معرض التجارة البينية الإفريقية: نتائج طبعة الجزائر تؤكد استعادة إفريقيا لزمام المبادرة الاقتصادية    ابراهيم غالي: على المجتمع الدولي الضغط على المغرب لإنهاء احتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية    وضع خارطة عمل واضحة تقوم على دعم مبادرات جمعيات ذوي الهمم    الدخول المدرسي : أسبوع وطني للصحة المدرسية من 21 إلى 25 سبتمبر الجاري    زخم اجتماعي وتربوي لتعبيد طريق النجاح للأبناء    حزب العمال يعقد دورته العادية للجنة المركزية ويؤكد أولوية قضايا الشباب    الجزائر: العدوان على الدوحة استهداف لوسيط يعمل من أجل السلام    باتنة.. أطلال سجن النساء بتفلفال تروي فصول الهمجية الاستعمارية    نتنياهو يعلن الحرب على العالم    انطلاق التسجيل في أقسام التربية التحضيرية والتسجيل الاستثنائي في السنة الأولى ابتدائي بداية من يوم 28 سبتمبر المقبل    الجزائر تحتفي بإبداعات شبابها المتوجين في "الأيام الإبداعية الإفريقية – كانكس 2025"    مشروع منجم الزنك والرصاص بتالة حمزة: رهان استراتيجي لتنويع الاقتصاد الوطني    مركز جهوي حديث بقسنطينة يعزز مراقبة شبكات توزيع الكهرباء بشرق البلاد    مشاريع سينمائية متوسطية تتنافس في عنابة    «نوبل للسلام» يقين وليست وساماً    خيانة المخزن للقضية الفلسطينية تتواصل    مؤسّسة جزائرية تحصد الذهب بلندن    بقرار يتوهّج    آيت نوري ضمن تشكيلة أفضل النجوم الأفارقة    نجاح جزائري إفريقي    أفريكسيمبنك مستعد لدعم مشاريع تقودها الجزائر    دورة برلمانية جديدة    مرّاد يستقبل نائب وزير صيني    علب توضيب اللّمجة تغزو المحلاّت وتستقطب الأمّهات    مقرمان يلتقي أبو غفة    الحلم الإفريقي يولَد في الجزائر    المنتدى العالمي للبرلمانيين الشباب: إبراز مميزات النظام البرلماني الجزائري وآليات عمل غرفتيه في صياغة القوانين    انطلاق حملة تنظيف المؤسسات التربوية بالعاصمة استعدادا للدخول المدرسي    الديوان الوطني للحج والعمرة يحذر من صفحات مضللة على مواقع التواصل    الخارجية الفلسطينية ترحب باعتماد الجمعية العامة مشروع قرار يؤيد حل الدولتين    تجسيد ملموس لريادة الجزائر الاقتصادية في إفريقيا    تدابير فورية لمرافقة تصدير الإسمنت والكلنكر    الاحتلال ينتهج سياسة "الأرض المحروقة" في غزّة    الهجوم الصهيوني يضع النظام الدولي أمام اختبار حقيقي    ورقة عمل مشتركة لترقية علاقات التعاون بين البلدين    أمواج البحر تلفظ جثّةً مجهولة الهوية    مخيَّم وطني لحفَظة القرآن وتكريم مرضى السرطان    الفنان التشكيلي فريد إزمور يعرض بالجزائر العاصمة "آثار وحوار: التسلسل الزمني"    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    المكمّلات الغذائية خطر يهدّد صحة الأطفال    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    الرابطة الأولى "موبيليس": فريق مستقبل الرويسات يعود بنقطة ثمينة من مستغانم    مسابقة لندن الدولية للعسل 2025: مؤسسة جزائرية تحصد ميداليتين ذهبيتين    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    بللو يزور أوقروت    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النشرة" تروي صراع صالح باي مع شيوخ الزوايا
الوليّ الذي تحولإلى غراب ومكث بأعالي قسنطينة
نشر في الخبر يوم 08 - 03 - 2015

تعد “النشرة” من الموروث الشعبي الذي تأصل في المجتمع القسنطيني، وحظي بشعبية كبيرة لعقود وظل سمة تعبّر عن إحدى خصوصياته، و”النشرة” عبارة عن طقس يمارس على الأقل مرة في السنة، أو كلما كان الاحتياج له ضروري، بناءا على نذر أو إحياء ذكرى الشيخ “محمد لغراب” أو بهدف تحقيق الأماني، وقد حاربتها جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسها العلامة بن باديس واعتبرتها صنف من أصناف الطرقية.
سيدي محمد لغراب وحسب ما ورد وروي، هو شيخ من زاوية “الشطابة” التي حظيت بالاحترام الكبير، يدعى محمد الزواوي الحنصالي، كان على خلاف مع صالح باي بايلك الشرق آنذاك، حسب ما ذكره المؤرخون، وهذا بسبب معارضته لبعض مواقفه، وقد أصدر الباي قرارا بقطع رأسه بعد أن احتد الخلاف بينهما كون الباي أصبح يرى أن الزوايا خطرا على حكمه. ورددت عديد الروايات والأساطير التي تتحدث عن “محمد لغراب”، إلا أن الشائع منها يقول إن صالح باي أمر جيشه بالقبض على الشيخ محمد زواوي، الذي كان يمكث في جبل الشطابة بعد إصدار حكم إعدامه، بحجة أنه كان يدعو للتمرد ضده، وقد دعا عليه أمام الملأ، فقطع رأسه في الوقت الذي طارت فيه جثته بعد أن تحولت إلى غراب وحطت بحدائق أو “جناين” صالح الباي على أنها نذر شؤم، وهو ما دفع بالباي إلى تأسيس ضريح له بعد أن ندم على ما فعلته، أصبح يسمى ضريح “سيدي لغراب”. وهناك الكثير من الأساطير فنّدتها النظريات العقلية، في حين أكد بعض المؤرخين، أن الصراع حقيقة كان بين صالح باي والطرق الصوفية في عهده والتي كانت تهدد حكمه، حيث قطع رأس هذا الشيخ لاسترجاع هيبته، ثم بنى له ضريحا بالمنطقة، حيث يتواجد قبره هناك، بعد أن أدرك خطأه، إلا أن الأسطورة انبثقت من العدد الهائل من الغربان التي تحوم على صخور قسنطينة وتداولتها العامة من الشعب، يراها رمزا من رموز المدينة الخالدة وهي قسنطينة القديمة.

جمعية العلماء المسلمين صنّفتها بدعة
حاربت جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسها الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس، الطرقية بجميع اتجاهاتها بما فيها هذه العادات المترسخة في المجتمع آنذاك، وكان يسميها الشيخ بن باديس بالاستعمار الروحي، الذي يمارسه شيوخ الزوايا، حيث اتهمتهم جمعية العلماء المسلمين لعدة مرات بالتضليل وصنفت “النشرة” ب«بدعة” يجب القضاء عليها لتحرير العقول، حيث دعت الجمعية في عديد خطاباتها إلى أنه يجب محاربة هذه الطقوس لتطهير عقيدة التوحيد، لأن الأولياء هم مخلوقات لا تضرّهم ولا تنفعهم ولا يجب ممارسة النذور عنهم بحجة التقرب إلى الله أو الصدقة للشفاء من مرضهم.

نذر طويل ينطلق من لالة فريجية إلى سيدي لغراب
تنقلت “الخبر”، إلى المناطق التي كانت عادة “النشرة” أو “الزيارة” تتخذها كمسار من أجل الوصول إلى آخر محطة وهي منطقة “سيدي لغراب” وتؤدي طقوس بها كانت منتشرة جدا، إلى أواخر السبعينات، حيث كان الانطلاق من مكان “لالة فريجية” وهي امرأة كانت موجودة سنوات 1750 وكان يشاع أنها امرأة روحانية تشفي المرضى وعلى يدها البركة، حيث اتخذت لنفسها حيزا على شكل “قرابة” بمحاذاة عين يقال إنها شافية بمنطقة الحي الشعبي”عوينة الفول” أسفل فندقي “أبيس” و”نوفوتيل”، حاليا اندثرت وتحولت إلى أكوام من الأتربة، وبمسافة صغيرة عنها يوجد “مزار سيدي ميمون” يعود تاريخ تواجده إلى سنة 1770، قيل إنه وليّ صالح يشفي جميع المرضى دون استثناء بنفس طريقة “لالة فريجة” وهو إنسان ذو علم ودين، حيث لا تزال بعض بقايا مزاره قائمة، وإنما تحول إلى وكر لشرب الخمر، إلا أنه محافظ على خصوصياته، وهو على شكل مغارة صغيرة محاطة من كل الجوانب، ولها باب شبه دائري للخروج والدخول.
وقد كانت النقطة الثالثة في المسار هي أسفل الجسر، حيث يرقد “سيدي مسيد” وتصب كل العيون الشافية بالقرب من ضريحه الذي بني على أنقاضه مسبح، وفي الطريق عبر منطقة المنية نصل إلى “سيدي بولجبال” في الجهة الشرقية لمنطقة حامة بوزيان، وهو مزار آخر قبل الوصول إلى “سيدي لغراب”، حيث كانت العائلات التي تمارس هذه العادة تذبح “زوج من الحمام”، ويترك هناك وربما كان يقصد به الصدقة، فيما يفسره البعض أنه سلوك خارج عن أصول الدين، حيث كان يشرف على إدارة هذه العملية التي كانت تسمى “النوبة” رجل كان يدعى” المقدم” معنى النوبة هو وضع العطايا والمنح والهدايا والحيوانات التي يتم ذبحها لتوزيعها على الفقراء، والنقطة الأخيرة للنشرة هي “سيدي لغراب” أين يرقد ضريح هذا الشيخ رفقة مجموعة من أفراد عائلة قديمة في قسنطينة وهي عائلة “بن جلول”، وهو مكان لا زال يحافظ على شكله القديم بعض الشيء.

محافظة قسنطينة تبرمجها للترميم
في مقام “سيدي لغراب” تجتمع العائلات التي تنحدر من قسنطينة ومن الولايات المجاورة على مدار يوم كامل، خاصة المتعودين على ما يطلق عليه في قسنطينة “رمي النشرة” من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، حيث يتم زيارة ضريح “سيدي لغراب” الذي يعطّر مكانه وتوضع فيه أنواع البخور والعنبر، حيث يتداول الحاضرون على زيارته والدعاء له والتبرك عنده من أجل أن يشفى المريض أو تحقيق الأماني ومن أجل إحياء ذكراه وكل حسب نيته، ثم تتوجه هذه العائلات إلى أحواض مائية موجودة في شبة مغارات للاستحمام هناك بالنية التخلص من الأمراض والعاهات، بحجة أن المياه شافية من عند الله، بعد ذبح القرابين أمام الجميع وتوزيع الحلويات التقليدية وتنتهي بوضع الحنة بحضور فرق العيساوة والوصفان، وفي الأخير تطهى الأطعمة وتوزع في “المتارد” على كل الحاضرين الذين يعج بهم المكان، بفصل النساء عن الرجال، وعند مغادرة المكان يترك كل ما تم التصدق به لتوزيعه على الفقراء والمساكين. بما أن “النشرة” ظلت من العادات والتقاليد القديمة للعائلات القسنطينية، استفاد ضريح “سيدي لغراب” وبعد عملية إحصاء للمواقع الأثرية من قبل لجنة خاصة، من برنامج للترميم في إطار مشاريع الحفاظ على التراث المادي الذي أقرته وزارة الثقافة، وإعادة الاعتبار له لأنه يعبّر عن ثقافة هذه المدينة في سنواتها السابقة، حيث كشفت محافظة التظاهرة عن فكرة تخصيصه في بعض النشاطات العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.