استنفرت الرسالة التي بعث بها الرئيس بوتفليقة إلى قائد أركان الجيش، الفريق ڤايد صالح، الطبقة السياسية، التي أجمعت على واجب ”حماية البلاد”، بينما رأى جزء منها أن ”تدخل الرئيس كان متأخرا”. قالت الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، نوارة سعدية جعفر، إن رسالة الرئيس إلى قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق ڤايد صالح، أول أمس ”أثلجت صدري”، وقالت إن الرئيس برسالته ”أراد وضع حد للتطاول على المؤسسة العسكرية”، وتابعت ”إن المؤسسات الإستراتيجية للبلاد خط أحمر، والديمقراطية لا تعني الوصول إلى مؤسسات حساسة”. وترى نوارة جعفر أن هكذا ملفات ”لا يمكن أن تنزل إلى الشارع، نحن لم نسترجع الاستقرار إلا بدفع الثمن غاليا، والأمين العام للحزب أكد على هذا مرارا خاصة في الاجتماع الأخير، والمؤسسة العسكرية، بفضلها حافظنا على الاستقرار وتقف الآن ضد الأعداء المتربصين، خاصة في ظل محيط يشتعل”، والجهاز الذي كان محل جدال مؤخرا قدم تضحيات جساما ومازال يقدمها في ظل تردي الوضع على الحدود”. وقال الأخضر بن خلاف، النائب ومسؤول التنظيم في ”جبهة العدالة والتنمية” إن رسالة الرئيس إلى الفريق ڤايد صالح ”جاءت متأخرة بناء على الصراع القائم في أعلى هرم السلطة”. وطرح بن خلاف سؤالا: ”هل هو صراع حقيقي أو وهمي بمناسبة الرئاسيات؟”، وأضاف ”تمنينا من الرئيس باعتباره كذلك وزيرا للدفاع أن يتدخل من قبل لوضع حد للصراع القائم الذي بدأ بالكلام ووصل إلى أكياس القمامة وسيصل إلى أمور أخرى في المستقبل إذا لم تتوقف مثل هذه المهازل”. ويرى المتحدث أن ”هذه المهازل على علاقة مباشرة بالعهدة الرابعة، وقد وصلنا إلى مرحلة لا تطاق ولو أن الأمر يتصل بالرئاسيات ولكن إن تكسر المؤسسات بهذا الشكل فالأمر سيزيد من فقدان الشعب للأمل، وقد ينزل الصراع أعلى هرم السلطة إلى مستويات يصعب التحكم فيها، خاصة أن الصراع ظهر بين الذين يغطون على الفساد وبين من يملكون ملفات الفساد، وما صرح به الجنرال حسين بن حديد ل”الخبر” بالأرقام على أن الصراع الدائر حول موضوع الفساد وذكره الأرقام المخيفة تلك (37 مليار نهبت و12 مليار حولت) يدفع إلى ضرورة أن تتحرك العدالة”، وتابع بن خلاف ”الأمور تنذر بفتنة وخطر كبير، كما أن رسالة الرئيس قد تهدئ الأمور، لكن إلى حين فقط، وهناك من يريد أن يبيّض إنجازات العهدات الثلاث للرئيس والتي اتسمت بالفساد والفشل”. ولا يعتبر عضو المكتب السياسي المكلف بالاتصال، في حزب جبهة التحرير الوطني، سعيد بوحجة، أن الرئيس بوتفليقة استهدف شخص سعداني في حديثه عن ”تهجم على الجيش”، وقال بوحجة ل”الخبر” إن ”الرئيس بوتفليقة كان يستهدف جل الطبقة السياسية وليس شخصا بعينه، بدعوته إلى عدم إقحام الجيش في أمور لا تخصه، على غرار إقحامه في مسائل حزبية ضيقة، وبعدم اعتماد السياسة كأداة لقضاء مآرب حزبية وحتى تتخندق المؤسسة العسكرية في مهامها الدستورية”. وقال الأمين العام لحركة ”النهضة” في ندوة صحفية عقدها أمس، ردا عن سؤال حول رسالة الرئيس لقائد أركان الجيش ”طالبنا من قبل الرئيس أن يتكلم عن الوضع في البلاد وتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، والرئيس هو وزير الدفاع الوطني كان عليه الدفاع عن المؤسسة قبل هذا الوقت، وليس اليوم بعد أن وصلت الأمور إلى التعفين”. وقال دويبي إن ”مبدأ النهضة هو انتقاد السياسات دون التجريح في الأشخاص والهيئات، لقد طالبنا من قبل منذ عهد السرية بضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن الاستغلال السياسي والصراعات السياسية وأن تتفرغ المؤسسة العسكرية للمهام الدستورية”. ودعت ”حركة البناء الوطني” التي يرأسها أحمد الدان، إلى ضرورة ”حماية البلاد من التهديدات التي تحيط بها ويعيد للجزائر دورها الإقليمي الفاعل من خلال حماية مؤسساتها الاستراتيجية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والجيش الوطني الشعبي للقيام بمهامها وأدوارها الاستراتيجية وعدم إلهائها في المعارك الوهمية”. من جهته ثمّن حزب ”تاج” عاليا ما جاء في الرسالة القوية والحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إزاء الوضع الحالي وما شابه من بعض التصريحات والتراشقات أفرزت أجواء مشحونة تعكر محطة الرئاسيات القادمة”. وجدد حزب عمار غول التأكيد على ما ذكره في مواقفه السابقة وبكل وضوح إزاء هذه التصرفات، فإنه اليوم يعتبر وحدة الجيش الوطني الشعبي وكافة مؤسسات الدولة صمام الأمان والضمانة الأساسية لتعزيز أمن واستقرار البلاد، داعيا في هذا الصدد الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، المترشحين، المجتمع المدني، وأسرة الإعلام إلى تغليب مصلحة الوطن، والعمل على تدعيم مكاسب الأمن والاستقرار بعيدا عن الإثارة والتهويل وتأجيج الصراعات”.