع ليخوض في حالة الرئيس الصحية، ولا البرلمان الذي تسيطر عليه أغلبية موالية للرئيس يمكنه أن يجتمع ليتعاطى مع هذا الأمر. وتوجد سوابق في هذا المجال حسب آيت العربي، فالمادة 177 من دستور 1976 تتحدث عن المانع الصحي، ولكن رغم مرض الرئيس هواري بومدين عام 1978، لم يتم تفعيل إجراء ثبوت المانع من طرف اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الدولة آنذاك). وعقد المحامي مقارنة بما هو موجود في الدستور الفرنسي، إذ تنص المادة 7 منه بأن الحكومة هي التي تطلب من المجلس الدستوري أن يعلن أن رئيس الجمهورية في حالة استحالة ممارسة مهامه، ثم يقرر إعلان ذلك بالأغلبية المطلقة وليس بالإجماع الذي يشترطه الدستور الجزائري، بحسب ما كتبه آيت العربي الذي أضاف أن المادة 7 من دستور 1958 الفرنسي لم تفعل في حالتين ولأسباب سياسية: الأولى في مرض الرئيس جورج بومبيدو عام 1974، والثانية في مرض الرئيس فرانسوا ميتران عام 1995. وأفاد الناشط الذي كان عضوا بمجلس الأمة واستقال، مستغربا أن المادة 88 لم تفعل عندما كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مستشفى فال دوغراس، ولم تُفعَّل أيضا لما قيل إنه في فترة نقاهة في باريس، “فكيف يمكن تفعيله وهو في قصر الرئاسة بالجزائر؟!”. وقال أيضا “لقد قبل المجلس الدستوري ملف ترشح الرئيس للعهدة الرابعة وأعلن نجاحه رسميا، وأدى اليمين الدستورية. فكيف يمكن تفعيل هذه المادة في اليوم التالي لأداء اليمين دون أي جديد يذكر!؟”. وأضاف “مادامت القوى الفاعلة في السلطة وفي النظام بصفة عامة متفقة صراحة أو ضمنيا على العهدة الرابعة، وما دامت القرارات الحاسمة في يد السلطة الحقيقية، فعلى قوى التغيير أن تبحث عن حلول سلمية أخرى. ويتم التوصل إلى هذه الحلول بعد نقاش عام حول القضايا الجوهرية، وليس عن طريق لجنة (حنا في حنا) كما تفعل السلطة”.