المرافقة النفسية لعدم العودة إلى الإجرام    المجلس الإسلامي الأعلى : الدكتور عبد الرحمن سنوسي يعرض بالبحرين تجربة الجزائر في توطين الصيرفة الإسلامية    صالون "باتيماتيك" 2024 : افتتاح الطبعة ال 26 بمشاركة أكثر من 900 عارضا    التوعية بمخاطر الأنترنت تتطلب إدراك أبعادها    المتحف الوطني للمجاهد: ندوة تاريخية إحياء لرموز الكفاح الوطني ضد الاستعمار الغاشم    السيد بلمهدي يشرف على يوم تكويني لفائدة المرشدين الدينيين المعنيين ببعثة حج 2024    يوم برلماني غدا الاثنين حول "واقع سياسة التشغيل في الجزائر"    النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية خلال أشغال القمة الإسلامية (15) لمنظمة التعاون الإسلامي    صدور مرسوم تنفيذي يتضمن إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    فلسطين: ارتفاع حصيلة الشهداء جراء العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و683    الأيام السينمائية الدولية بسطيف : تقديم العرض الشرفي للفيلم الثوري "الطيارة الصفراء"    مظاهرات حاشدة في عواصم عالمية تنديدا بالعدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة    الصحة العالمية: هجوم الكيان الصهيوني على رفح قد يؤدي إلى "حمام دم"    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    بطولة إفريقيا للسباحة المفتوحة أنغولا-2024: الجزائر تحصد 6 ميداليات من بينها 3 ذهبيات    مركز عربي إفريقي يُكرّم تبّون    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    البكالوريا.. العدّ التنازلي    الوزير الأول يلتقي بالرئيس السنغالي    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ينوه بنتائج الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مباشرتها    بلمهدي: توفير قرابة 2000 سكن وظيفي للائمة قريبا    رئيس الجمهورية يقرر التكفل بالحالة الصحية للفنانة بهية راشدي    هذه توجيهات وزير المالية للبنوك..    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    ميلة: قافلة طبية لعلاج المرضى بسيدي مروان    إعادة فتح جسر كيسير أمام حركة المرور    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    الإعلام والمساجد لمواجهة خطر الوسائط الاجتماعية    الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    تحضير المراسيم الجديدة الخاصة ب"عدل 3"    "طوفان طلابي" مؤيد لفلسطين يجتاح أرقى جامعات العالم    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    4 شعب تتصدر النشاط وهذه هي "وصفة" تطوير الإنتاج    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    توقيف 15 شخصا أضرموا حريقا عمدا بحي رأس العين    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غوص في تحولات المجتمع واضطهاد المرأة
«تشرّفت برحيلك» لفيروز رشام
نشر في المساء يوم 17 - 06 - 2017

تغوص الكاتبة الأكاديمية فيروز رشام في أوّل أعمالها الروائية «تشرفت برحيلك» في أعماق مأساة المجتمع الجزائري مع الإرهاب في التسعينيات، عبر قصة بطلتها فاطمة الزهراء التي لخصت معاناتها ومصيرها أوجاع كل المجتمع، في لحظة تحوّل مريب انقلبت فيه كل المعايير والقيم، وتعيد أحداث الرواية التي تنطلق كرونولوجيا مع بداية التسعينات مع ما يرمز له هذا التاريخ في صيرورة مسار المجتمع الجزائري، تشكيل بداية المأساة التي مست كل شرائح المجتمع.
تتقصى الكاتبة في هذا العمل السردي الإرهاصات الأولى لهذه المرحلة الدموية، التي هزّت كيان المجتمع على لسان بطلتها فاطمة الزهراء، التلميذة التي تحضر بجدّ لشهادة الباكالوريا على وقع حلم الالتحاق بالجامعة والانطلاق إلى آفاق واعدة.
وسط الفرحة والبراءة تلوح بوادر تغييرات غريبة عن المجتمع، تتجلى في أبسط أمور الحياة اليومية من ملبس وطريقة التعامل إلى تغيّر مفاهيم ومنطق الأشياء، ومن منزل بطلة الرواية الذي يرمز للعائلة الجزائرية البسيطة والمكتفية ذاتيا والمستقرة التي تشبه الكثير من الأسر، يبدأ التحوّل الذي يظهر أيضا في شوارع وأماكن العبادة والمدارس في تلك المدينة الصغيرة.
تصف الكاتبة ذلك التحول بقولها «في الأسابيع الموالية، بدأ أخي فؤاد يتغيّر (24 سنة)، ترك الدراسة بمحض إرادته قبل أن يكمل تعليمه الأساسي ولا شغل له سوى مراقبتي أنا وأختي جميلة، وإصدار الأوامر لنا وترصّد حركاتنا»، لكن وتيرة الأحداث تتفاقم بسرعة وتنتقل الأهوال من الشائعات إلى الواقع اليومي الذي يصبح ويمسي على وقع أخبار الاغتيالات وأبشع الجرائم في ديكور سريالي، فاقت بشاعته أفلام الرعب.
تواصل الروائية إعادة تلك الذكريات القاسية إلى أذهان من عايشوا الفترة من خلال سيرة لفاطمة الزهراء الحزينة، التي تأخذ طول صفحات الرواية (244) أبعادا تراجيدية بعد أن تتبخر كل أحلامها في اللحاق بالجامعة أمام معارضة أخيها فؤاد الذي التحق بالجماعات المسلحة وأصبح يفرض أهواءه على كل من في البيت.
وبدأ مصير فاطمة الزهراء ينحرف عن هدفها ويتلاعب به جبروت أخويها، حيث التحق رشيد أيضا بركب أخيه ولم يعد بقدرة والدها الذي دفع دوما عن بناته عمل أيّ شيء.
وتستمر الكاتبة في تشريح التقلّبات التي عرفها المجتمع خلال تلك الأحداث الدامية، عبر التطوّرات المأسوية التي طرأت على حياة بطلتها التي تتضاعف أشجانها ومعاناتها بعد تزويجها من غريب أقرب إلى الوحش الآدمي، استغل شبابها وصحتها ومالها، فكان يأخذ كل راتبها من وظيفتها في التعليم ويتركها تعيش كمتشردة، ولما تصاب بمرض خبيث يرمي بها للشارع ويأتي بزوجة أخرى.
ونقرأ في الرواية «.. انتظرت أن يعيد لي دفتر الشيكات والمال، لكنه لم يفعل وحسبته مجرد نسيان بعد يومين ذكرته بالأمر، فانفجر في وجهي؛ وماذا ستفعلين بالمال ستجوبين الشوارع كمن لا تملك من يتحكّم فيها هذا ثمن أكلك وشربك أم انك تعيشين مجانا»؟.
«تشرّفت برحيلك» مرافعة عن حقوق المرأة وتكريم لتضحياتها وصمودها في وسط مجتمعي ذكوري وقمعي، استغله بعض أفراده وعاء لتفريغ عقدهم، كما ترصد كل التغيرات الاجتماعية والسلوكية والنفسية التي حدثت في المجتمع الجزائري خلال العشرية السوداء، مخلفة أثارا عميقة في نفوس الضحايا.
ومع ذلك، فإنّ شخصية فاطمة الزهراء التي تربت وسط عائلة محافظة تقدس الروابط الأسرية وتحترم التقاليد والأعراف، لم ترضخ للظروف ولم تكن ضعيفة ومستسلمة، بل كانت مقاومة على طريقتها، فاحترامها وحبها لوالدها جعلها تتقبل الوضع بدليل رفضها الهروب مع الرجل الذي أحبته، ومع أنّ في ذلك خلاصها، ولم تخل الرواية من نماذج نساء قويات فرضن أنفسهن، رغم الصعاب، على غرار صديقة البطلة سعاد.
وقد لقيت رواية «تشرفت برحيلك» الصادرة عن دار فضاءات الأردنية صدى طيبا في الأوساط النقدية، وكانت الرواية جريئة ومفعمة بالمواقف والعواطف الإنسانية في نقلها لمعاناة المرأة في فترة عصيبة استفحل فيها التطرّف الديني، وعلى غير المسار الرمادي للنص، تنهي الكاتبة أحداث الرواية بجعل بطلتها تلتقي في الأخير بحبيبها طارق في «لحظة» يصعب تفكيك رموزها، ليبقى السؤال عالقا «هل اللقاء حدث فعلا أم هو حلم طالما راود البطلة».
للإشارة، فيروز رشام أستاذة محاضرة في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة البويرة، لها مشاركات بحثية ونقدية وصدر لها كتاب نقدي بعنوان «شعرية الأجناس الأدبية في الأدب العربي: دراسة أجناسية لأدب نزار قباني».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.